عام بكامله مر على وكالة أنباء براثا منذ ان انطلقت مسيرتها في ميدان نشر الخبر والتواصل في المعلومات.
عام تشاطرنا فيه مع جميع الرواد الكرام كل حلو ومر في أجواء العراق، واشتركنا جميعا في معايشة ما يمكن لنا معايشته من أحداث العراق من خلال محاولتنا أن نحطم الطوق المضروب على نمط خاص من الأخبار وأن نفضح نمط آخر حاول ان يفرض نفسه من خلال سياسات التطبيل والتهريج التي تعتمدها وكالات ووسائل اعلامية متعددة كان هدفها النيل من إرادة الشعب العراقي وتحطيم الأمل لديه في معركته متعددة الاطراف من أجل إثبات حقه في الحياة بعزة وكرامة.
ابتدأنا عامنا بألم كبير لا يوصف ينطلق من مأساة سامراء ويوم الأربعاء الأسود الذي كلكل برعبه على كل افياء العراق حينما فجّر الإرهاب الطائفي مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام، ومن ثم لندخل جميعاً في واحدة من أخطر وأحرج مراحل الحرب الطائفية ضد شعبنا الأبي، وبحمد الله سايرنا الأزمة بهدف إحتوائها أسوة بحكومتنا وبسياسيينا الذين راوا أن الإنسياق وراء ردة الفعل غير المدروسة والمنضبطة ستؤدي إلى إحراق المنجزات التي تحققت خلال هذه الفترة وستؤدي إلى اعطاء أعدائنا مبررات النجاح والانتصار، ونعتقد إن جميع من اشترك في مسيرة احتواء هذه الأزمة هو الذي كسب المعركة لن الارهاب لم ينتصر فحسب بل تراجع ليجد صفوف المحتضنين له تتقلص، ومن ثم ليرتكب واحدة من أهم حماقاته حينما انقلب ضد حاضناته يفجرها ويفخخها ويذيقها كل اساليب الإجرام والطغيان مما شكل لنا عاملاً مهما في فضحه وتحجيم إرادته.
وحينما يبتدأ المرء عامه وسط كل هذه المخاوف لا يجد كثير مؤونة ليحملها معه في طريق وصف بأنه طريق ذات الشوكة، ولكن نعتقد إن إصرارنا وعدم يأسنا وإيماننا بأن لنا مظلومية يجب ان تسمع، وتشجيع الرواد لنا وشد السياسيين لأزرنا وتوجيههم لنا هو الذي مكننا أن ننطلق هذه الانطلاقة التي لا احسب من المبالغة إن قلت بأنها كانت موفقة.
ولو قدر لي أن أسأل حينما انطلقت هذه المسيرة هل ستتعدى الوكالة هذا الرقم من الزوار الذي عليه الآن؟ لقلت إن ذلك مستبعد جداً ولكن هذه الوقفة الرائعة من الجميع جعلتنا لا نتعدى خطوط الحلم بل تجاوزناه لنصنع حقيقة، هذه الحقيقة هي التي جعلتنا رقماً صعباً أمام الارهابيين ومؤلما لكثير من سياسييهم ومرعباً لحاضنيهم بالشكل الذي انعكس بعضه في وسائل الاعلام حينما تحدث هؤلاء مباشرة عن آلامهم من الوكالة وحينما انطلقت كلاب هراشهم في عالم المقال تحاول ان تنهش من لحومنا، وحينما جاءت قطعان أعرابهم وهم يستنهضونهم من كل مكان من أجل التأثير على الوكالة وأجهزتها الفنية في عالم الأنترنيت ومحاولة تحطيمها، هذا فضلاً عن مئات الرسائل التي كانت تصلنا وهي تحمل التهديد والوعيد، ولكن بحمد الله تحطمت اعصابهم جميعاً وبقيت الوكالة تمارس نشاطها وممارساتها.
وفي عام واحد وعلى الرغم من الحرب الأمنية التي شنت بطريقة وأخرى ضد مراسلي الوكالة الذين أثبتوا فدائية خاصة رغم استشهاد بعضهم كما هو الحال في مراسلنا في الغزالية والرحمانية وحي العدل، وهو أمر لم نكشفه إلا في هذه اللحظة عرفاناً لجميلهم، واعتقال بعضهم من قبل الأمريكيين بدسيسة خاصة من قبل الارهابيين كما هو الحال في مراسلينا في المعالف وابو دشير وحي الفرات والرصافة، ولم يكتف الارهاب في معركته ضدنا حتى بلغ شبكة عراقنا لتمنع علينا الخط المؤقت الذي وضعناه لكي يتواصل معنا أحبتنا بل وكما قيل لنا لتسجل دعوى قضائية علينا، إلا إن الوكالة بقيت تعبق بتعاون فذ من قبل الجنود المجهولين وبحرص بالغ من الفدائيين المعلومين من أجل أن نبقى ونستمر، وها نحن كما بدأنا أشد إصراراً على المضي.
