-1-
منذ أن ترجلت بعز
من يبّاب السفر
لتحل ضيفا على ارض هذا الوطن
ونحن نتوسد لجة الصمت ..
نفترش الأرصفة
نجلي هواجس عصف هذا الخبر :
- لم شددت العزم على الرحيل ثانية
بعدما انتظرناك طول العمر ؟
فيا لعرفانك :
لمّا تمنيت..
أن لا يخفت لك أخر رفيف للجفن
ألا أن يرفل جثمانك في مثوى الوطن
فيا لشموخ هذا الوطن،
ويا لهنيئات بطائح أرضه بهذا الأثر
يا لزهو العراق ببريق رجاله
الذين غدي جفنه بهم يكتحل
-2-
منذ أن غادرت هذا الوطن،
ونحن نتوسد لجة الصمت
نناغي طيفك
عس أن تتعجل بعودتك
بعد ذاك العمر
فيا لخواء الحلم،
يا للأمل الذي به العيون لم تكتحل
يا للمّ الشمل الذي بفراقك لم يكتمل
يا للفراق ثانية،
وأواره الذي ظل
يلهج بزلال المقل ،
وفرقعت جمرتا الدمعتين
اللتين تساقطتا
الأولى : لمّا نثرنا هالات الفرح ،
وزينا عشية عودتك الميمونة
بقفف الحناء ،
وآلاء شموع ( الخضر )
والثانية : لمّا لثمنا غبار قافلة نعشك ،
وهو يعانق القباب الطاهرة بالقبّل
يا لشمم الصدور التي تقرحت ،
وهي تطوف برفاتك الحنينة
بأرض ( النجف )
يا لنوح المنابر التي بالسواد اتشحت ..
يا لفيض تكبيرة المآذن المستكينة ..
لما شاع الخبر!
وأنا .. والجميع نتنادم،
ننثني ، نقتسم حبات الصبر
نتنفس تباريح صوتك الصادي
لمّا آزرت به الوطن المستجير
على منحر الزمن
يوم كان الحوت..
يقضم حبات المسبحة
ليرش علينا فاجعة المحن !
يا لهدير صوتك
عندما تمادى التنين،
وحفنات التتر..
ليقلم بأظافر الشهداء
أشجار ليمونه!
يا لصوتك الثائر..
لمّا راح الطاغوت
يشكمنا لجام ورم الأسى
ليلبسنا فوطة الملامة
وجلباب الدمعة السقيمة!
وأنا ، والجميع نتنادم ..
ننحني على عكاز هذا الخبر ..
- من يا ترى من بعدك
سيرطب عذق دمعتنا الحميمة؟
وأنا، والجميع نتنادم..
تعتصرنا أنات العمر ..
يا لسدر الطيب الذي غرسته
في نفوسنا بعد مصابنا بذاك الأثر
يا لضوع المسك الذي خلفته
في مجالسنا الحبيبة
فخبرنا يا من اعتلى أبهة أساطيل الرحيل
يا من عزم ثانية على السفر:
كيف نداري دمعتنا اليتيمة
كلما طيفك من أمامنا عبر؟
فآه من غدر الزمن..
وآه لمرثيات أخر الأحزان..
بعد ما الوطن بالنصر قد اكتمل
ـــــــــ
26/5/524
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha