شعر عبد الهادي الحكيم
فِدَا دَمِكَ الغَالي دَميْ يتساكب
وَدُونَ جَوى حُبِّيكَ مَا أَنَا وَاهِبُ
وَأَنَّى وَقَدْ سَالتْ دِماكَ غَزيرةً
وَسَالتْ غِزاراً إثرَهُنَّ المصَائبُ
يُؤَجِّجُني حُبِّيك ناراً فأَنثَني
بِلَذْعِ حُمَيَّا الكَأْسِ والكأسُ لاهِبُ
أُرَجِّيهِ أنْ زِدْني فَيُمْسِكُ مُشْفِقاً
عَلَيَّ وَيَأبى عَاطِفاً فَأُعاتِبُ
تَرَعْرَتُ في أحْضانِهِ وتَهَدَّلَتْ
عَلى كَتِفيْ خِصْلاتُهُ والذَّوائبُ
أُنادِمُهُ وَلْهانَ عُمْريَ كُلّهُ
أُجَاذِبُهُ منْ طَرْفِهِ ويُجَاذِبُ
أُساقيهِ كأسَ الحُبِّ فيهِ وأَستَقيْ
مَرارةَ غَمٍّ خَمَّرَتْهَا النَّوائِبُ
تَحُطُّ على قَلْبيْ يَمَامَاتُ حُزْنِهِ
وَتَقْلعُ مِنْهُ النَّائِحاتُ النَّوادبُ
فَبِيْ من عَميقِ الحُزنِ فيهِ حَرائقٌ
وَبي مِن شَفيفِ الحُبِّ مَا لا يُغالَبُ
وَبي مِنْهُما إنْ غَامَتِ الرُّوحُ بارقٌ
وَبي قَمَرٌ إنْ أَعْتَمَتْ وَكَواكِبُ
وَبي مِنْهما إِنْ أَسْرجَ الشَّكُّ خَيلَهُ
فَغَارَتْ، يَقْينٌ في البَصيرةِ ثاقِبُ
وَليْ مِنهُما إنْ غُمَّ فِكْري أَهِلّةٌ
وَليْ مِنْهُما إنْ ضَلَّ غَيْريْ مَذاهِبُ
وَلي بَعْدُ أهلٌ مِنهُما وأَقاربُ
وَليْ سَامرٌ خِلّ وَإِلْفٌ وصَاحبُ
حَنانَيْكَ قَلْبي هَلْ بِقَلبِكَ بُقعةٌ
مُخَبَّأَةٌ لم تَكْتشِفْها النَّوائِبُ
لقد حَلَبتْ دَمْعيْ دِماءً فَواجِعيْ
لهَا كُلَّ يَومٍ مِنْ مآقِيَّ حَالِبُ
وَمَزّقتِ الأَحْشاءَ حِقْداً فَلْم تَدعْ
سَليماً سِوى ما خَلَّلَتْهُ المخالِبُ
فَهَلاَّ يُلاقيْ بَعدَ نأيٍّ وغُربةٍ
ضِفَافَ جِرَاحاتيْ العَصيَّةِ عَاصبُ
لِتُشْرِقَ شمسُ الله مَا بينَ أضْلعيْ
وَتَغرُبَ عن آفاقِ رُوحِيْ المَغارِبُ
وهَلاَّ يُعيدُ الأَمنَ بَعدُ غِيابِهِ
عنِ الأَرْضِ لِلأرضِ المَرُوعَةِ (غَائِبُ)
ويُسرِجُ خَيلَ اللهِ منْ كُلِّ مَرْبطٍ
كَتائِبَ تَقْفوْ جَمعَهِنَّ كَتائِبُ
يُظَلِّلُهَا خَفْقُ "العُقابِ" ودُونهُ
مَواضٍ لَها من "ذي الفَقار" مَضارِبُ
وَيُقْحِمُها (الفَتحَ المبينَ) (محمدٌّ)
بآياتِهِ، والفَاتحِونَ الأَغالبُ
تَهُشُّ لِلُقْيَاهُ الأَمانيْ وتَحْتَفِيْ
بِمَقْدَمِهِ أَنَّى يَحُلُّ الرَّغائِبُ
فَيَكْظِمُ غَيظاً صَدْرُ كُلِّ منافقٍ
وَتَشْفي صُدورَ المُؤْمِنينَ القَواضِبُ
وَيَبسُطُ عَدلٌ مِنْ (عليٍّ) جَناحَهُ
كما تَبسُطُ الخيرَ العَميمَ السَّحائبُ
تُساقِطُ كَفَّاهُ النَّعيمَ فَيسْتويْ
الأَباعِدُ فِي إِنعَامِهِ والأَقَارِبُ
يَطُوفُ عَلى الأَيْتامِ يَمْسحُ يُتْمَهُمْ
أبٌ لَهُمُ ثَانٍ وَوَالٍ وصَاحِبُ
ويصفعُ وَجْهَ المسْتبدِّ بِسَيفِهِ
لِيَسْتَلَّ منْ عَينيهِ ما هُوَ سَالبُ
فَلمْ يبقَ مَظْلومٌ هَضيمٌ وظالمٌ
هُناكَ ومنْهومٌ بَطِينٌ وَسَاِغبُ
https://telegram.me/buratha