من يراقب تصريحات نواب وقادة دولة القانون لا يجد مفراً من أن يفغر فاهه تعجباً، فالسادة الأكارم ما فتئوا منذ أن حظى المالكي بموافقة الصدريين على ترشيحه، بدأوا بما يمكن لنا أن نسميه سعياً مستميتاً لتحريك كرة ثلج الحكومة، فلا تجد أحداً منهم إلا ويوحي للآخرين بان الكرة قد تحركت وأن المسارع للبيعة وحده من سيغنم، والمتأخر سيفوته القطار، تصريحات المالكي بأنه سوف يشكل الحكومة خلال اسبوع (منذ اكثر من عشرة أيام) وتصريحات حسن السنيد المتكررة والتي يطالب الكتل السياسية كافة أن تتقدم بقائمة مرشحيها لغرض استلام المناصب، وتصريحات خالد الأسدي بأن الأمر بات محسوما، فيما تصريحات كمال الساعدي اليوم تأتي متأخرة بعض الشيء عن الركب وكأنه للتو صحا من النوم حينما قال بأن دولة القانون تجاوزت مرحلة اقناع الآخرين بترشيح المالكي، وحيدر العبادي الذي قال بأن دولة القانون انتهت من مرحلة رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية ولم يتبق إلا رئيس مجلس النواب، والحال إن كل ذلك مجرد أكذوبة كبيرة يتم فيها استحمار الآخرين أو استغبائهم، وإلا لو كان لبان كما يقال.
فالمالكي منذ اكثر من شهر ونصف كان يقول بأن مجموعة صالح المطلك وجمال الكربولي وطلال الزوبعي وأحمد العريبي ومعهم (45) نائبا قد توافق معهم على التحالف والخروج من العراقية حال اعلان التحالف الوطني لترشيحه، وها قد مضى قرابة العشرين يوماً على اعلان التحالف الوطني ولم يأتي فرداً واحداً، بل إزدات مواقف هؤلاء تصلباً ضد المالكي، وحين أعلن التحالف قال بأنه سيشكل الحكومة خلال عشرة أيام وأمام مؤتمر العشائر قال بأنه سيشكلها خلال اسبوع، ومرت العشرة ومر الأسبوع وسنعطيه علاوة اسبوعين آخرين لنر نتيجة دقة كلام معالي السيد رئيس الوزراء، وعدم الدقة والمبالغة هذه هي أحد عقد الكتل السياسية مع المالكي فهذا المنصب يحتاج لإنسان واقعي يضع الأمور كما هي أمام الساسة، لا أن يبالغ بالأمور تارة فيوصلها إلى تحالف استراتيجي مع سوريا ويهولها أخرى وبعد المبالغة بيوم إلى عداء استراتيجي مع سوريا، وبعدها بعام من التوسل لاعادة العلاقة مع السوريين (وجزى الله خيرا السيد عمار الحكيم الذي قاد مبادرة الاصلاح بين الحكومتين قبل ستة أشهر بعد طلب المالكي منه ذلك).
أما حسن السنيد وهو أحد المشرفين الأساسيين على موقع التدلي على القانون والمقرب جداً من أي رئيس وزراء فهو الآخر كان قد نفخ صدره حينما صرح حتى تعب من كثرة من راجعوه يريدون منصباً، فطردهم جميعا لأنهم كانوا من حفاة الفهود مدينته التي لم يعيّن فيها أحداً منهم، وجزى الله خير طريقة إدارة الصناديق الانتخابية التي جعلت حسن السنيد يعود نائبا والبركة يعرف أسبابها جيداً.
أما كمال الساعدي فلعمري يا ليته يخبرنا كيف أنه تجاوز عملية الترشيح والتكليف؟ فهل يعني أنهم حصدوا أصوات الآخرين، فليكن دقيقاُ لمرة واحدة في حياته ويقول لنا من لديهم من الأصوات أكثر من الأصوات المتزلزلة للصدريين، فلا الأكراد أعلنوا موافقتهم، ولا العراقية، ولا المجلس الأعلى ولا وحدة العراق ولا الفضيلة ولا الحزب الإسلامي، وهؤلاء صنفان، فيهم من يرفض رفضاً باتاً وجازماً الدخول مع المالكي في الحكومة كالعراقية والمجلس الأعلى، وفيهم من علّق اشتراكه مع المالكي بشراكة هؤلاء كالأكراد، بل وفي تحالف المالكي من علق مشاركته على مشاركة هؤلاء كالتيار الصدري، والبقية ينتظرون رؤية كرة الثلج متى تتحرك فهي لم تولد بعد لكي ينساقوا وراء حركة أوهام دولة القانون.
أما المناصب الأساسية فكلها لا زالت بعيدة المنال على كل من طلبها، فلا رئاسة الوزراء محسومة لأحد، ولا رئاسة الجمهورية ولا البرلمان.
فإذا كنت أنا الصحفي لدي اخبار أكثر دقة من المالكي ومجموعته لا يبقى أمامي إلا خياران لا ثالث لهما: فإما أن يكون الجماعة لا علم لهم بما يجري من حولهم لأنهم منهمكون بترتيب المعلف ولوازمه بناء على قاعدة (حضر المعلف قبل الحصان) وإما أن يكون الجماعة متفقون على استغباء الناس لأنه ميؤمنون بأن الناس همج رعاع ينعقون وراء كل ناعق، وفاتهم إن اللعبة تجري الآن مع الكتل السياسية التي تعرف العملية بكل تفاصيلها وكواليسها، ويبدو إن الجماعة نسوا إن العراق لا سر فيه، فكل ما يقال سراً تجده بعد لحظات وقد أصبح لا يعرف به إلا أقل من مليون شخص بقليل على طريقة أقول لك ولا تقول..
متى يتق الله هؤلاء بهذا الشعب وينصاعوا مرة واحدة إلى أنينه وآلامه؟
لا أطلب منهم أن ينصاعوا إلى دينهم لأني اخاف أن أتلقى تصريحاً وشجباً وإدانة ولربما شكوى قانونية بالتشهير والقدح لأن الجماعة كانوا قد أعلنوها وبصراحة تملأ الآفاق، نحن علمانيوووووووووووووووون، وكنا نقولها أيام كنا في المهجر ولا يقبلها منا أحداً، ولكن ها هم قالوها بأنفسهم، وهم يظنون إن الناس سمعتها بأننا: علمائيوون (بالهمزة والبون مع الاعتذار لعادل إمام).
محسن علي الجابري
النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة
https://telegram.me/buratha