ونحمد الله إننا غدونا رقما أساسيا في مرجعية الأخبار عن العراق، ولو قيل عنا بأننا الناطق الرسمي عن شريحة معينة من مكونات الشعب العراقي فلأننا أثبتنا باننا الأصلب عوداً والأشد ثباتاً في مسيرة تعتورها الكثير من ذئاب الإعلام الذين تربوا في أحضان حزب البعث والطائفيين السياسيين، وكل ذلك حوّلنا إلى أن نكون في مفضلة غالبية السياسيين العراقيين من كل الكتل البرلمانية كما تنبؤنا بذلك رسائلهم، وكذلك تحولنا إلى هاجس لدى غالبية الوزارات والوزراء كما تشير إلى ذلك رسائلهم وكتبهم، بل وتحولنا إلى المادة الأساسية لدى الكثير من المحللين غير العراقيين الذين يتابعون الوضع في العراق، وما كان ذلك ليكون لولا مسيرة الإصرار والصبر التي سلكناها من أجل العراق وقضيته العادلة في حربه ضد الطائفيين والتكفيريين بوجوههم البعثية وغيرها.
ومن الطبيعي إننا لم نحقق في هذه المسيرة كل ما طمحنا إليه، فمثل هذه المسيرة تحتوشها ظروف متعددة وهذه الظروف ليست بالضرورة مواتية لمسيرة المتاعب التي تعمدنا ان نكون فيها، ولكن من خلال دراستنا لعناصر الخلل والنجاح خلصنا لأمور عديدة ستظهر نتائجها في القريب العاجل إن شاء الله، وسأحاول أن ألخص جانباً منها في النقاط التالية:
أولاً: لنا هدف أساسي تتلخص اطره في ما يلي وبالترتيب:
حماية المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة الإمام المفدى السيد السيستاني ومراجع الهدى في النجف الأشرف، والالتزام بكل توجيهاتها، والدفاع عنها، وينسحب على ذلك كل المؤسسات التي ترتبط بها او تقترب منها.حماية الائتلاف العراقي الموحد، والدفاع عنه بشكل يخدم مسيرة تقدمه لمعرفتنا سلفاً إن الهجمة التي تحاول في إحدى جوانبها افشاله أمام قواعده الشعبية التي انتخبته، تستخدم اساليب فيها الكثير من الخسة والغدر، وفيها الكثير من الخبرة والحنكة في نفس الوقت، وهذا لا يعني أننا نقر للإئتلاف ما وقع فيه من الأخطاء، ولكن نعرف إن الخير فيه ولن يأتينا من غيره، وإن قصّر في هذا الجانب أو ذاك.حماية الحكومة المنتخبة والدفاع عنها، ومحاولة ذود الشبهات والتشكيك عنها، وقد التزمنا بالدفاع عن حكومة رئيس الوزراء المالكي لأننا نعرف إنها حكومة خيارات الضرورة وتمر في ظرف صعب وشاق ومرير.حماية مكونات الشعب العراقي من كل محاولة ترمي للإيقاع بين أطرافها، ونحن هنا نعتبر إن اهل السنة ليسوا هم من نعنيهم بالارهاب أو الصداميين، بل نعتبر إننا وهم من ضحايا الإرهاب القاعدي والصدامي، وإنما كل عمل يخالف القانون نعدّه إرهاباً، والصداميين لا علاقة لهم بطائفة معينة ولكن كل من يعمل على تمجيد الفكر الشوفيني لحزب البعث انتسب اما وأبا للسنة أو الشيعة، فنحن لا نتردد في استعدائنا لحزب البعث الصدامي، ولو تقصدنا أن نفضح أحدا من رموز السياسيين فلا علاقة للموقف من طائفته أيا كان.حماية وحدة الصف الشيعي وعدم الانجرار وراء المتاعب التي تصطنع لسبب أو لآخر أمام هذا الصف من هذا الطرف أو من ذاك.حماية وحدة العراق واستقلاله، وعدم تأييد بل وإدانتنا لأي عمل يمكن له أن يمس بذلك.عدم استخدام الكذب والتدليس والدجل والتهويل سبيلاً لنشر المعلومة، والتزام بالضوابط الأخلاقية للعمل الإعلامي.هذه الثوابت الأساسية التي حركتنا كل هذه الفترة، وأملنا من محررينا وأصحاب المقالات أن يتحروا الدقة في الالتزام بتلك الثوابت، ولو قدر أننا لم ننشر لأحد أو عملنا على تحرير بعض المقالات، فلرغبتنا أن يلتزم الجميع بذلك، رغم اعترافنا إن هذه القضية عرضتنا لإحراجات كثيرة مع العديدين من الأعزة، كما وعرضتنا لاتهامات الكثير من الأقلام والمنبرين للتحريض علينا، ومع اصرارنا على مبدأ أننا لسنا حاكمين على كل ما ينشر، ولكن بالتعاون بيننا وبين المحررين وأصحاب الأقلام الرائعة يمكن لنا ان نشكل ورشة عمل فيها الكثير من الخير للعراق وللعراقيين.
