بقلم مراقب سياسي
ما سأقوله اليوم احفظوه عن ظهر قلب، فبعد أشهر ستتذكروه: شيعة العراق سيخسرون الحكم الذي انتزعوه بالاطاحة بنظام صدام في 2003، وسيحفرون قبورهم بأيديهم بفتنة دامية يقتادهم إليها كالقطيع ألد خصومهم.
ماتسمعوه اليوم من هتاف (إيران بره بره) هو في الحقيقة ليس مجرد حرب أمريكية لتقويض النفوذ الايراني في العراق، وإنما أوسع حرب ناعمة يعاد بها برمجة عقول شعب كامل، وبالأخص شيعته للانقلاب على أهم مصادر قوتهم وعزتهم: مرجعيتهم وحشدهم الشعبي، ثم على أنفسهم، بعدما كان ذلك سبب بلوغهم اوج مجدهم بالانتصار على داعش، وتحول العراق الى رقم صعب أقليميا ودوليا.
لقد نجحت الجيوش إلالكترونية في إعادة برمجة صورة المرجعية في عقول غالبية الشيعة وتأليبهم ضدها بغطاء سياسي خبيث، وتهشيم كل معتقد مقدس لديهم.. كما نجحت بتوجيه غضبهم في مختلف مدنهم نحو مقرات الحشد لاحراقها، وقتل العشرات من ابنائه بتهمة التبعية الإيرانية، وتخوين البقية الاخرين.. وبلغت بمستوى غرس الكراهية حدا يكفي للإشارة بأصبع على أي عابر سبيل (هذا إيراني) فيتكالب جمع غفير لضربه..
ولم ينتبه أحد أن مايحدث من تعبئة عنصرية هو تعميم لصفة التبعية، وطعن بالهوية الوطنية للشيعة، وتجريدهم من روح الانتماء للعراق، وتمهيدا لاستباحتهم من قبل قوى جديدة زائفة. فبالامس استبيحت دماء أبنائهم في سبايكر وغيرها بمجازر بشعة بعد تعبئة مماثلة من ساحات الاعتصام بالانبار تصفهم ب(الجيش الصفوي)، لكن الفرق أن ذلك حدث بمناطق سنية، وما سيحدث غدا سيكون بعقر ديارهم، وعلى أيدي أبناء ملتهم، ولن يجدوا نصيرا يغيثهم.
وعندما تروج نفس الجيوش الالكترونية لدعوات تغيير نظام الحكم الى رئاسي، فإن هدفا آخرا سيتجلى اكثر.. إذ بعد أشهر سيصطدم الساسة الشيعة بالجمهور الشيعي المشحون كراهية وعنصرية، ولن يجدوا من أبناء ملتهم او غيرهم من ينتخب أحدا منهم، فكل سياسي شيعي أصبح اليوم متهما بالتبعية، وكل أولئك الذي فروا من بطش البعث الى إيران، ومئات آلاف العوائل التي هجرها صدام هم (ذيولها).. لهذا سيخسر الشيعة الحكم مجددا في أي انتخابات رئاسية قادمة.
الشيعة افقدهم المورفين الالكتروني لمواقع التواصل وعيهم، فلم ينتبهوا الى اعلان السفارة الأمريكية الرسمي بإنشاء جيش إلكتروني، وإلى الاعلام الاسرائيلي والخليجي، وإلى أقوى حراك تنظيمي لحزب البعث في الداخل والخارج لتأجيج الفتنة، والترويج لتبعيتهم الايرانية،، وإعادة التغني (بأمجاد) صدام، وترسيخ القناعة لدى الجمهور بأن الشيعة لاتفقه بالحكم كما السنة.
ورغم اعتقاد البعض ان دخول التيار الصدري للتظاهرات بحشوده الكبيرة، سيكفل قدرا جيدا من بقاء النفوذ السياسي الشيعي، خاصة مع نأي الحشد الشعبي بنفسه عن الساحات، لكن المخطط اكبر من كل هذه الحسابات، والواقع سيختلف قريبا، وسيجد الجميع أنفسهم في مواجهة مع أنفسهم، وكل يحفر قبره بيده..
https://telegram.me/buratha