للشاعر محمود الهاشمي ||
-
بلى نحنُ في عاشوْرَ نبكي ونخشعُ---- وننشُر اعلامَ الولاءِ ونرفعُ
نقيمُ مراسيمَ العزاءِ ونرتقي ---- منابرَ ما دمنا ودامَ التوجّعُ
ونقرأُ آيَ الطفِ في كلّ لوعةٍ -كأن الحسينَ (اليوم) في الطفِ يُصرعُ
مواكبُ تترى لاحدودَ لعدّها ---- تضيقُ بها الافاقُ طراً وتوسعُ
مواكبُ شاءَ اللهُ أنّ حشودَها ----- تنوّعُ أهلِ الارض فيها التنّوعُ
دعاؤهمُ يسمو الى العرشِ سالكاً --- بإذنٍ من الرحمن يعلو ويسمع ُ
صلاةٌ واياتٌ وذكرٌ وحجةٌ --- وصوتٌ حسينيٌ أجلّ وارفعُ
إذا إشتدّ وقعُ السير واحتدم الاسى –-- تُهزّ عروشُ للطغاةِ وتُقلعُ
أليس الذي يحيي البريةُ ذكرَه -- فتى شهدت في حقّه الناسُ أجمعُ ؟
فتى قرأ التأريخُ فيضَ كتابه --- فخرّ له مستلهماً يتضّرعُ
بأقصى حدودِ الارض تُسكبُ دمعةٌ--- عليه وفي الاخرى طعامٌ يوزعُ
وفي كل بيت حسرةٌ وتأوهٌ--- -- ---- يكادُ لها قلبُ الجبالِ يُصدّعُ
وما كان دمعاً انما ثأرُ أمةٍ----- أجار عليها الظالمون وروّعوا
ومن قال انّا لاطمونَ صدورنا --- وباكونَ أو انّا بذا نتصنّعُ؟
وفينا دمٌ للطّفِ مازالَ شاخبا ---- ورأسٌ على طرفِ الرماحِ يشيّعُ
ونسمعُ صوتا للفواطم نادها – بنا :- أين من صانوا العهودَ وبايعوا؟
الى الان سوطُ البغي يجلدُ ظهرَنا – وألفُ يزيدٍ حولنا يتجمّعُ
وما زالت الاطفالُ عطشى بواكياً— وعباسُ مسجى والذراعُ مقطّعُ
وزينبُ فينا ثورةُ وقضيةُ – والهامُ شعب ثائر يتطلعُ
نصوغُ بيان الشعرِ من كلماتِها – وننشدهُ للنائباتِ فتركعُ
وأيّ بيانٍ خامرتهُ بطولةٌ --- وأنجزهُ عقلُ رصينٌ ومبدعُ
لقد أذّن التاريخُ في بيتِ صبرِها – فصّلى لها من لايلينُ ويخضعُ
وشاءَ لها ما لايشاءُ لغيرِها – مقامُ على كتفِ الملايين يُرفعُ
شمائلُ من أمٍ وجدٍ ومن أبٍ – ومن أخوةٍ فوق العلاءِ تربعوا
هم الصفوةُ الاولى ومستودعُ الحجا –وشمسٌ لهذا الكونِ ايّان تطلعُ
ذراريهمُ قد زيّنت جبهة الثرى – وبانت كراماتٌ لهم وتشفّعُ
يجيؤون ملأى بالهمومِ سلالُهم – فتودعُ في السرّ الذي فيه تودعُ
لقد سوّدَ التاريخَ ظلمٌ فجئتهم – تبيّضُ ما جاروا وعاثوا وما سعوا
وأعجبُ أن الظلمَ يبدي ظلامَه – فيطردهُ عن كوكبِ الارضِ مصرعُ !!
وفلسفةٌ للموت أنتَ وجدتها – ولم يأتها من قبلُ يوما مشّرعُ
بأن الفتى في الحربِ يهريق دمّهُ --- فينبتُ هذا الدمّ نورا ويسطعُ
وان شكّ من قد شكّ أنك ميتٌ – فقبرُك حتى الان يحكي ونسمعُ