ثانياً: من الناحية الفنية تعرفنا على الكثير من المشاكل والقصور في طبيعة الأداء الفني للموقع، ونعد الآن لموقع سيتم تلافي غالبية المشاكل فيه، وقد حرصنا على رفع كل الإشكالات التي كانت تواجه القراء فمثلاً سيجد القارئ الكريم مع السكريبت الجديد أن التعليقات التي يريد نشرها ستدرج خلف المقالة مباشرة وليس على صفحة مستقلة عنها، وهو امر طالما شكى منه أعزتنا القراء، وهكذا سيكون للمقالات والأخبار المهمة حيزاً من الثبات يختلف عن مثيلها في السيكربت القديم، وسيضاف للموقع صيغة الاستفتاءات كما وسنعمل على وصول نشرة يومية للقراء المشتركين في الموقع إلى بريدهم اليومي ومثل ذلك الكثير من الإضافات، ونأمل في القريب العاجل ان يتم إنزال السكريبت الجديد وتجديد الموقع إن شاء الله.
ثالثا: جاءتنا الكثير من الرسائل تطالبنا بفتح باب التبرعات للموقع، ولم نجب على الكثير منها، ونحن في الوقت الذي نشير فيه إلى أنه لا يوجد موقع خبري ليس بحاجة إلى الدعم، ولكن وجدنا إن من الأنسب ان يبادر أخوتنا إلى معرفة حقيقة أن أفضل تبرع لنا هو الإسهام بشكل جدي برفد الموقع بكل ما يمكن أن يساهم في تطويره وإنجاح مهمته، ابتداء من المقالة والخبر والتعليق وصولاً إلى المعلومة التي يمكن لها ان تفيدنا في عملنا.
رابعاً: في الكثير من الأحيان لم نعمل كوكالة خبرية، بل إننا وبدون تخطيط مسبق وجدنا أنفسنا كبوابة تواصل مع الكثير من دوائر الدولة، فما وجدناه ضرورياً تم إرساله إلى مكاتب الدولة بطرق مختلفة، وقد تطوع عدد من السياسيين والبرلمانيين من اطراف عدة لملاحقة ما يمكن أن يحقق هدف من أرسل لنا خبراً أو طلباً يهم أي دائرة من دوائر الدولة، ولهذا فبعض من لم نجب رسائلهم فلأننا ننتظر جواب الدولة على ذلك، حين يأتينا جواب من أرسلنا إليه رسائل قرائنا، اما الجانب الأمني فالمعلومات التي تردنا كنا نتصل وبطرق متعددة بالجهات الأمنية لنبلغهم أولا بأول بما تحكيه هذه الرسائل.
لا أريد أن أسترسل اكثر من ذلك، ولكن لا اعتبر أن الوكالة لم تخطأ ولكنها حاولت ان تتجنب الخطأ، ولربما شذّت بعض المقالات عن هدفنا الحقيقي، ولكننا سعينا بقدر الوسع في ان نكون مخلصين لأهدافنا، وأنا في الوقت الذي استحث فيه الكثير من أصحاب الاختصاص الخبري أن يتواصلوا معنا تطوعاً او توظيفاً لكي يشاركونا في مهمة المتاعب كمراسلين في كل المناطق، وأستحث أصحاب الأقلام المناضلة أن لا يبخلوا علينا بما يجود على هذه المسيرة من إثراء وإغناء، واطلب الأقلام الشابة في أن تحسم ترددها وتراسلنا في ما يمكن أن يبدأ مسيرتها في عالم الكتابة والتواصل بعقلها مع أصحاب القرار...
في الختام لا يسعني إلا أن أقف امام الكرم الكبير الذي اتخذه عدد من كتابنا الرائعين ولن اسمي احداً خشية أن انسى الآخر، ولكنهم كانوا من الكرم والدماثة بمكان بحيث انهم اعتبروا الوكالة وكالتهم، وراحوا يغدقون عليها من كل وردة أريجاً ومن كل زهرة عطراً، ومن كل شذا عبقاً أسأل الله ان يوفق الجميع وان ياخذ بايدينا لما فيه رفعة مقام رسالتنا واهدافنا وان يحفظ العراق بكل مكوناته.
خادمكم
محسن علي الجابري
وكالة أنباء براثا (واب)
https://telegram.me/buratha