رأي في الأحداث

ملاحظات على هامش المرحلة الجديدة: الأكراد ب17%بالميزانية عمّروا مناطق فيدراليتهم، فلماذا نبخل على أنفسنا حينما تعطينا الفيدرالية أضعاف هذا المبلغ؟؟

6493 23:31:00 2008-01-11

منذ أن أوقعني المرض لم اتشرف بالكتابة في وكالة أنباء براثا إلا نادراً ، وما دفعني هذه المرة إلى أن أشارك هو كل هذا الجهد المحموم من أجل وأد هذا المشروع الذي آلى على نفسه أن يكون صوت محرومي العراق ومظلوميه، وقد تظافرت علينا جهود كبيرة من قبل أطراف عدة، فعدد الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية من معتمدينا في الأخبار بلغ لحد الان 13 مراسلاً ولا زال غالبيتهم يرزح في سجن بوكا ولم يجد الأمريكيون لديهم أي شيء يبرر اعتقالهم ولكنهم متخوفون منهم ليس إلا، وفق معادلة الديمقراطية الأمريكية في العراق، من جهة أخرى ظل الارهابي عدنان الدليمي وجماعته وحارث الضاري وزمرته يضعون من حرب الوكالة هدفاً أساسياً لهم، ولقد بدا من الواضح جداً كم أثرت الوكالة على الرجاج الخرف حتى جعل ينطق باسم الوكالة شاتما ومشهّراً كل ما سأل عن خصومه!! وآخر ما شتمنا به (ولنا كل الشرف في أن نكون ممن يشتمنا سفاك الدماء هذا) ما قاء به على مشاهدي قناة البغدادية في الاسبوع الماضي، ومن جهة ثالثة اجتمعت الكثير من دول الأعراب على حجب الموقع لا سيما في بلاد خدام الحرمين!! وأذيالهم، فيما ظل الهاكر السلفي الارهابي، والهاكر الحكومي لأحد الدول العربية يترصد الوكالة بهدف اسقاطها أو إعاقة الدخول إليها.

ومع هذه الصعوبات ظل هاجسنا الوحيد كيف تستمر الوكالة في أن تكون خادمة لقرائها وروادها ولم يبخل الرواد والقراء رغم ما مر بالوكالة من كرم التواصل والمكوث ملياً في الوكالة، ومن إصرارهم استلهمنا الصبر للمضي بمشروعنا إلى أفق المستقبل، وإننا رغم إدراكنا لما لحق بالوكالة من ضرر بسبب هذه العوامل وغيرها، إلا إننا آلينا على أنفسنا أن نواصل الدرب، فالظروف باتت بحاجة أكبر لوسيلة الاعلام التي تتعامل بصدق مع قارئها، لا سيما وإن المؤامرات المحاكة ضدنا باتت تتقلب في كل يوم على طاولة، لتفرز لنا نمطاً جديداً من أنماط الصراع لوأد المشروع الحلم الذي يراد للعراق وشعبه الكريم أن ينعم بالرخاء والاستقرار، ولو قدر للتأريخ أن يكشف أوراقه لذهل الرآئي عظمة العراق وشعبه حينما تحملوا كل هذه الكوارث والمؤامرات وظلوا مصممون على أن ينالوا حرياتهم ويحققوا إرادتهم، ولو قدّر للحاضر أن تتكشف خيوطه وكواليسه لصعق المشاهد من شدة صبر العراق وصبر العراقيين ومن شدة وعيهم لحجم ما يخطط لهم، ولعلم الجميع أن ثمة لطف إلهي يسير مع هذا الشعب، رغم حراجة الزمن وحداثة التجربة وكثرة العدو واستعجال الصديق والغدر الذي يحتوش المسيرة من كل مكان.

