شعر: عبد الهادي الحكيم
تَتَشَهَّى وِصَالَكَ الثَوَرَاتُ
السَّرَايا والسُّمْرُ وَالمُرْهَفَاتُ
تَرْتئيهِ نَهْجاً وَقَدْ تَدَّعِيهِ
وَبُحلْوٍ مِنْ حُلمِها تَقْتَاتُ
حَسْبُهَا أَنْ يُقالَ أنَّ رِياحاً
ألهَبَتْها مِن كَرْبَلا عَاصِفَاتُ
حَسْبُها أَنْ يُقالَ إنَّ سُيُوفاً
أَصْلَتَتْها مِنْ كَرْبَلا مُصْلَتَاتُ
حَسْبُها أَنْ يُقَالَ إنَّ خُيُولاً
أَسْرَجَتْها مِنْ كَرْبلا مُسَرَجاتُ
حَسْبُها أَنْ يُقالَ إنَّ دِمَاءً
خَضَّبَتها مِنْ كَرْبلا نَازِفَاتُ
حَسْبُها أَنْ يُقالَ إنَّ لِواها
وَسَمَتْهُ مِنْ كَربلاءَ سِمَاتُ
حَسْبُها أَنْ يُقالَ إنَّ لَظَاهَا
سَعَّرَتْهُ مِنْ كَرْبَلا المأسَاةُ
حَسْبُها … حَسْبُها، وَحَسْبَك فَخَراً
أَنَّ بَعْضاً مِنْ مُدَّعِيكَ عدَاةُ
***
تَتَشَهَّاكَ فَاتِحاً بِنَجِيعِ القَلْبِ
فَتْحَاً آياتُهُ خَالِدَاتُ
فَتْحُكَ الفَتْحُ أَينَ مِنْهُ وإِنْ جَلَّت
فُتُوحٌ أَوَ جَلْجَلَتْ ثَورَات؟
أَيْنَ مِنْ فَتْحِكَ الذَّي شَوْطُهُ الدَّهرُ
فُتُوحٌ أَشْوَاطُها سَاعَاتُ؟
وَفُتُوحٌ صَنِيعُهُنَّ طُغَاةٌ
وَعُتَاةٌ وَظَالِمونَ قُسَاةُ
وَيَتامَى حَصَادَهُنَّ، وَصَرْخاتُ
أَيَامَى، وَنَادِبُونَ بُكَاةُ
أَيْنَ مِنْ شُعْلَةِ الضِّياءِ الِّذي أَسْرَجتَ
فَتْحٌ ضِيَاؤهُ ظُلُماتُ؟
أَيْنَ مِنْ بِرْكَةِ الدِّماءِ الَّتي أَجْرَيْتَ
فَتْحٌ دِمَاؤُهُ قَطَرَاتُ؟
أَيْنَ مِنْ جِسْمِكَ التَّريبِ جُسُومٌ
مُثْقَلاَتٌ بِشَحْمِها مُتْرَفَاتُ؟
وَرِقابٌ قَدْ طَوَّقَتْها النَّياشِينُ
وَأَيْدٍ قَدْ ذَهَّبَتْهَا الجُبَاةُ
أَيْنَ مِنْ رَأْسِكَ المُدَارِ عَلى الرُّمْحِ
رُؤوسٌ تُدِيرُها الشَّهَوَاتُ؟
وَرُؤوسٌ بِغيِّها سَادِرَاتٌ
عَامِرَاتٌ بِفّقْرِهَا آهِلاَتُ
أَيْنَ مِنْ حُبِّكَ المُنّزَّهِ في اللهِ
هَوَىً تَسْتَثيرُهُ اللَّذَاتُ؟
أَيْنَ مِنَ صَدْرِكَ المُهَشَّمِ في الله
صُدُوّرٌ لِذُلِّها سَالِماتُ؟
وَقُلُوبٌ قُلُوبُها فَاحِماتُ
كَالِحَاتٌ، بِحِقْدِها مُوغَراتُ
أَيْنَ مِنْ ثَغْرِكَ الظَّمِيءِ إلى الله
ثُغُورٌ لِمَغْنَمٍ سَائِلاتُ
أَيْنَ مِنْ ثَوْرةِ وَلُودٍ لِثَوْراتٍ
فُتُوحٌ عَجَائِزٌ عَاقِراتُ؟
أَيْنَ مِنْ وَاهِبٍ جَنِيْنَ الفُتُوحَاتِ
دِمَاهُ وَرُوحَهُ، أَمْوَاتُ؟
أَنْتَ مِنْ كُلِّ ثَوْرةٍ ناظِرَاها
وَلَهَا فِي الدُّجُنَّةِ المِشْكَاةُ
وَلَها مِنْكَ سَوْرَةُ الخَفْقَةِ الأُولىَ
إِذَا مَا تَشَرَّبَتْها الْحَيَاةُ
يَتَجّلى لها هِلاَلاً مِنَ الدَم
وَقَدْ أَحَدَقَتْ بِها الظُلُّماتُ
وَحُسَاماً بِسَاعِدَيْها إِذا اسْتَعْصَتْ
عَلى القَطْعِ تِلْكُمُ الهَامَاتُ
تَتَقَرَّى ذِكْرَاكَ آلامُنَا الكُبْرى
فَتَبْكِي مأْسَاتنا المَأْسَاةُ
صَدِئَت فِي نُفُوسِنَا الهِمَمُ الشُّمُّ
وَمَاتَتْ فِي صَدْرِنا العَزَمَاتُ
وَاسْتَراحَتْ مِنْ بَعْدِ طُولِ عَنَاءٍ
وَأَرَاحَتْ أَعْدَاءَها الصَّافِنَاتُ
لا سُيوفُ الكُمَاةِ ـ حَاشَا الخَضِيَباتِ ـ
سُيُوفٌ، وَلاَ الكُمَاةُ كُمَاةُ
يَتَحَنَّى بِنَحْرِنَا العَنْدَمُ الغَضُّ
وَتَطْلِيْ خُدُودّهَا الوَرْدَاتُ
وَنُدَارِيْ الضُّبا الَّتي فَرَتِ النَّحْرَ
لِئَلاّ تَغِيْظَهُنَّ الشَّكَاةُ
كُلُّ أَرْضٍ مِنْ بَعْدِ يَومِكَ طَفٌ
يَتَلَظّى، وَكُلُّ نَهْرٍ فُرَاتُ
***
يَوْمُكَ الأحمْرُ المُضَرّجُ يَدْعُونا
وَأنَّى مِنْ مَيِّتِينَ حَيَاةُ
يَسْتَحِثُّ السُّيُوفَ أَنْ تَهْجُرَ الغِمْدَ
فَتَأْبَى سُيُوفُنا الصَدِئَاتُ
https://telegram.me/buratha