دخلت الوكالة (وكالة أنباء براثا) في عامها الرابع ولا زالت تؤدي رسالتها بطريقة وأخرى رغم الظروف القاسية التي مرت بنا ومنها اعتقال 13 مراسل لنا في شتى المناطق من قبل القوات الأمريكية، ومنها هذا الود العجيب من قبل الهمر الأمريكية بكاتب هذه السطور والتي أدت بي إلى أن أكون طريح فراش المرض، ولكن مع كل ذلك بقينا نحاول جهدنا في الاستمرار.
وخلال السنة الثالثة كان لنا نجاحاتنا وإخفاقاتنا ولكن ظل معنا الكثير ممن آزرونا وعضدوا عملنا، ولهذا فإن الشكر يبقى موصولا لهؤلاء الأبرار ولكادر الوكالة الذي أبى إلا أن يستمر، وبحمد الله وبفضل هذا الاصرار تمكنا من تخطي الكثير من العقبات الأساسية، وأولى هذه العقبات كمنت في تلك الضغوط الألكترونية الهائلة والتي وظفت فيها أموالا سعودية وإماراتية ضخمة لخنق الوكالة، وتنادت لها عشرات المنتديات التكفيرية والبعثية، ولكن الجهد الفني الخاص بالوكالة ظل هو الأكثر شموخا والأشد مراساً من جهود الهاكر التكفيري والبعثي الأثيم.
أما ثاني العقبات فكانت الضغوط المالية التي حاولت بعض الجهات السياسية استمالة الوكالة من خلالها إليها، وعرضت أموالاً في غاية السخاء (أحتفظ ببريدها لدي) ولكننا لم نسقط في وحل هذه الإغراءات، ليس لأننا لا نعرف قيمة المال في المعركة الإعلامية، ولكن لأننا آلينا أن لا نرضخ لابتزاز أو إغراء أحد مهما كانت جهته.
أما ثالث العقبات فهي التي جابهت الوكالة حينما كانت تنتقد أو تسلط الضوء على خلل ما في داخل الائتلاف او الحكومة، وقد تضاعفت الهجمة علينا من خلال عدد في غاية الأدب والأخلاق (في سبابها وشتيمتها) التي تعكس هوية مرسلي التعليقات والرسائل وغالبيتها لجهات معروفة، وكانت هذه الرسائل في غالبيتها تنحو إلى أن نرضخ لابتزازات مرسليها لكي نحذف مقالا أو نتوقف عن فضح أمر ما، وكم كان بودنا لو أن القراء يطلعون عليها لكي يرى أي اخلاقيات تتخفى وراء بعض الجهات، ونحن لا ننغش ولا نغش أحدا حينما نلاحظ إننا نعرف ان عددا من هؤلاء يريد أن يوقع بيننا وبين الآخرين من خلال الدفاع عنهم وشتيمتنا، وكلننا لسنا من السذاجة بحيث لا نعرف أن بعضاً من الرسائل والتعليقات موجهة إلينا من نفس الجهات التي ننتقدها.
هذا غير الهجمة الشرسة التي تعرضنا إليها من قبل مواقع معروفة بعدائها للعملية السياسية أو التي تمالئ هذا الطرف أو ذاك، ولعل رجوعاً لموقع كتابات يكفي لتبيان حجم الهجمة التي تعرضنا إليها، وهي الوجبة الثانية التي تعرضنا لها بعد رضوخ عدنان الدليمي ومجاميعه للأمر الواقع الذي فرضته الوكالة على المجاميع الساندة للإرهاب.
وقد جابهتنا تحديات موضوعية قسم منها يرتبط بطبيعة مواقف من كنا ندافع عنهم ونجابه غيرهم، هل سنستمر بناء على سياسة أنصر أخاك ظالما أو مظلوماً؟ أم نتجه لنقدهم وكشف الأخطاء التي يمارسوها إذا كانت خلاف المصالح العامة التي نعتقدها، وثوابتها هي الدستور والقانون والمرجعية والدين، ونحن نعرف إن عددا من القراء سوف لن يروقه الأمر لأنه يرى أن ستر هذه الأمور أولى، وترك ما يبرز الخلاف، ولنا وجهة نظر هنا هي إن ستر العيوب إن كان مهما بدافع عدم إتاحة المجال للآخرين أن يتصيدوا بالماء العكر، فما هو أهم منه أن لا يفسح المجال لهم لكي يرتكبوا مزيدا من الأخطاء، وهذه العيوب ليست خفية على الآخرين، حتى نقول بأن ذكرها من قبلنا سينفع الآخرين، ولهذا ومنذ مدة آثرنا أن نقول كلمتنا مع أصدقائنا دون النظر لحزب معين، ورغم الوضوح الذي يتحدث عنه كثيرون بأننا ندعم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، ونتخذ موقفاً مناقضاً لدولة ائتلاف القانون وزعيمها المالكي، ولكن تدقيق النظر لا يمنع من القول بأننا دعمنا المواقف المحقة أكثر مما دعمنا الكيانات السياسية، وخطنا الفكري الذي لا نتنازل عنه وأعني خط المرجعية لم يمنعنا من محاولة دعم الموقف المحقة من أي طرف جاءت والوقوف مع المظلومين من أي طرف كانوا، ولهذا ترانا نمدح المجلس الأعلى وأخرى نمانع مدحه، بل وحتى ننتقده رغم إنه الأقرب إلى أفكارنا ومتبنياتنا، ورغم دعمنا الواضح للمالكي في فترات قل فيها ناصره بل حتى أصدقاؤه تخلوا عنه، هاجمنا سياساته المبنية على أسس نراها مغايرة للدستور ولمتبنياتنا، فتحالفه المسمى بدولة القانون حينما يخالف القانون هل نطالب بأن ندعمه؟ وإرجاعه للبعثيين هل نطالب بدعمه والتحالف معه؟ وتحالفه مع العصابات المقنعة والتي كان يصفها في الأمس القريب بأنها أخطر من القاعدة، هل نطالب بدعمه فيه؟ والاهدار العام للمال العام والفساد المستشري هل يجعلنا نغض النظر؟ قطعا لا يمكن لنا أن نقف موقف الحياد أو الدعم في مثل هذه المسائل، ولكننا في أحيان كثيرة وقفنا مع المالكي في قضايا نرى أحقيته فيها، ولا أعتقد بأننا بحاجة لشواهد على ذلك لكثرتها.