عبر هذا الصبر والتصميم لابد لنا أن نشخص ما علينا من واجبات ومهمات ليس كإعلاميين فقط وإنما كعراقيين يتآمر عليهم كل كواسر العالم ووحوشه، لاسيما وإننا اجتزنا عام 2007 بكل ما حواه من ألم وما زرعه من أمل ونعتقد إن المهمات التالية هي أولويات لا بد لنا من أن نعمل من أجلها لكي يكون عام 2008 أوضح في القطاف بعد أن بان لنا أن عام 2007 كان فيه قطاف كبير.

أولا: إن من الخطأ الجسيم أن يتصور المرء إن المخاطر التي اكتنفت مسيرتنا في الأعوام المنصرمة قد انتهت، وإن المعركة قد انتهت، وبالتالي علينا أن نخفّض دراجة الحساسية تجاه قضايانا المصيرية، فهذا خطأ قاتل فعلى الفارس أن لا يترجل عن جواده، فلا زالت المعركة في شدة أوارها، ولا زال الغادر يتربص بنا الدوائر، ورغم كل ما اعتور المسيرة من مشاكل واحباطات فإن هذا لا يبرر عدم الاصطفاف في القضايا المركزية والأساسية.

ثانيا: رغم الاحباطات التي حصلت نتيجة بعض الأداءات، ورغم المشاكل التي نجمت من جراء هذا الفعل وذاك، فإن طبيعة التقييم التي يجب ان نلتزم بها يجب ان تكون متناسبة مع طبيعة الظرف الذي نعيشه والإمكانات الواقعية التي تتاح بين أيدينا، فمن الواضح إن العدو ما كان بخيلاً علينا في حربه النفسية المستعرة علينا من وضع آليات للتقييم من شأنها أن تحرق كل شيء وتبدي لنا صورة ما حققناه وكأنه مجرد إخفاقات ووهن وتهاون، فسنوات المحرومية راكمت خراباً هائلاً في كل شيء لا يمكن أن ينتهي ويزال بفترة قصيرة، وسيبقى هذا الخراب يرافق المسيرة مدة غير قليلة، ولو أمكن مشاهدة كيف تبدلت النفوس بالطريقة التي رأينا فيها العراقي يذبح ابن دينه ووطنه بل وحتى طائفته من الوريد للوريد!! أو انه يفجر مئاذن الحضرة العسكرية لقاء ثمن بخس جدا!!ً كيف يمكن لنا عندئذ أن نقيّم حجم خراب البلد، ولهذا يجب أن نضع نصب أعيننا حقيقة هذا الخراب وانه لا يمكن ان يمحى بمجرد ان نقول أن حكومة انتخبها الشعب قد قامت، وطبيعة العدو وضع آلية التقييم أمام الناس لكي يلقوا بجام غضبهم على الحكومة كل ما حصلت مشكلة، وما كان هذا بعجيب في شأن العلاقة بين الشعوب والحكومات، ولكن الأعجب أن يحاول البعض أن يصل في حنقه إلى السأم من كل شيء لتبدأ مسيرة الحنين لأيام الديكتاتورية.

ثالثا: إن من آليات المزايدة الإعلامية والخداع الاعلامي وضع المستحيل الواقعي وكأنه ممكناً، وجعل الممكن مستحيلاً، وحين يقع المرء أسير هذا الخداع سيخال إن المسيرة كانت بلا إنجاز، فلو مطرت الدنيا وفاضت المجاري على سبيل المثال عندئذ يتسلل المخادع السياسي ليتحدث عن الاخفاق التام في الحصول على الانجاز من دون أن ينبّه إلى إن مثل هذه الأمور تحتاج إلى مال وزمان وكليهما وسط دائرة الخراب العام الذي خلفه الإجرام البعثي الديكتاتوري يغدو مستحيلاً لكي يعالج خلال فترة زمنية قليلة وضمن الامكانات المتاحة فعلا، وقد يأتي المزايد السياسي وما أكثرهم ليتحدث عن ضرورة اعطاء أموال للناس ويبدأ لكي يفصل بأنه يجب أن تعطي الحكومة مالا للطلبة، وهو أمر مطلوب في حد ذاته، ولكن الرغبة في الاعطاء يجب أن تتناسب مع وجود مال لكي تعطيه، ولهذا يبدو الكلام يدور ما بين النفاق السياسي وابتزاز عاطفة الناس وبين السذاجة في الطرح، وهكذا حين يتم التحدث عن ضرورة اعطاء المال لعوائل الشهداء والسجناء والمهجرين والمحرومين، وكله كلام حق ويجب أن يعطى هؤلاء، ولكن كيف سيتم اعطاء ذلك؟ ومن أين سيتم اعطاءهم؟ وهل ستكفي ميزانية الدولة لاعطاء هؤلاء خلال هذه الفترة بما يكفي لمعالجة محروميتهم؟.

يبدو أن هناك فهمان للمسيرة، فهم هو الواقعي وفهم يريد اعداءنا أن نعتمده، فهؤلاء يضعون أمامنا كل الاحباطات مع تسليط المجاهر عليها لكي تبدو بأضخم ما يكون، ويحاولون أن يضعون أمام اعيننا المستحيلات الواقعية ليجعلوها ممكنات بحيث تبدو المسيرة بلا إنجاز، فمسيرة محرومية عقود من الزمن كيف يمكن أن ترفع خلال أقل من اصبع اليد الواحدة من السنين، ومن لا يمتلك المال كيف يمكن له أن يبني الشواهق؟ فكيف زما نمتلكه من مال تنهش به المحاصصة الحزبية والطائفية والارادت المتعارضة ومعركة وضع العصي في الدواليب، ومعركة الفهم الساذج والمتقدم، والنهب العام لمافيات الفساد الاداري والسياسي والمالي 

رابعاً: هل فعلا إن بناء البلد بيد الحكومة لوحدها؟ وهل فعلا إن الحكومة مسؤولة عن كل شيء؟

من الخطأ الفادح ونحن الذين ننادي باللامركزية أن نفكر بأن الحكومة يجب أن تمتلك كل شيء ويجب أن ترتهن بيدها كل الأمور، وإنما يجب أن نتخلص من هذا الارث المتخلف من انظمة أرادت دوما أن ترهن إرادة الشعب بيد الحكومة، ويجب أن ندفع بالحكومة ومسؤوليها إلى أن يتخلصوا من عقد مركزية الدولة واغراءات مركزة الدولة، فلقد بتنا أمام استحقاق الفيدرالية الزماني، ففي الشهر الثالث المقبل سيكون بإمكاننا أن ننطلق باتجاه الفيدرالية بعد ان تكون مهلة ال18 شهراً قد تمت وبعد ان باتت الأجواء السياسية أقل صخباً مما كانت عليه يوم ان شرّع هذا القانون، ومن المعيب أن نبقى نتوقع حلولا تأتي بها الدولة المركزية بعد شدة تضررنا من مركزيتها، ولهذا فإن الواجب الوطني الذي يجب أن ننهض به بكل قوة هو التوجه إلى تثقيف الجماهير لكي نحضى بفرصتنا في تحقيق النمو الاقتصادي وننقذ أنفسنا من الحرمان من خلال الدخول إلى عهد الفيدرالية لكي نعمر بلدنا كما عمر الأكراد مناطقهم، ويجب أن لا نصيخ السمع لأنصاف المتسيسيين أو الذين لا يدركون المصالح الحقيقية ومكامنها والذين لا هم لهم إلا التهويل والإرجاف من مخاطر الفيدرالية على تقسيم العراق، فهذه اكذوبة بعثية طبلت لها دول جوار تخاف على اقتصادياتها لو انطلق العراق نحو الفيدرالية، ودعوني هنا أن أستعير مثالا سمعته من سياسي معروف، وهو يقول: الأكراد أخذوا 17% من ميزانية العراق بناء على استحقاقات الفيدرالية فعمّروا بها مناطقهم شديدة الحرمان، فلماذا نحرم أنفسنا من أضعاف هذه الميزانية لنعمّر مناطقنا؟ ومن له المصلحة في أن نحرم من ذلك؟؟.

