وجوه علتها شحبه ونظرات حائره وابتسامات امتزج بعضها بدموع فرقه لاحباب او اصدقاء واهات وزفرات كانت دليلاً على عمق المأساة وبلاغة الجرح ، التقيتهم افراد ومجاميع في قضاء ابي الخصيب جلست معهم ودارت بيننا احاديث رووا فيها قصصهم مع الرعب وزمر الاجرام والتكفير .... انهم المهجرون قسراً.كل الذين التقيتهم اعربوا عن خشيتهم وابدوا تحفظاً من نشر اسماءهم ولاسباب كثيره عرفت عندها مدى الاثر النفسي الذي يعانيه هؤلاء نتيجة الرعب والاعمال اللانسانية والقذره التي تعرضوا لها وقسم اخر رفض في البدايه رفضاً مطلقاً حتى الكلام ولكنهم تكلموا وبعد ان احسوا اني اشاركهم مشاعرهم وانهم الان بين اناس يشفقون عليهم ومستعدون لمساعدهم .اول لقاء كان لي باحد الاخوه المهجرين والمدعو (ع.س.ع)((كان الرمز عن الاسم هو الحد الاعلى الذي توصلت له معهم لنشر احاديثهم )) بدى هادئاً في بداية الامر وبدأيحكي قصته وكيف انه شعر بالغربه الشديده في منطقته التي يسكنها منذ عشرات السنين فلا احد يعينه ولا احد يساعده بين من اوصد بابه خوفاً او من اعرض عن الامر تشفياً ولا ادري لماذا؟! بعد ان قامت زمره ارهابيه مكونه من مجموعه من المسلحين الملثمين بالقاء ورقة تهديد مطبوعه امام باب داره يطلبون من الرحيل فوراً والا كان مصيره هو وافراد عائلته الذبح .يقول الاخ صحيح اني حزنت واصبت بالرعب ولكني احجمت وقلت في نفسي قد يكون مجرد كلام وبعد يومين فقط وفي ساعه متأخره من الليل استيقضت على قرع باب داري وعلمت من طريقة قرع الباب ان القادم يريد بي الشر فقد كانت قرعهم للباب يسمع على بعد مئات الامتار وقفت خلف الباب وقلت من؟ اجابني احدهم (افتح ياكافر والاكسرت الباب) لم ادري ماذا اصنع ومن دون تفكير فتحت الباب فهجموا دفعه واحده وبدأوا بضربي وركلي واخبروني ان علي الرحيل غداً فوراً والا فاني مذبوح لامحاله –فخرجت باليسير من امتعتي انا وعائلتي على الفور لاندري الى اين نتجه حتى وصلنا الى هنا .اما الاخ (م.ع) وكان عمره في متوسط الخمسين وقد علا لحيته البياض لكثرة الشيب فيها فكانت مأساته اعظم فهذا الرجل فقد ولده (أ.م)نتيجة الاعمال الخسيسه للارهابيين وما ان سألته عن قصة تهجيره حتى ارتسمت على وجهه علامات خاصه ايقنت على اثرها ان صورة ولده التي ما زالت تعيش في فؤاده وروحه قد عادت لتكون شاخصه بين عينيه اطرق قليلاً ثم بداء بالحديث: قال: انا موظف في الشركه العامه لصناعة الاسمده في بيجي – كانت لي علاقه طيبه مع جميع جيراني في الحي وكنا نشاهد هذا الوضع الامني المتدهور ونتحرك بحذر وفي احد الايام لم يعد ولدي الى الدار فذهبت لأسأل عنه فعلمت ان مجموعه مسلحه قد أخذته من الشارع العام في منطقة الصينيه واقتاده الى جهه مجهوله فذهبت على الفور وابلغت مركز الشرطه ان ولدي قد خطف دون سبب فهو لم يكن منتمياً الى أي جهه سياسيه ولم يكن له أي نشاط سياسي فلماذا يختطف وكنت اعلم ان الشباب الذين يخطفون اغلبهم ان لم يكن كلهم من الشيعه وهذا يعني ان سبب الاختطاف هو سبب طائفي .وأضاف ان جهاز الشرطه في تلك المناطق ضعيف ولا يمكنه التصدي للإرهابيين وان مهمتهم هي ليست الحفاظ على حياة الناس بل تسليم جثث المقتولين غدراً الى ذويهم –المهم- بعد عدة ايام ابلغت ان الشرطه قد عثرت على جثة لشاب مرميه على الطريق يرتدي قميصاً وبنطلونا وعندما ذهبت لاعاين الجثه كغيري من ذوي المختطفين اكتشفت (وهنا اختنق بعبرته) وصمت لفتره وتحادرت من عينيه دمعتان على لحيته البيضاء ثم اكمل حديثه: اكتشفت ان الجثه كانت لولدي وانها تعرضت لعيارات ناريه بمختلف انحائها اضافه الى اثار التعذيب الظاهره عليها .اما المدعو (ح.س.س) فقد روى كيف ان مجموعه من الموظفين تم تهديدهم لانهم يرتادون حسينية بنيت في حي الاسمده في بيجي –وهو احدهم – ثم طلبوامنهم في المره الثانيه الرحيل وبعد ايام اقدموا على تفجير ونسف بناية الحسينية بما فيها من مصاحف وكتب اما زميله (ع.ع.خ)وهو من ابناء المذهب السني فانه روى لي كيف انهم كانوا قادمين من عملهم في محطة توليد الطاقه الكهربائيه في بيجي وفي منتصف الطريق اعترضت طريق السياره التي كانت تقلهم مجموعه مسلحه من الملثمين ثم انزلوا تسعه اشخاص منهم واوثقوا ايديهم الى الخلف وطلبوا منهم ان يتمددوا على الارض ثم بدأوا باطلاق النار عليهم واحداً واحداً حتى قتلوهم جميعاً وصعد احد افراد المجموعه الى السياره وسألني هل انت شيعي ؟؟ قلت لا انا سني قال هل انت من سنة الجنوب قلت نعم من البصره فقال (انتم سنة الجنوب كلاب ) عليك ان ترحل من المنطقة والا كان مصيرك كهؤلاء الكفره .اما اغرب واعجب تلك الروايات فهي مارواه (ج.ع.ع) الذي قال : كنت اعمل حلاقاً في سوق المنطقة التي اسكن فيها وكان لي صديق محله الى جانب محلي يبيع المواد الكماليه وفي احد الايام اخبرنا احد اصدقاءنا ان(فلان) قد اغتيل مساء اليوم الماضي عندما كان في عمله في فرن للخبز والصمون وان المجموعه التي اغتالته القت منشورات مفادها ان هذا جزاء كل من يعمل في افران الصمون ( لان الصمون حرام كما يزعمون )- سبحان الله وهل انزل الله بهذا من سلطان ان هو الا افك افتروه على الله ورسوله – واكمل الاخ كلامه قائلاً بعد عدة ايام علمت ان مهنتي تقع ضمن نطاق التحريم وان كل من يعمل في الحلاقه سيكون مصيره القتل وبناء على ذلك اغلقت باب المحل لعدة ايام ووقع ماكنت اتوقعه حيث قتل اثنان من الحلاقين الذين يعملون في المنطقه ثم نسف محل المواد الكماليه العائد لصديقي الذي يجاور محل عملي عندها ايقنت ان حياً فيه الصمون والحلاقه حرام فالعيش فيه حرام ايضاً فرحلت .(احجمت عن بعض القصص المروعه للقتل والتمثيل مراعاة لمشاعر ذويهم )