قال لي ان المهندس م في دائرتنا فاسد، فقلت له: دائرتكم تتبع لمن قال نحن نتبع مديرية س وهي تابعة لشركة ب المرتبطة بالوكالة الفنية لوزارة ص، فقلت له وهل هو المهندس الوحيد لديكم في الوزارة؟ قال كيف يكون وحيدا ووزارتنا اساسا معنية بالشان الفني ما يعني ان لدينا الافا من المهندسين، قلت له: هل يمكن ان نقول ان كل مهندسي الوزارة فاسدون؟ قال لي لا يعقل بل اعرف فيها نزيهين جدا، قلت له على هذا سيكون من غير المعقول ان اقول كل مهندسي نقابة المهندسين هم من اهل الفساد؟ قال لي: حتما ليسوا كذلك، ورايت من غير الانصاف ان اصف كل مهندسي العراق بهذه الصفة الشائنة.
تاملت وتذكرت الطبيب الفلاني في المستشفى الفلانية فاسد ويعبث بالاموال العامة ويسيء التعامل مع المرضى وانتابتني موجة اسئلة كالتي سالتها للاخ الذي حدثني عن المهندس الفاسد، فوجدت ان وجود طبيب فاسد او مجموعة منهم لا يعني ان كل اطباء العراق هم من هذا الصنف واسترسلت لاجد ان وزارة التربية هي الاخرى تعج بالعديد ممن يوصفون بالفساد من الاسرة التعليمية والتربوية وبنفس المقياس وجدتني اسال عن المحامي الفاسد ومجموعته التي لا يمكن ان نعمم الفساد عليهم بجريرة من فسد منهم وعين الامر على قاضي الاستئناف الفاسد والتمييز المرتشي فهم وان كانت رائحتهم تزكم الاناف ولكن من الظلم ان نقول كل القضاة هم على هذه الشاكلة ولو استرسلت لوحدت كل الشرائح المهنية والاقتصادية والاجتماعية فيها هذين اللونين ومن الانصاف ان نفرز الفاسد من غيره لان التعميم ليس ظلما فحسب بل هو تخريب مقصود لكل بنية المجتمع لانه والحال هذه لن نجد ما نثق به وعندئذ لا يوجد لدينا الا ان نتصارع ونعمل على تمزيق واقعنا برمته!!
اذا كان كل ذلك لا غبار على سلامته ومنطقيته فمن الاحرى بنا ان نسأل عن الجهة الحريصة على نشر ثقافة التعميم، والتي استشرت بشكل مذهل في واقعنا وطالت كل شئ، ولماذا تحرص كل الحرص على ذلك؟
كسياسي لا استطيع ان ابرر ذلك بالجهل والحمق فهو وان كان يفترش ارضية كبيرة في واقعنا ولكن الجهل والحمق هو وقود لما هو اذكى فهؤلاء امعات يرددون ما يقال لهم دون ان يعطوا لانفسهم حق التفكير ولو صادف ان نبهتهم فسيعطيهم جهلهم الكثير من مبررات ان يتمتعوا لكونهم امعات يركب عقولهم هذا او ذاك كما يركب السائس على ظهر مطيته.
قد تتعدد توصيفات هذه الجهة وربما يكون التوصيف مورد اختلاف بيننا، ولكن يجب ان نذعن على الاقل ان من يعمل على ذلك يريد منا ان نفقد ثقتنا بانفسنا وبمجتمعنا، وان نسير بلا هدى نركن اليه في وقت تزدحم علينا اجندات الفتن وتتزاحم اكثر من ذي قبل لتدمير كل شئ.
لن احدثكم بمنطق المؤامرة وليست لدي فوبيا المؤامرات ولكني اعرف ان عراقنا كان ولا زال عرضة لاقسى وارذل واخس صيغ واليات التدمير لان تدميره فيه مصلحة للكثيرين وهنا لا اتحدث عن التدمير الاقتصادي او السياسي فهذه مفردات مكشوفة ولكن اتحدث عن المفردة الاخطر وهي تدمير البنية الاجتماعية برمتها ومن قبلها تدمير الذات وتحولها الى اليأس والملل والعبث واضاعة البوصلة التي يجب ان تسير وفقها وتحويل وعيها الى نسيج هش ومتآكل.
حديثي له صلة تتبعه ولكن لن اختمه الا بالتذكير ان الحديث عن العمامة بعنوان الفساد نتيجة لوجود معمم فاسد او حفنة ممن لم يحترموا مهمتها ودورها، يجب ان نضعه في نفس الموضع الذي قسنا به المهندس والطبيب والمحامي والقاضي وما شاكل من شرائح المجتمع غاية ما هنالك ان الهندسة علم لا يبلغه الا من انهى مراحل الدراسة الهندسية وهكذا بقية الاصناف ولكن العمامة تفرق عن ذلك لان مشوارها العلمي لا نهاية له، ولكن هذا المشوار يمكن ان تختصره الحملة الايمانية التي زجت فيما زجت في داخل الحوزة العلمية ويمكن ان تختصره الاحزاب فتعظم مقام معممها الحزبي وان كان بلا مقام، ويمكن ان تختصره عمليات الشعوذة والدجل، ويمكن ان يختصره المال الذي يستجلب برنامجا في الفضائية الفلانية المتخصصة بقبض المال دون اي مراعاة لاي مسؤولية تربوية او فكرية او وطنية.
العمامة التي انقذت العراق والمهندس الذي بنى والمحامي الذي حمى الحق والقاضي الذي انصف المظلوم والطبيب الذي سهر على حياة والجندي الذي سد ثغرا امام العدو والمجاهد الذي قدم روحه فداء للارض والمال والعرض والمعلم الذي كد الليل والنهار لكي يسهر على براعم المستقبل والاستاذ الذي وضع نصب عينه اعداد قيادات المستقبل كل هؤلاء وغيرهم يجب ان يصونهم الشعب ويبعدهم لان حقهم اكبر من تشويهات الفاسدين والعابثين الذين لا يهمهم الا ان يحتالوا على وعيكم من اجل ان يمتصوا خير هذا البلد وان احالوا امنه وامانه الى لعبة يتقاذفونها من اجل ادامة ارادة الفساد والافساد، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
يا قوم اوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين.
https://telegram.me/jalalaldeen_alsagheer
https://telegram.me/buratha