خامساً: إننا وإن دعمنا الحكومة في كل أوضاعها، وصبرنا على الكثير من الأمور لأننا ندرك أن الظرف السياسي والأمني أكبر من أن يعطي المجال للحكومة أن تعطي الشعب ما يجب أن تعطيه، وان تعطي حرمان الناس جزءا من البلسم المتاح، ولكن هذا الدعم يجب أن يقابل من الحكومة بمزيد من الحرص على تقديم الممكن للجمهور، ومن حسن الحظ أن الأجواء الأمنية والسياسية تبشّر بالكثير مما يمكن لنا أن نقرأ فيه التقدم والاطراد في المسيرة الأمنية والسياسية، ولهذا فإن مبررات الاعتذار للحكومة بدأت تنضب، وعلى الحكومة أن تستغل هذه الظروف لترينا أنها قادرة كما هزمت الارهاب أن تهزم الكثير من عقد الاعمار والخدمات.

ومن خلال مراقبتنا للكثير من تحليلات أهل الاختصاص نجد إن الفساد ليس وحده العامل المتفرد في الحيلولة دون انطلاق الاعمار، ولكن هناك من الوزراء ما لا يمكن التساهل معه، وهناك من الاجراءات الموضوعة لغرض السيطرة على العقود المالية والاقتصادية فيها الكثير من العرقلة، بل هناك الكثير من الطائفية الهدامة في الكثير من هذه الاجراءات، وهناك العقلية المتخلفة عن الواقع الجديد للكثير من كبار موظفي الدولة مما لا زال يعشعش فيه أفكار العهود السابقة في الاقتصاد، وهي الأفكار التي جرت على العراق كل الخراب والحرمان.

سادساً: لقد قطعنا سنة أخرى بعيدا عن المجرم صدام ونظامه وحينما نشعر إن المعركة لا زالت مستعرة النيران ولا زال نار الحقد يغلي في صدور القوم، لا بد لنا من أن نتقن فهم ما يجري والتعامل مع الأمور بطريقة واقعية، فلسنا الان في مسيرة تحقيق الانجاز التفصيلي بقدر ما نحن الان في معركة تحقيق الانجاز المتعلق بالمصير، ودفع الضرر عن الذات، وحين يتيسر ذلك فإن تحقيق الانجاز التفصيلي سيكون مجرد رحلة مع الزمن في قطار وضع على سكته.

محسن الجابري  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حيدر
2008-03-19
شفاك الله بجاه محمد وآل بيته الاطهار اتمنى لكم الموفقية ، موقعكم اثبت نفسه ومع هذا اجد منك جميل التعبير وصدق النية بشرح الصعاب والاعتراف بالاخطاء وفهم اسبابها والطموح لمستوى افضل للمستقبل هذا ما اتمناه ويتمناه الجميع لكم... شكرا لما تقومون به واستمروا بعون الله وحفظه
ابو رضا الجابري
2008-03-06
من له مصلحه بحرماننا من الفدراليه--هم بعض الهمج الذين يرددون عبارات --ان الفدراليه هي تقسيم العراق-- وقد جاءوا بها من بعض الاعلام العربي الرخيص الذي يتباكى على نظام البعث البائد فهم يرددون الكلمات كالببغاء-- ياايها العراقين وخصوصا من ابناء الوسط والجنوب المظلوم --ان في الفدراليه حياتكم وبغض النظر عن الاموال الكثيره التي سوف تحصلون عليهالاعمار مدنكم فأن الفدراليه فيها ظمان مهم جدا وهو عدم عودة الدكتاتوريه والى الابد واذا كنا راضين ومطمئنين لحكومتنا المركزيه اليوم فما ندري ما سيجري غدا وشكرا لكم
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك