التقارير

القاهرة:مسجد الامام الحسين (ع) قبلة المظلومين وضريح السيدة زينب (ع) ملجأ المحرومين

2097 20:00:00 2013-11-17

 

 

مروى محمد - القاهرة

يتمتع أهل البيت (ع) في مصر بمكانة عظيمة، فقد بدأت رحلة آل رسول الله (ص) الى مصر في منتصف القرن الأول الهجري وتحديداً في سنة 61 للهجرة، أي بعد وفاة النبي محمد (ص) بخمسين عاما، ومواجهة الامام الحسين يزيد بن معاوية رافضاً مبايعته والخضوع له، لينتهي الامر باستشهاده ومن معه، وأسر ذريته الطاهرة واقتيادها الى يزيد بن معاوية في موكب مهيب عرف في التاريخ باسم موكب الرؤوس، إلى دمشق ثم الى فلسطين ومنها إلى مصر المحروسة.

رحل سيد الشهداء لكن شعوب ثلاثة دول تنازعت على مكان دفنه، وعلى موضع "الرأس الشريف" بين دمشق وكربلاء والقاهرة، لتبدأ أسطورة الإمام السبط.

يروي شيخ المؤرخين المصريين أحمد بن علي المقريزي في معرض ذكره لتاريخ المشهد الحسينى رواية جاء فيها أن يزيد بن معاوية أمر برأس حفيد النبى (ص) فطوّف به ولايات الخلافة حتى انتهى إلى عسقلان في فلسطين، فلما جاء القائد الفاطمى "الصالح طلائع" افتدى الرأس من أمير عسقلان الصليبى بمال كثير، ووضعه في رداء أخضر على كرسي من الأبنوس (خشب أسود صلب) ونثر تحته المسك والطيب وأقام فوقه المشهد الحسيني القائم.

سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية، كانت مصر خاضعة للحكم الفاطمي، ومنذ ذلك الوقت، تعلقت قلوب المصريين بمسجد الحسين وهو "القبلة الثانية" للقاهرة بعد الأزهر، يستقبل يوميا زوارا من مختلف المحافظات، غير أن الإقبال إلى المسجد يزداد فى أيام الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وذكرى مولده (ع). وفي شهر رمضان، يصبح الضريح والساحة المحيطة به قبلة لسكان القاهرة، فمنهم من يتنسم فيه رائحة "سليل النبوة" ومنهم من يذهب إلى الإمام الشهيد، دون أن يشغل باله بموقع الدفن الحقيقي، فالإمام روح أعلى من أي جسد.

في بدايته، كان المسجد ضريحا متوسط المساحة، بناه الصالح "طلائع" من الحجر المنحوت، واتخذ له 3 أبواب ومئذنتين وقبة واحدة في أعلى الضريح، الذي يقال إنه ضم رأس الإمام الحسين (ع)، ولكن الأمراء والولاة الذين توالوا على مصر في عهد الدولة الفاطمية وما أعقبها، وصولا لعهد الملك الصالح أيوب عمدوا إلى توسعة الضريح وبناء المسجد، وحفروا فيه سبيلاً من الماء مخصّصاً للزائرين. وأعيد تجديد الضريح دون تغيير عمارته فى عهد الصالح نجم الدين أيوب بعد احتراقه بسبب الشموع التي يوقدها داخله الزائرون. وكانت آخر عملية توسعة قامت بها الحكومة المصرية عام 1953 لتصبح مساحة المسجد الكلية 3340 متراً مربعاً. وبقيت أمام المشهد قاعدة حجرية عليها بقايا رخام، هي ما تخلف عن المنارة التي بناها "أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكري" امام الضريح الحسيني عام 634 هجرية.

وكما يحمل المصريون الحب والتقدير للامام الحسين (ع)، فهم يحملون حباً بالقدر نفسه لشقيقته السيدة زينب (ع) التي عانت بعد استشهاده من التضييق، بعد أن تخلّى الجميع عمن بقي من آل البيت (ع) وسبوهم، فلم تجد السيدة زينب (ع) من كل بلاد الله أرضاً تستضيفها وتحميها من بطش يزيد وزبانيته غير أرض مصر، فقررت الهجرة اليها.

وهكذا ولت العقيلة وجهها شطر أرض الكنانة، رحلت إلى مصر التي وصلتها في الأول من شهر شعبان سنة 61 للهجرة، أي بعد واقعة كربلاء بأكثر من سبعة أشهر. علم أهل مصر بقدوم آل بيت رسول الله (ص) إلى بلادهم .. فذاب قلب مصر في جوفها.....وخرج أهلها أفواجا ليكونوا في استقبال آل بيت رسول الله (ص). ويا لها من كرامة ويا له من شرف أن يتخذ أولاد رسول الله (ص) من أرض الكنانة مقرا ومستودعا لهم، ومن ثم كان اللقاء في قرية بلبيس (في محافظة الشرقية الآن) واحاط أهل مصر بأولاد رسول الله (ص) والسيدة زينب (ع) ومن معها من الذرية الطاهرة واحتضنوهم وفي مقدمة مستقبليها مسلمة بن مخلد الأنصاري أمير مصر.

وخلال هذه المدة التي أقامتها بمصر بذرت بذور الحركة المعادية لبني أمية، وأثارت الرأي العام المصري ضد من قتلوا الإمام الحسين و(ع) وآله وأصحابه في كربلاء، كما أقامت المآتم الخاصة والعامة على أرواح هؤلاء الشهداء الميامين. كان المصريون يواظبون على زيارة عقيلة بني هاشم، يلتمسون بركتها وينهلون من علمها وفقهها ومن تراث جدها المصطفى (ص)، ومن ثم تحول بيتها الى قبلة لطالبي العلم حتى صار مسجدا لا يزال موجودا الى اليوم. ويقع مسجدها وضريحها الشريف في حي السيدة زينب في القاهرة.