وهنا أشير إلى إننا لم نأخذ هذا الموقف متأثرين بنتائج الانتخابات فمع وضوح الأساليب غير الدستورية والقانونية التي اعتمدت عليها دولة القانون كما في استخدام المال العام ومخالفة النظام والاستخدام الفاحش لنظام شراء الذمم (أخي أحد الذين قبضوا مالا وطولب بأن يقسم بالعباس لكي يصوت لائتلاف دولة القانون هو عشرات الشباب في منطقتنا) والأساليب غير الأخلاقية التي استخدمت مع تيار شهيد المحراب، وعمليات التزوير والتعطيل التي استخدمت على نطاق واسع مع الصدريين وهم يستهدفون قائمة تيار شهيد المحراب، ولكن ما جعلنا نصرح في الحديث أن عملية التحدث الصريح كان قد تم في أثناء الحملات الانتخابية مما خفف علينا العناء في الانطلاق للتحدث عن الأمور بصراحة أكبر، ولكن هذا لم يمنعنا من الوقوف ضد مقالات أرادت إثارة الخلاف أكثر مما رغبت في العلاج، وهو نفس الأمر في التعليقات من كلا الجانبين، ولكننا كنا قد أطلقنا مرونة محدودة للتحدث عن مسائل الخلاف بغية تنوير القارئ والمطالع خصوصا وأن الكثير من قرائنا هم من خارج العراق مما لا يمكنهم من معرفة ما يجري في داخل العراق.
وقد كلفنا هذا المقدار من الصراحة قدرا كبيرا من الشتائم والسباب من أناس حسبوا أنفسهم يستطيعون أن يحجبوا الضوء بشتائمهم وأخلاقياتهم الهابطة، ولكن للأسف الشديد بعض من منعنا مفقالاتهم من الطرف الآخر أيضا أساؤوا الظن بنا، ما أود أن أشير إليه إننا لسنا بحزبيين ولكننا نحاول أن نسير على طريق فيه خدمة شعبنا وعمليته السياسية، دون أن نكون عباداً للأشخاص أو مؤلهين للجهات.
وقد أثّر هذا على صورتنا كصحفيين ممن حسب أننا نمارس صحافة مهنية بحتة، ونحن ننفي عنا ذلك، فنحن صحفيون من أجل العراق، ولهذا لن نتورع من وصف الأشياء وتسميتها بالصورة الصريحة، فلا يمكننا أن نعبر عن أمثال خلف العليان وعدنان الدليمي وسائر جوقة العربان والإرهابيين بأنهم مجرد مسؤولين في هذا المجلس او ذاك، ولكن مسؤوليتنا الإشارة إليهم بصفتهم التي نعرف، ولتذهب أصول المهنية إلى حيث ما تذهب، فلسنا صحفيون من أجل ألصحافة، وإنما نحن صحفيون من أجل قضية.
وقد رأى الكثير من قرائنا أننا امتنعنا كثيراً عن نشر تعليقات وملاحظات أرسلت لنا، لأسباب لا علاقة لها بذلك، وهذا صحيح جدا، ولكن مع ملاحظة أن بعضها لم يخلو من لغة هابطة مججناها، ولكن بعضها كان يحمل أسرارا تارة وأخرى يحمل معلومات عن شخص محدد وهذه المعلومات لا نستطيع أن نتوثق منها أو من صاحبها ولهذا أعرضنا عن ذكرها.
إلى ذلك أنا في الوقت الذي أشكر فيه جميع إخواني وأخواتي الكريمات على دعمهم المستمر لنا بالكلمة الصادقة والعاطفة النبيلة سنبقى أوفياء للجميع ولا سيما لقضية العراق التي تهم الجميع، ولن نحيد عن الدرب الذي سلكناه وما توفيقنا إلا بالله العلي الحميد.
محسن علي الجابري
النجف الأشرف ـ ثلمة العمارة
https://telegram.me/buratha