شعر: عبد الحسين الجاسم
(الناصرية 1912 ـ بغداد 1979 )
تطلّعتُ إلى الكونِ على أجنــحةِ الفِكـْـــــــــــــرَه
اذا للفُلْكِ دوراتٌ وأحداثٌ مع الـــــــــــــــــدورَه
وقبلي الوهمَ كم خاضتْ عقولٌ من ذوي الخِبرَه
فلا كشفَ الى السرِّ الذي أخفتْ يدُ القُــــــــــدرَه
* * *
أرى سَيْراً وتحريكاً وتغييراً بترتيـــــــــــــــبِ
فمِن برجٍ الى برجٍ بإرشادٍ وتبويـــــــــــــــــبِ
ومن فصلٍ الى فصلٍ لأوقــاتٍ بتعقيـــــــــــــبِ
كأفرادٍ من الجندِ أطاعـوا أمرَ تدريــــــــــــــبِ
* * *
مَنْ الآمِرُ والناهي ومَنْ ذا ساكنٌ جّــــــــــوَّه
وإنْ كانَ على سُمْكٍ فهل يوعزُ من كُـــــــوَّه
فلا ذاكَ ولا هذا ولم نشهدْ له فَجْـــــــــــــــوَه
تفرّستُ فلم أُدركْ بعينٍ مصدرَ القــــــــــــوَّه
* * *
وعادَ القهقرى فكري الى الأرضِ وما فيها
الى أطوادِها الشُّمِّ وما قوةُ مُرسيهــــــــــــا
الى الأنـهارِ اذ تجـري ولم تنضبْ مجاريها
الى البحرِ ولم يُمـلأْ الى أشياءَ يَحويهـــــــا
* * *
الى الصامتِ ذي الروحِ وعندي غيرُ ذي صمتِ
فكمْ أفهمَ عصفورٌ عصافيـــرَ من الصّــــــــــوتِ
وتدعو الأمُّ كتكوتاً كأنْ قالـــتْ إلى تحتـــــــــــي
لكلٍّ لغةٌ قطـعاً على مختـــلفِ النعـــــــــــــــــــتِ
* * *
أجلْ كلٌّ لهُ عقلٌ على مقدارِ تدريبـــــــــِــهْ
وإلّا لمْ يَدُلْ كلبٌ على جانٍ بتعقيبــــــــــِـــهْ
كذا الانسانُ كالوحشِ له ميزةُ تأديبـــــــِـــهْ
فيا ليتي أرى العقلَ وما أسـرارُ تركيبــــِــهْ
* * *
كم أستفسرتُ عن كلٍّ مَنْ المأخوذُ في قولِهْ
فما فُزْتُ بمدلولٍ سوى القوةِ في كُلِّــــــــــهْ
ألِلْقُوّةِ إدراكٌ أنا السائلُ عن مثلــــــــــــــِـــهْ
وإلّا اختلَّ تنظيمٌ ولا تنسيقَ في شكلــــــِـــهْ
* * *
اذا كانَ لها عقلٌ إذنْ ذاكَ هـــــــــــــــو اللهُ
إلهٌ خَلَقَ الخَلْقَ وسَيْرُ الكونِ يرعــــــــــــاهُ
ولا شُورِكَ بالمُـلكِ ولا تَغْفَلُ عينـــــــــــــاهُ
بِـ(كُنْ) كانَ الذي شاءَ وبالقدرةِ سـَــــــــوَّاهُ
* * *
لهُ الحمدُ على إرسالِهِ الرُّسْلَ معَ الصِّـــدْقِ
مصابيحَ دُجى الجهلِ وهادينَ الى الحــــقِّ
ولولا خُتِموا وَحْياً بـ(طه) أشرفِ الخَلـْـــقِ
لكانَ المرتضى حقاً نبيَّ الغربِ والشـــرقِ
* * *
تَخَفـَّتْ عِلُّةُ الكونِ كما أُبْهِمَ إيجـــــــــادُهْ
وما زالَ كذا حتّى ، بهِ أفصحَ ميـــــلادُهْ
فشُمْنا بارقَ الهدي كما بشّرَ إرعـــــــادُهْ
إذاً مَنْ كانَ ولّاهُ لحشرٍ حبّـُــــــــــهُ زادُهْ
* * *
أَدِرْ مذياعَ تاريخٍ وبَصِّرْ فكرةً عَمْيـَـــــــا
وَصَفِّ موجةَالحقدِ كَمَنْ يستوضِحُ الفُتْيَـا
تَجِدْ تلفـزةَ الحقِّ تُرِيكَ المُثُلَ العُلْيــَــــــــا
وتَنْشُرْ لكَ أسراراً لأمرٍ أُخْفِيَتْ طَيـَّــــــــا
* * *
أُزيحتْ سُحُبُ الغَيِّ وقد ضُوِّءَ ما أظلَــــمْ
بمَنْ قالَ سَلوني إنَّ في صدري لَعِلَماً جَـمّْ
عليٍّ معجزِ الإنسِ معَ الجِنِّ بما يَعْلـَــــــمْ
فذا صدّيقُها الأسمى وذا فاروقُها الأعظـمْ
القصيدة في المخطوطة غير مُشَكَّلَةِ الأحرف..
تم تشكيلها بالحركات من قبل ولده(محمد الجاسم) البارِّ بذكر والده الأجلّ( الشاعر الراحل عبد الحسين الجاسم) رحمه الله..عسى أن يكون قد وُفِّقَ للمراد.
الصورة : بعدسة المصور الفنان الراحل مالك إطيمش في إستوديو (المدينة) للتصوير في شارع الحبوبي (سابقاً) ـ الناصرية1967
https://telegram.me/buratha