ويعتبر الحي الذي يقع فيه الضريح من أشهر الأحياء الشعبية في القاهرة حيث يكتظ بالمقاهي ومطاعم الأكلات الشعبية واعتاد أهل القاهرة خصوصا في رمضان على الذهاب إلى هناك.

ومن أشهر معالم هذا الحي بجوار ضريح السيدة زينب أيضا شارع زين العابدين وهو شارع موازٍ للضريح ويعد من أكبر الشوارع التجارية في القاهرة.

وتعدّدت أسماء السيدة زينب التي اشتهرت بها بين المصريين كـ: "أم هاشم" و"عقيلة بنى هاشم" و"أم العواجز" و"أم العزائم" و"صاحبة الشورى" و"رئيسة الديوان".

ويُروى أنه عندما جاءت السيدة زينب (ع) الى مصر، كان الوالي ورجاله يعقدون جلساتهم في دارها وتحت رياستها، فسُمِّيت "رئيسة الديوان".. وكان دارها مأوى لكل ضعيف ومريض ومحتاج فسُميت "أم العواجز"، ولقبت بـ"أم العزائم" لحزمها وعزيمتها القوية ..

بعد السيدة زينب (ع)، قدمت السيدة نفيسة (بنت الحسن بن زيد ابن الامام الحسن ابن الامام علي بن أبي طالب عليهم السلام)، وكان في استقبالها الرجال والنساء بالهوادج والخيول، وكان اللقاء عند مدينة العريش وعادوا بها إلى الديار فرحين مهللين، حتى أصبحت مجالس العلم والفقه تعقد في دارتها ويحضرها كبار العلماء ورجالات الدين في مصر.

هؤلاء هم آل بيت رسول الله في مصر وهذه مساجدهم وديارهم، يقصدها الملايين صباحا ومساء، وأتى بعد ذلك شيوخ  الجامع الأزهر وعلماؤه أمثال الشيخ محمود شلتوت والشيخ سليم البشري والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ عبد الحليم محمود والشيخ الغزالي وقاموا بحفظ التراث النبوي لآل بيت رسول الله (ص) من خلال مئات الكتب والمؤلفات التي زخرت بها المكتبة الاسلامية وتوجّها الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، بشرح نهج البلاغة لأمير المؤمنين الإمام علي (ع)، إضافة الى ما قدمته قامات الفكر الاسلامي في مصر أمثال الاستاذ العقاد والدكتور طه حسين والاستاذ توفيق ابو علم والاستاذ علي احمد شلبي والاستاذ ابراهيم دسوقي والاستاذ عبد الرحمن الشرقاوي والدكتورة بنت الشاطئ للمكتبة الاسلامية من مؤلفات ومراجع عن فكر وفقه أهل بيت رسول الله (ص) والتي كان لها ابلغ الاثر في نمو وازدهار حركة الثقافة والحضارة في مصر.

وكان المصريون يحيون قديما ذكرى عاشوراء حيث كان الموكب يخرج من المسد ويجوب المدينة رافعا الأعلام في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع). وكان الموكب يتألف من مجموعة خيول يمتطيها الشباب للتذكير بموكب الإمام الحسين (ع) في كربلاء. وبعد أن تجوب الخيول المدينة يتجه الجميع إلى منازلهم لتناول طبق عاشوراء، وفي المساء يتجمع الناس في بيت كبير في القرية حيث يستمعون للقرآن الكريم وتنطلق الأناشيد في حب آل البيت.

وشهدت الوقائع التاريخية على مدى تغلغل العقيدة الإسلامية ومودة أهل البيت(ع) في نفوس المصريين، فمن أقدم مصادر ومراجع الشعر المصري في رثاء سيد الشهداء (ع) الشاعر أبو محمد ابن طلحة بن عبيد الله بن محمد بن ابي العون الغساني المعروف بـ(العوني المصري) وله قصيدة شهيرة في هذا السياق جاء فيها:

"فيا بضعة من فؤاد النبي بالطف أضحت كثيباً مهيلا،

ويا كبداً من فؤاد البتول بالطف شلّت فأضحت اكيلا،

قُتلت فأبكيت عين الرسول وأبكيت من رحمة جبريلا"

وأيضاً، يقول الشاعر القاضي الجليس ابو المعالي في إحدى مرثياته: إيمار فوق الارض فيض دم الحسين ولا تمورُ؟ أترى الجبال درت ولم تقذفهم منها صخورُ؟".

كما صاغ الكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي مسرحيتيه (الحسين ثائراً) و(الحسين شهيداً) بلغة شعرية مفعمة بالروح الانسانية عكست الروح الكبيرة التي جسدها الامام الحسين (ع) والمبادئ العليا التي سعى من أجلها في نهضته المباركة فيقول: "انا ذا اخوض المستحيل الى جلاء حقيقتك فأضيء طريقي من أشعة حكمتك.. انا ذا شهيد الحق ضعت لكي أصون من الضياع شريعتك لا تخف عن وجهي وضاءة نظرتك".

ويلجأ الكاتب الروائي جمال الغيطاني الى مسجد الحسين (ع) في القاهرة، لكي يستلهم المعاني العظيمة التي جسّدها الإمام الحسين فيقول: "وليت قبلة امامي الحسين وفاض أساي فخاطبته بوجهتي وليس بنطقي– يا نبع الصفاء، يا شرق المودة، تعذبني قلة حيلتي وصعوبة الطريق يا إمامي لم يعد حالي جئتك ملوعاً بالفقد"..

27/5/131117

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك