التقارير

«جنيف – 2» ومحاولات ردم الهوّة بين طرفَي الأزمة

1575 06:56:00 2014-02-08

عمر الصلح

تُحاول موسكو التي كانت ولا تزال تلعب دور البوصلة السياسية للأزمة السورية منذ اللحظة الاولى، وبكلّ قدراتها التوصّلَ الى أيّ اتفاق مبدئي حول أيّ ملف من الملفات العالقة بين طرفي الأزمة لتتوّج به اعمال الجولة الثانية في جنيف.

ويدرك الديبلوماسيون الروس جيداً انّ تحقيق تقدم ايجابي في المفاوضات يحتاج الى تنازلات، حتى وإن كانت “مميتة”، أي خارج سياق الايديولوجيات التي تتبعها روسيا في ثبات إزاء كثير من الملفات، وتحديداً مع ظاهرة “الارهاب”، فالقيادة الروسية اثبتت مراراً منذ وصول الرئيس فلاديمير بوتين الى السلطة عام 2000، أنّ الحوار مع الارهابيين لا يندرج في قاموسها السياسي، بصرف النظر عن الكلفة والنتائج، وهذا ما تجلَّى في عملية “مسرح دار الثقافة” في موسكو عام 2002، عندما ضخّت القوات الخاصة الروسية غازاً كيماوياً عبر انابيب التهوية في القاعة، تلتها عملية اقتحام كبرى للمبنى الذي سيطر عليه 50 مسلحاً شيشانياً، ما ادى الى مقتل واختناق اكثر من 170 شخصاً.

تجربة روسيا الثانية تجسّدت عام 2004، بعد تمكن 31 إرهابياً من احتجاز اكثر من 1100 شخص في مدرسة “بيسلان”، وعلى رغم خطورة الموقف اقتحمت القوات الروسية الخاصة المدرسة بالدبابات والاسلحة الثقيلة، ما ادى حينها الى مقتل 320 شخصاً من المحتجزين من بينهم 186 طفلاً، ناهيك عن مئات الجرحى.

ولكنّ اعلان الخارجية الروسية أنّ “التوصل الى اتفاق لوقف العمليات العسكرية لثلاثة ايام بين الحكومة السورية والمجموعات المسلحة التي تسيطر على مدينة حمص القديمة لايصال المساعدات الانسانية واجلاء المدنيين، جاء بفضل الجهود التي بذلها الديبلوماسيون الروس وممثلو الامم المتحدة”، يشير الى انّ موسكو تعمل جاهدة لارساء توافق الحد الادني في أيّ من مسارات الازمة السورية وفق مبدأ “الغاية تبرّر الوسيلة”.

ولكنّ ثمّة مَن يرى أنّ “دخول الديبلوماسية الروسية على خط التفاوض مع المجموعات المسلحة التي وصفتها موسكو مراراً بالمتطرفة والارهابية، او حتى رعاية مفاوضات من هذا النوع ومباركتها وإن كان الهدف “هدنة إنسانية” يأتي خارج سياق النهج الروسي”.

ولعلّ المؤشرات السلبية التي تدور في فلك جولة جنيف الثانية دفعت موسكو الى تخطي الخط الاحمر في تعاطيها مع الارهاب، وتحديداً تشبّث طرفي النزاع في مواقفهما السابقة، اذ إنّ وفد الحكومة السورية المفاوض نائب وزير الخارجية فيصل المقداد عشية توجهه الى سويسرا ربط انجاح المؤتمر بوقف نشاط المجموعات الارهابية ومَن يدعمها اقليمياً ودولياً، ما يعني في اختصار انّ النظام السوري يذهب مجدداً الى جنيف على قاعدة “راوح مكانك” في العملية التفاوضية.

وعلى المقلب الآخر، فإنّ مواقف الإئتلاف المعارض ليست افضل حالاً، إذ إنّ مروحة مواقفه لم تتخطَّ اقصاء الرئيس بشار الاسد عن السلطة، وهذا ما بدا واضحاً خلال زيارة رئيس الإئتلاف احمد الجربا لموسكو وسعيه الى اقناعها بالموافقة على وضع “مرحلة الحكم الانتقالية” ضمن اولويات جولة جنيف الثانية، ما يعني أنّ مواقف طرفي الازمة لا تزال تراوح ضمن المربع الاول الذي انطلقت منه في آذار 2011.

ولا شك في انّ موسكو لم تُغير نهجها في التعاطي مع الارهاب، لكن بحسب مراقبين، فإنّ ما قام به اركان السفارة الروسية في دمشق على خط التفاوض مع المجموعات المسلحة في حمص هو بمثابة “خطوة بعكس السير” ولمرة واحدة، بهدف ردم الهوّة الكبيرة بين طرفَي الأزمة السورية.

18/5/140208

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك