لأول مرة في تاريخ الانتخابات الديمقراطية لالما في العالم يتفرد النموذج الذي طبقته المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات في العراق، ففي العادة ينهزم منتخبون ويربح آخرون، وهي سجية الانتخابات المعتادة، وفي العادة أيضا أن يحصل بعض المرشحين على نسب متدنية، وهو أمر في غاية الطبيعية، أما أن يحصل المرشحون على صفر من الأصوات، فهو أمر فريد من نوعه لم يحصل لا في العراق، ولا في العالم الديمقراطي، فهذا المرشح المسكين الذي جهد نفسه ودائرته الاجتماعية يفترض أن يحصل ولو على صوته بمفرده، وهو أمر ندر ان يحصل فكل مرشح له قدر معين من العلاقات الاجتماعية يضم الأب والأخوة والعائلة فضلا عن الأصدقاء، أما أن تخرج النتائج ولا نجد له أي رقم وإنما يزين صفحته الانتخابية بالرقم الذهبي صفر!! فهذا لا يدل إلا على أن أمراً دبر بليل في هذه الانتخابات الشفافة جدا على حد قول الفائزين طبعا!!!
ففي يوم أمس ذهبت أتسكع على صفحة الانترنيت من بعد غياب عنه وحالة تصميمي على عدم الكتابة في شأن الانتخابات إلا بعد جلاء كامل للصورة، وهي صورة لا أخفي بأنها لحد الآن أصابتني بالكثير من القلق على مجريات الشأن الديمقراطي في العراق، وهو أمر سأبينه في مجموعة المقالات التي سأنشرها تباعا ، على أي حال وضعت الرحال عند موقع المفوضية ورجعت أقلب صفحات المرشحين المشتركين في الانتخابات المحلية، وقد كان لي صديقا قد رشح نفسه في احد القوائم وأحببت أن أرى كم حصل لأستخدم الرقم كبينة في مشاكساتي الكثيرة معه، ولكني صعقت حينما رأيت المسكين قد وضع في آخر قائمته وفاز بالرقم الذهبي (صفر)، حسبت أن الأمر لا يعدو خطئا، ولكن أثناء تقليبي لصفحات الموقع وإذا بي أجد نفسي منهمك في مراقبة من حصلوا على الرقم السحري، وإذا بي اجد أن مجموع أولاد الخايبة من المرشحين الذين حصلوا على هذا الرقم هم عدا ونقدا فقط 142 مرشحا!!! ما عدا من سقط في دائرة عدم الانتباه لهم وإن كنت أحسب أني قد دققت كثيرا في مجال تبين الدقة في هذا الصعيد
وقد توزعت الأرقام الصفروية (ولربما لأني أحصيتها في شهر صفر الخير!!) على الشكل التالي:
بغداد: 59 حالة فقط
الأنبار: 5
ديالى: 1.
صلاح الدين: 1
كربلاء: 15.
القادسية: 2
ميسان: 6.
بابل: 6
واسط: 11
النجف: 7.
المثنى: 5
ذي قار: 14
البصرة: 11
وقد أنجى الله الموصل من فخ الرقم السحري هذا.
لا أريد أن أبالغ في الوصف، فلربما بعضهم لم يصل إلى صندوق الاقتراع بسبب ضياع اسمه في سجل الناخبين، أسوة بأقرانه مما يفوق عدد ال10% من مجموع الناخبين أي ما يزيد على المليون ونصف ناخب لم يجد اسمه!! (وهذه فلتة أخرى من فلتات الدهر الخاص بالمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات) واقتداء بي أنا أحد الذي لم يجد اسمه في السجل العتيد مع أني مشترك في كل الانتخابات، وقد شتمت من قبل إخواننا وأعزائنا في التيار الصدري لأنهم وجدوا اصبعي مزينا بزينة الحبر البنفسجي وعلقوا على جباهنا مصطلح الحناحنة (إذا صح التعبير حبيبي) وهو المصطلح الذي ميزونا به لأننا اشتراكنا في المارثون البطولي للإنتخابات عام 2005، وعلى أي حال يمكن أن لا يجده وبالنتيجة لا يصوت له أحدا.
ويمكن أن يكون قد ذهب لمركزه الانتخابي في الساعة العاشرة صباحا فوجد أن الاستمارات قد نفذت نتيجة الاقبال الشديد على الانتخابات (في بغداد النسبة تراوحت بين 31 ـ إلى 39%) في غالبية المراكز الانتخابية، وقد أضناه الوقوف بعد انتظار فقرر أن ينسحب خصوصا وأنه وجد أن مدير المدرسة والذي عين أسوة بمدراء المدارس التابعين لوزارة التربية الخزاعية كمدراء للمراكز الانتخابية قد أغلقوا الباب سريعا معلنين انتهاء الانتخابات في مركزهم مع قدر من الابتسامات التي ارتسمت على وجوه المراقبين الذين وجدوا انفسهم يكافؤون لجديتهم في المراقبة.
