أفاد موقع "ديلي بيست" الأميركي في تقرير له، أن إدارة الولايات المتحدة الأميركية قررت خفض تمويلها لبرامج دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن ثمة مصالح أربع أصبحت لها الأولوية على عملية الديمقراطية المتعثرة بالفعل.
وأشار التقرير الذي نشره الموقع يوم السبت الفائت، أن مسؤولاً بالإدارة الأميركية أخبر الجهات المسؤولة عن هذا النوع من برامج المساعدة، الأمر الذي أثار غضب بعض الناشطين السياسيين لدى تلك الجهات، والذين أشاروا إلى أن نسبة الخفض جاءت على عكس توقعاتهم الأولى، وأن البيت الأبيض تخلى عن فكرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط بعدما كان يضعها على رأس قائمة أولوياته.
الجدير بالذكر، أن الإدارة كانت بالفعل قد قطعت مساعداتها عن ليبيا رغم الفوضى التي ضربتها عقب الإطاحة بـ«معمر القذافي» ، وذلك بسبب الهجوم الذي شنه متمردون على القنصلية الأمريكية في بنغازي، والذي أدّى إلى مقتل السفير «كريستوفر سيفنز» وثلاثة أمريكيين آخرين.
بالاضافة إلى ذلك ذكر تقرير "ديلى بيست" أن الإدارة أعلنت قرارها بقطع المساعدات قبيل احتفالات الميلاد ، حيث أشارت إلى أنها لم تدرج فى ميزانيتها أي تمويل إضافي لبرامج مساعدات دعم الديمقراطية والحكومة فى العراق ، أما مصر ، فقد تبنت الإدارة في التعامل معها مبدأ " ننتظر وننظر " وأرجأت قرارها إلى ما بعد إعلان نتيجة استفتاء الدستور المقرر إجراؤه منتصف كانون الثاني 2014.
كما ذكر الموقع، أن إجمالي المساعدات الأجنبية التى قررتها الإدارة الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ميزانية العام المالي 2014 هو 7،36 مليار دولار بانخفاض نسبته 9% عن الدعم الذي خصصته في 2013، ومن إجمالي تلك المساعدات خصصت الإدارة 298،3 مليون دولار أميركي لبرامج دعم الديمقراطية والحكومة في المنطقة، بخفض قيمته 160،9 مليون دولار أميركي عن العام السابق 2013.
وجاء في تقرير "ديلى بيست" رأي الجهات المسؤولة عن برامج التمويل والمساعدات والتي أخبرها مسؤولو الإدارة بهذا الخفض الشهر الماضي، حيث توقعت أن يؤثر خفض المساعدات بقوة على مساعي الإدارة الأمريكية لدفع العملية الديمقراطية فى المنطقة، وسيحول دون متابعة الخطوات التي أنفقت الإدارة الكثير من أجل إنجازها.
واعتبر "كول بوكينفيلد" الكاتب الأميركي، ومدير منظمة الدفاع عن مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، فإن " ثمة شكوكاً كانت تساور الكثيرين من تخلي الإدارة الأميركية عن مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، والآن وبعد إقرار نسب الخفض الكبيرة هذه أصبحت الشكوك واقعاً والمخاوف مؤكدة".
وأضاف "بوكينفيلد"، "كان تراجع الولايات المتحدة عن دفع العملية الديمقراطية في الشرق الأوسط واضحًا في الكثير من المناسبات، وأصبح الأمر حقيقة مؤكدة في كلمة الرئيس «أوباما» بالجمعية العمومية بالأمم المتحدة يوم 24 سبتمبر، والذي ركز فيه على فكرة المصالح الأمنية المتبادلة بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة العربية "، موضحاً أن الكثير مما جاء في خطاب «أوباما» كان موضع انتقاد الكثيرين الذين بدا لهم أن الرئيس يقلل من أهمية العملية الديمقراطية في المنطقة.
وتابع "بوكينفيلد" أن كلمة «أوباما» لم تتضمن إشارات واضحة إلى تراجع الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في مصر، رغم لجوء قوات الأمن أحيانًا للعنف في فض التظاهرات التي تلت عزل «مرسي»، مشيراً إلى أربعة أهداف أو مصالح رئيسية ركز عليها الرئيس في كلمته، وهي "مناهضة العنف الموجه من الشرق الأوسط ضد الولايات المتحدة، الحفاظ على استمرار تدفق النفط والمنتجات البترولية من المنطقة لأمريكا، القضاء على الجماعات الجهادية والإرهابية، ومنع الانتشار النووي وحظر أسلحة الدمار الشامل" ، موضحاً أن دعم الديمقراطية يأتي في ذيل القائمة بالمرتبة الخامسة، وفي المقابل يرى أصحاب حملات دعم الديمقراطية ، حسبما أشار التقرير، أن دفع العملية الديمقراطية يخدم مصالح الولايات المتحدة الأربع الأولى.
وأوضح تقرير الموقع أن قرار خفض المساعدات يعزى لتحديات تواجهها الولايات المتحدة ومجتمعها الفيدرالي تتعلق بالميزانية، ولكن هذا لا ينفي التراجع الواضح في الخطاب الأميركي عن دفع العملية الديمقراطية، وأشار "بوكينفيلد" إلى أن ثمة عبارة متكررة تورد في البيانات التي يوجهها مسؤولو الإدارة لمناصري الديمقراطية في الشرق الأوسط، ألا وهي "لا بد من توسيع أفق الرؤية".
وحسبما جاء على لسان "بوكينفيلد"، فإن مسؤولي الإدارة يرون أن مسؤولي منظمات الدعاية للديمقراطية في الشرق الأوسط ينظرون لـ "دمقرطة العرب" من منظور ضيق، يركزون فيه على بناء منظمات المجتمع المدني وتقديم الدعم الفني في الانتخابات، زاعمين أن تمكين المرأة وتنفيذ برامج اقتصادية سينعكس لا محالة على العملية الديمقراطية بشكل عام.
وأشار تقرير "ديلي بيست" إلى أنه فيما يرى بعض الناشطين أن تراجع الإدارة عن دعم الديمقراطية يعكس رغبة الولايات المتحدة في تجنب أي صدامات مع حكومات المنطقة ، فإن البعض الآخر يرى أن تعثر الديمقراطية في المنطقة هو السبب الرئيسي لتراجع «أوباما» عن دعمها حتى ينأى بنفسه عن أي لوم أو اتهام بإفشال الربيع العربي.
هذه يعني ان النقاب قد كشف عن أن إدارة الرئيس الأميركى «باراك أوباما» لوحت بخفض المساعدات التى تقدمها لبرامج دعم الديمقراطية فى دول الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر، التى قررت الإدارة الأميركية إرجاء تقديم المساعدات لها لما بعد انتهاء الاستفتاء على الدستور المزمع عقده فى 15 كانون الثاني الجاري.
لكن ما هي الأسباب التي جعلت الإدارة الأميركية تأخذ هكذا قرار، وتتراجع عن دعمها للديمقراطية في الشرق الأوسط ؟ هل هو بسبب أولويات المواطنين الذين لا يريدون بلدهم أن يتدخل في شؤون البلدان الأخرى.
فقد أجرى مركز "بيو" استطلاع للرأي بين فيه أن نسبة عالية من الأميركيين تبلغ 49 %، تميل للمرة الأولي منذ عام 1964 إلي أن " تعني أميركا بشأنها ، وتترك بقية دول العالم التصرف في أمورها بأفضل طريقة تراها " .
وعلّق أنريو كوهوت، مدير مركز "بيو" الذي أجري الإستطلاع، قائلا " نشهد زيادة غير عادية في نسبة الإنعزاليين والأحاديين "، ونسب هذا التوجه إلى بطء معدل العودة إلي الإنتعاش الإقتصادي، والقلق من حربي العراق وأفغانستان، والمخاوف المتنامية من أن تكون الولايات المتحدة ما زالت معرضة للإرهاب ".
البعض يشجع هذا القرار والبعض الآخر يخالفه، هل الأسباب التي ذُكرت هي بالفعل الأسباب الحقيقية؟ أم أن الإدارة الأميركية لبت مطالب مواطنيها وقررت تخفيض تدخلها في شؤون الشرق الأوسط والعالم؟ أم أن هنالك أسباب سياسية أخرى تقف وراء ذلك؟
19/5/140108
https://telegram.me/buratha