أنقرة - حسن الطهراوي
رغم حالة البرود الحاصلة في علاقات تركيا مع "اسرائيل" من حيث الشكل والتمثيل الدبلوماسي على الاقل خلال السنوات الثلاث الاخيرة الا ان الاتصالات واللقاءات والتعاون الامني والتجاري لم تنقطع بين الطرفين منذ الهجوم الوحشي الذي نفذته قوات الاحتلال الاسرائيلي على سفينة مافي مرمرة التركية عام 2010 وادى الى مقتل تسعة من المتضامنين الاتراك، مع الشعب الفلسطيني، وأشاع حالة من الغضب في تركيا دفعت رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الى تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع "اسرائيل" واشترط لعودة العلاقات معها الى وضعها الطبيعي تقديم اعتذار رسمي لتركيا وتعويض اهالي الضحايا ورفع الحصار عن غزة.
ويبدو أن اللقاءات المتواصلة بين الطرفين قد أوصلت الى اتفاق مبدئي يتعلق بتحديد المبلغ الذي ستدفعه "اسرائيل" لتعويض اهالي ضحايا سفينة مرمرة. وقد كشفت وسائل اعلام اسرائيلية عن مضمون هذا الاتفاق، حيث وافقت "اسرائيل" على دفع 15 مليون دولار كتعويص فيما كانت تطالب تركيا بـ30 مليون دولار، وفي مقابل ذلك تسقط تركيا الدعاوى القضائية المرفوعة في المحاكم التركية ضد بعض القادة العسكريين الاسرائيليين المتهمين بالاشراف والمشاركة في الهجوم على سفينة مافي مرمرة وعودة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء.
المسؤولون الاتراك لا ينفون هذه المعلومات ويرفضون الحديث فقط عن قيمة التعويض والرقم الذي تم الاتفاق عليه. وقال نائب رئيس الوزراء بولنت ارنتش "اننا قريبون جدا من الاتفاق.. يوجد بعض الاشكاليات البسيطة سيتم تجاوزها".
وبحسب مصادر مطلعة في العاصمة انقرة، فان الوفد التركي الذي تفاوض مع الاسرائيليين برئاسة المسؤول في وزارة الخارجية التركية فريدون سنرلي اوغلو قد عاد الى انقرة يوم الاثنين الماضي بعد انجاز الاتفاق الذي بات الان بحاجة الى موافقة رئيس الوزراء اردوغان.
تركيا واسرائيل
هذا التطور لم يشكل مفاجأة، وفق المراقبين، خاصة بعد الكشف عن ملفات الفساد وتورط وزراء ومقربين من حزب العدالة والتنمية الحاكم فى هذه الفضائح الامر الذى وضع حكومة اردوغان في موقف صعب داخليا وخارجيا وكذلك في ظل استمرار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الامريكية على حكومة انقرة وحاجة الاولى لعودة علاقات طبيعية بين تركيا و"اسرائيل" تساعدها بتنفيذ مخططاتها ومشاريعها في منطقة الشرق الاوسط وخاصة فيما يتعلق بمستقبل الاوضاع في سوريا ولا سيما أن الموقف الاسرائيلي يتطابق مع الموقف التركي تجاه الوضع السوري.
لكن اللافت أيضاً أن علاقات الجانبين خاصة على الصعيد الاقتصادي قد شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الاخيرة على الرغم من الازمة السياسية التي تفجرت بعد حادثة مرمرة، ففي حين كان حجم التبادل التجاري بين تركيا و"اسرائيل" في عام 2009 -قبل الهجوم على مافي مرمرة- يصل الى 2,4 ملياري دولار ارتفع في عام 2010 الى 3 مليارات دولار، كما وصل عام 2012 الى 4 مليارات دولار.
وكانت تركيا قد وقعت مع "اسرائيل" على اتفاقية للتجارة الحرة في اذار/ مارس عام 1996 ودخلت الاتفاقية حيز الاتنفيذ في ايار/ مايو من عام 1997. وكان ظفر شاغليان وزير التجارة السابق في حكومة اردوغان الذي قدم استقالته الشهر الماضي على خلفية فضائح الفساد قد كشف في جلسة للبرلمان التركي عن ان حجم التبادل التجاري بين تركيا و"اسرائيل" قد حقق ارقاما قياسية بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في عام 2001.
وأضاف شاغليان: ان حجم التبادل كان في عام 2000 يصل الى 560 مليون دولار فيما وصل في عام 2012 الى 4 مليارات دولار ليحقق بذلك زيادة وصلت الى 258%".
29/5/140208
https://telegram.me/buratha