ويمكن أن يكون قد حرم من الوصول إلى المراكز الانتخابية لأن بعض المناطق منعت من الذهاب إلى مراكزها إلا مشيا خوفا من الحالة الأمنية، ومركزها يبعد عن المدينة مسافة 17 كيلو متر فقط كما حصل لأهالي مدينة القاسم في الحلة على سبيل المثال حينما أبلغوا بعد لأي وجهد أن مركزهم الانتخابي يقع في القرية الفلانية التي تبعد 17 كيلو فقط وذلك حرصا من المنظمين على أداء المرشحين لرياضة المشي!!! (وهذه ميزة أخرى من مزايا المفوضية العليا وانتخاباتها أن أهالي المدن يقترعون في مراكز ريفية) وربما هذا الأمر يعود إلى الرغبة في دعوة أهالي المدن إلى الهجرة المعاكسة للأرياف.
ولربما أخونا المرشح الصفراوي لم يسمع بأن رفع الحظر قد أعلن في الساعة الثانية لأن السيد رئيس الوزراء (حفظه الله ورعاه وكثر من فرضه للقانون) أمر ليلا أن يرفع الحظر في المحافظات ولكن دون تبليغ رسمي!!!!!!!! وبالنتيجة لم يجد الصفراوي مجالا للذهاب ومن ثم لتبقى النتيجة صفر لامعة ناصعة البياض لا تسر الناظرين.
ولربما يكون حظه عاثرا فيكون من أهل الكرادة الذين وجدوا أن غالبية أسماءهم قد تم ترحيلها إلى السيدية!!! أو أهل الشعلة قد وضعت مراكزهم في منطقة الغزالية شارع مدير الأمن العام وهما مناطق لأهل المنطقتين تمثل بؤرة إرهاب أو قلق، والمضحك أن أهل الكرادة محسوبون على مركز بغداد الانتخابي في الرصافة والسيدية تابعة للمركز الانتخابي في الكرخ. ومن هذه الأمثلة هناك الكثير من المضحك المبكي.
أقول ربما لهذا السبب أو ذاك لا يتمكن المرشح من أن يصل إلى صندوقه، ولكنه لم يسجل أي اعتراض، والعجيب أن الاعتراضات على هذه الأمور لم تسمع حسب علمي في يوم الانتخابات (وليس بعده) إلا عبر قناة الفرات والبقية كانت تمارس صمتا مقدسا بعد أن كان الجميع قد اصطف بصخب عجيب إلى جانب قائمة واحدة، وضد قائمة واحدة أيضا!! والأكثر عجبا أن الصف الاعلامي الإسلامي والبعثي والأمريكي والعربي الاقليمي كلهم مع شدة اختلاف فضائياتهم ولكنهم في الحملة الانتخابية كانوا متكاتفين بشكل مذهل!!!
كل هذه الأسباب ممكنة، ولكن بالله عليكم هل أن هذا الأمر يسري على الجميع من الذين فضل الله عليهم بنعمة الصفر الانتخابية؟
ألا يوجد لهم أرحاماً؟
ألا يوجد لهم أهلا؟
ألا يوجد لهم من يكن لهم بصداقة؟
هكذا أكتعون أبطحون أمنعون؟؟؟؟؟ (لحد يسألني عن معناها لأني أسمعها ولا أجيد فهمها وفقا لمنطق الإنتخابات التي تراها ولكن لا تفهم نتائجها).
ربما قصر فهمي يا أخوتي الأحبة الذين حرمني الأمريكيون من التواصل معهم بسبب اصابتي نتيجة ملاطفة صديقة منهم!! من سيارة الهمر العزيزة، ولكن هل من يبلغني كيف يمكن أن يبلغ لدينا هذا العدد الكبير من الصفراويين؟!!
وحتى لا أعيد الكرة مرة أخرى أشير وبعجالة إلى إن مجموع الذين حصلوا على صوت واحد فقط في مدينة بغداد لوحدها هم خمسون واحداً؟!!!
كل ما لا أتمناه أن لا نصاب بخيبة أمل صديقي العزيز في منطقة الدير في شمال البصرة والذي هاتفني مسرورا وقال: ذهبت اليوم أنا وأفراد منطقتي وعددنا خمسون شخصا وانتخبنا جميعنا قائمة واحدة فقط بلا خدش ولا تشويه، وكان يتحدث بتفائل كبير عن فوز القائمة، ولكنه عاد بعد أيام ووجد أن المركز الانتخابي الذي صوت فيه هو وما يقرب من ال 2500آلاف شخص لم تكن قائمته قد حظيت إلا ب14 فقط، مع العلم إن منطقته توالي تلك القائمة!!!
أين ذهبت الأصوات؟
من الذي صفر هذه، ونهب تلك؟
من الذي منع ها وحظر على ذاك؟
أسئلة يطرحها الجميع وجوابها دوما صحة الانتخابات التي يتحدث عنها الفائزون، ولا أدري لم يذكرني هذا الأمر بحجي راضي وعبوسي وطريقتهم القريدة في القراءة على شكل القراءة الخلدونية، ولكن وفق سياق نحباني للو!!!!
https://telegram.me/buratha