من الصعب ان تسأل الحوثي ماذا ترید؟..لانه سیرد علیك بالقول: انني في ارضي وبین شعبي وثقافتي ومذهبي یمتد الی مئات السنین، فما الذي یریده الآخرون مني؟! لماذا لا یتركوني حراَ في ارضي وبین شعبي ویهتموا هم بارضهم وشعوبهم...
یری الحوثیون انهم اصل القبائل التي انتمت الی المذهب الزیدي، بل انهم امتداد للشهید زید بن علي بن الحسین بن ابي طالب علیه السلام. وبالتالي هم قبائل سادة واشراف ینتمون الی الدوحة النبویة الشریفة ولیس هناك في الیمن من یشك في ذلك... كما انهم عكس اعدائهم لم یكونوا جزءاَ من السلطة المتوكلیة التي قامت ضدها الثورة في الیمن عام 1962 والتي بقیت تدعمها السعودیة ضد الثوارحتى عام 1970، بل كانوا بیت علم بین الزیود وأهل اليمن...
وبهذا الارث العلمي والنسبي والمكانة ظهرت حركة "الشباب المؤمن" وجناحها السیاسي "حزب الحق" بزعامة الشهید حسین بدر الدین الحوثي عام 1992 والتي استطاعت استقطاب عشرات الألوف من الشباب الیمني الباحث عن هویة ضاعت علی ید الوهابیة السعودیة والمصالح القبلیة لـ"حاشد" التي حولت الیمن بعد حرب 1994 الی مزرعة یمتلكها ابناء الشیخ صادق الاحمر وابناء علی عبد الله صالح.. الذین سیطروا علی الجیش والمخابرات والمواقع الاقتصادیة...
وترافق ظهور الحركة الحوثیة مع متغیرات كثیرة علی صعید الیمن والمنطقة، ومنها:
1 ـ استفحال الحركة الوهابیة التي اسس لها الشیخ مقبل الوادعي من خلال دار الحدیث في دماج عام 1979 بالاموال والمبشرين من السعودیة والدعم الحكومي والتي اخذت باستفزاز الناس في دینهم وعقائدهم.
2 ـ الصراع بین اجنحة السلطة التي تسیطر علیها "حاشد"،علی المصالح الشخصیة والامتیازات وعسكرة المجتمع الیمني الذي هو قبلي ومسلح بالاساس.
3 ـ اصطفاف البلدان الخلیجیة مع القوات الامیركیة والغربیة وحرب عاصفة الصحراء التي انتهت بطرد صدام حسین من الكویت.
4 ــ ظهور النواة الاولی لتنظیم القاعدة من خلال عودة العرب الافغان ومحاولات مشایخ السعودیة لتوجیه الجهد الارهابي ضد المذاهب الاخری (غیر الحنبلیة والوهابیة).
5 ـ توقیع معاهدات التسویة واتفاقیات الاستسلام مع الكیان الصهیوني بعد محادثات مدرید واتفاقیة اوسلو.
6 ـ ظهور حزب الله لبنان كقوة مقاومة بوجه المشروع الصهیوني والمكاسب التي استطاع ان یحققها في جهاده ونضاله.
وكما يظهر من اسم الحركة التي یعتبر الشهید حسین بدر الدین الحوثي الاب الروحي لها (الشباب المؤمن) فان الحوثیین كانوا یهدفون الی عودة المجتمع الیمني الی ذاته والی عقیدته الزیدیة التي صارت تحارب في عقر دارها ویهمش معتنقوها من الحیاة السیاسیة والثقافیة والاقتصادیة.
وامام الصحوة الزیدیة هذه، بدأت السعودیة والسلطة الیمنیة حربها ضدهم والذي تطور الى الهجوم العسكري، فاستشهد السید حسین بدر الدین الحوثي عام 2004 علی ید القوات الیمنیة، وخاضت الحركة ستة حروب دفاعاً عن النفس، كانت الحرب السادسة والاخیرة اشدها.. وقد شاركت فیها الی جانب قوات الجیش الیمني والملیشیات القبلیة التابعة لآل الاحمر والسلفیین من اعضاء حزب التجمع الیمني للاصلاح (الاخوان المسلمین) القوات السعودیة الخاصة التي كانت مدعومة من الاردن والمغرب وبالمعلومات التي قدمتها الاستخبارات والاقمار الاصطناعیة الامیركیة والفرنسیة، والتي كانت نتیجتها الهزیمة للجیش الیمني والقوات الخاصة السعودیة التي تكبدت خسائر كبیرة مقابل الحوثیین، وفق وثيقة أميركية سربتها ويكيليكس بعنوان(RIYADH 1687).
وما ان قامت الثورة اليمنية وحراك ساحات التغيير في فبراير 2011 ضد حكومة علي عبد الله صالح، تحرك الحوثيون على صعيدين، الاول، استعادت مواقعهم وبلداتهم التي فقدوها خلال الحرب السادسة، والثاني، المشاركة في ساحات الاعتصام والتظاهر، فأستعادوا صعدة في 24/3/2011، وأغلب محافظة الجوف ومحافظة حجة ومحافظةعمران...
واثر التفاف الانظمة الخليجية والقوى السلفية وحاشد بمساعدة الاميركيين على الثورة اليمنية، من خلال ما سمي بالمبادرة الخليجية، حاول الحوثيون الذين اطلقوا على حركتهم "حركة انصار الله" تثبيت مطالباتهم التاريخية، في: انهاء التهميش واعمار شمال اليمن ونظام ديمقراطي حرَ يكفل للجميع حقوقهم وكف السلفيين عن استفزاز عقائد الناس ووقف الاعتداءات التي تقوم بها القوات السعودية على الحدود مع صعدة وغيرها من المحافظات، والمشاركة في صنع القرار وتقرير المصير..
لذلك من حق الحوثي ومن يسانده في رأيه وموقفه، الذين قدموا في سبيل سيادة اليمن وعزة أهلها والحفاظ على حضارتها وتراثها ألاف الضحايا، ان يطالبوا بضمانات حقيقية على الارض، في عدم محاصرتهم جغرافياً وسياسياً وأمنياً وفي استلامه زمام مناطقه وابعاد بؤر التوتر المذهبي عنه وانصافه في التنمية والتعليم والاعمار.. هذا مايريده الحوثي.. لا اكثر!
19/5/140221
https://telegram.me/buratha