( شعر : عادل الكاظمي )
نظمت عام 1988 حين سماع نبأ استشهاد السيد مهدي الحكيم قدس سره في السودان على يد أذناب الاستعمار من بعثيين وغيرهم فطوت الشهادة صفحة مشرقة من صفحات سفرها الخالد. نشرت القصيدة حينها في جريدة صوت العراق الصادرة في لندن وشغلت صفحتها الأخيرة.******
خُطّوا على قبريْ بفيضِ دمائي ** لا لن تموتَ رسالةُ الشـــهداءِ
لا لن تموتَ رسالةٌ ممزوجةٌ ** بدمِ الجراحِ وعلقمِ الأقْـــــــــذاء
لا لن تموتَ رســـالةٌ في كفّها ** سيفٌ يقضُّ مَضاجعَ الطُلَقـاء
لا لن تموتَ رسالةٌ من وَحْيهــا ** إنَّ الشــــــهيدَ بَقيّةُ الأمَنـــــاء
لم يُثْنِهِ الموتُ البَئيسُ كأنمــــــا ** أنفاسُــــــهُ جُبِلَتْ على البأْساء
في صُحْبَة هُوَ والمنــونُ فَزائرٌ ** في كلّ حينٍ زَوْرَةَ الخُلَصـــاء
مُتَحَمّلاً جُلَّ الخطـــــوبِ وقلبُهُ ** كهفٌ لكلّ مصـــيبةٍ كَـــــــأْداءِ
مَنْ مَلّ هذا العمــرَ ليس يُضيرُهُ ** إنْ ضمّــــــهُ حَزَنٌ من البيداء
معنى الحياةِ كرامةٌ فــإذا حَضيْـ ** تَ بضدِّها فالعيشُ مَحْضُ فناءِ
ويظنُّها الغِبُّ المُخاتلُ لُقمـــــــةً ** ما ضرَّ لو سُلبتْ من الضعفـاء
ويعيشُها أهْلُ المروءةِ مَوقفـــــاً ** هو من صميم إرادةٍ قَعْســــــاء
لم يدرِ ما طَعْـــمَ الحياةِ ولونَها ** إنْ لم تكـــــــــنْ مُنقادَةً لإبــــاء
ما فاز مَوْتورٌ بعيشٍ خاضِــــلٍ ** وأمامَهُ جبـــــــــلٌ من الأشـلاء
ويزورُهُ الماضي القريبُ ولونُهُ ** لونُ الحيـــــــاةِ بأعينِ السّجناء
وألذُّ شيءٍ عنده أنْ ينجـــــــلي ** عن هذه الدنيــــا عَميـــمُ بـــلاء
وإذا ادلَهَمَّ الأفقُ واسودَّ الفضا ** فالشمسُ تشـــرقُ من نجيعِ دماء
لا يُدرِكُ الحقَّ المُضامَ مُطالبٌ ** حتى يجودَ بروحِهِ السّمْحــــــاء
فإذا قضتْ تقضي الجراحُ عهودَها ** ببناءِ مجدٍ أو بِكَسْــــبِ ثناء
كجراحِ مهديِّ الحكيمِ تنفَّسَتْ ** فجراً أطــــلّ بسَمْحِـــــهِ المِعطاء
ضَحِكَتْ إلى نصرٍ وكان يظنُّها الـ ** أعداءُ أنْ تغفو على الأرزاء
وتآمَــروا أنْ يقتلـــوهُ بمَأْمَــــنٍ ** من أنْ تنالَهُـــــــمُ يدُ الشّـــرفاء
غالوُهُ مُنفــــرداً بســـــيفٍ غادرٍ ** قد سلّــــهُ ألفٌ من العُمَــــلاء
فمضى شهيداً والشهـــــــادةُ إرْثَةٌ ** جاءتْ من الآبــــــاء للأبناء
وهو ابنُ من سادَ الورى بعلومِهِ ** تاجُ الفَخارِ وزينةُ العُلمــــــاء
مُحيي الشريعةِ والمجاهدُ دونَها ** بعزيمةٍ ورجولــــــــــةٍ وإبـاء
والمُقتفي إثْرَ الجّدودِ وبعدَهُ الـ ** أبناءُ في رَكْبٍ من الشـــــــهداء
حازوا الفَخارَ وكلَّ مجدٍ باذِخٍ ** ترنو اليه نواظـــــرُ العليـــــــاء
ولمثلِ مهديٍّ قليلٌ أنْ جَـــــرَتْ ** مني العيونُ بأدمُعٍ حمـــــــراء
وجفاءُ منّي أنْ تُصاغَ قصائدي ** بمدائحٍ ومَحــــــــامدٍ ورثـــــاء
ما لم تكنْ بصوارمٍ أبياتُهــــــــا ** منظومةً وبمهجـــــــةٍ ودمـــاء
إذ عاش مظـــلوماً وملءُ جَنانِهِ ** أملٌ يُصــــانُ بمِنْعَةٍ وَمْضـــاء
وتقودُهُ نفسٌ يُروّضُها الفِــــــدا ** في خَوْضِ مُعْتَرَكٍ وَرَدِّ عَـــداء
لا عيبَ فيــــهِ غيرَ أنَّ فــــؤادَهُ ** بثباتِه كالصّخرة الصمّــــــــاء
ما مضّه وَقْعُ الخطوبِ مَريـــرةً ** والقلبُ يشحذ هِمّة الأعضــاء
جهلاً يظنُّ الخَصْـــــــمُ أنّ بقتلِهِ ** يمحو مَعالِمَ ثـــــورةٍ غــــرّاء
ولألفُ مهديٍّ يصونُ ذِمارَهـــا ** حتى يكونَ الحُكْمُ للأكْفــــــــاء
لا سِلْمَ أو يلقى الطغاةُ مصيرَهُمْ ** بهزيمةٍ أو ميتَـــــةٍ شَنْعــــــاء
ما كان عهدُ اللهِ أنْ نشكوا الأسى ** إلا لحــــــدّ الصــــارمِ البَكّاء
ليلجلَ النصرُ المؤزّرُ هاتفـــــاً ** لا لن تموتَ رسالةُ الشــــــهداء
https://telegram.me/buratha