عصام عوني
تتسارع الحوادث وتتلاطم أمواجها الهادرة وتقرع الطبول ويضرب على طاولات أبت يوماً أن تتفق، ويعلن العالم حرباً باردة جديدة، حامية الوطيس مضموناً، وتدور الرحا والأيام ويحلّ اليقين: سورية مركز الكون ودينامو عواصف عنيفة بدّلت كل شيء، وما بدّلت فيها تبديلا.
دخلت سورية عامها الرابع وهي تخوض حرباً كونية ضروس لم يسبق لدولة في العالم أن خاضتها أو واجهت ضباع ميدانها، وما زالت دولة بالمعنى الكامل، بل تطورت ذاتياً وتقدمت في عدة مجالات وتأقلمت مع راهن الحال، والأهم أنها صمدت.
ليست وحدها دمشق تقارع رؤوس الشر وتجابه قوى الظلام، وإن تصدرت الدماء والتضحيات الجليلة، بل معها أصدقاء ثبت بما لا يقبل الشك أنهم أوفى الأوفياء ومن عزمها استمدوا العزم وقالوا نحن هنا وما كان ولى. هي معادلات جديدة رسمتها دمشق ليصير الاستثمار رابحاً. ربحت وربح المستثمرون.
فشلت واشنطن ومن معها في إخضاع دمشق أو تحقيق أي نصر يذكر على جيشها، وأدركوا أن من يقف وراء هذا الصمود عملاق كبير، فكانت الواقعة في أوكرانيا، علماً أن مقوّمات وقوعها حاضرة، وسرعان ما ردت موسكو.
شبه جزيرة القرم دولة مستقلّة ذات سيادة وجزء لا يتجزأ من الاتحاد الروسي الفدرالي. الصفعة مجلجلة، بعثرت ساسة البيت الأبيض وسماسرة واشنطن، فتخبطت هذه الأخيرة وفرضت «العقوبات»! وسخرت موسكو وضرب بوتين بيده على الطاولة، وكلهم اليوم إليه قادمون، آسفون، وإن بدا الأمر غير ذلك، فالعهر «صنعة» كما يقال والعهر ديدن الغرب.
ككل مرة، وفي كل حدث، وحين تشعر «إسرائيل» بأن وجودها ومكانتها على المحك، تتدخل، وإن بما تمتلك من مساحة وقدرة محدودتين. تفتعل مناوشات بين الحين والآخر، ومعادلة اليوم العبوات الناسفة، فترد دمشق، وتردّ المقاومة، ولكلّ منهما رسائله الخاصة الفاعلة، فيستقيم ميزان الردع والرعب في آن واحد.
سبقت تدخلات «إسرائيل» الجبانة انتصارات متتالية يحققها الجيش العربي السوري على كامل الأرض السورية، من الرقة إلى حمص إلى يبرود فرأس العين أخيراً، وقريباً رنكوس وفليطة، قبل التفرّغ لجبهة الجنوب وفيها الحدث المدوي وعلى أثره تستعاد حلب بأكملها والمناطق والبلدات السورية كافة.
«إجو يحذو الخيل، قام الفار مدّ إجرو»! والفأر هنا مملكة العمالة والفساد الأردنية التي عليها واجب تنفيذ المؤامرات في كل طنة ورنة ضد سورية الدولة بجميع مكوناتها، فتغير «إسرائيل» على الجولان ويدخل رعاع اللحا الصفرا من داخل المملكة ويقتحمون سجن درعا المركزي مطلقين عدداً من السجناء المحكومين في قضايا جنائية لا علاقة لها البتة بالسياسة، ما يضطر الجيش العربي السوري إلى الرد، مردياً عدداً كبيراً من الإرهابيين وبعض السجناء الهاربين وتولى الجيش الأردني تأمين هرب من تبقى منهم، ما يحتم على الدولة السورية القيام بـ«فركة أذن» لعميل عمان قريباً هذا، إن لم تفعل قبل الانتهاء من كتابة هذا المقال.
ما يدور في خليج البعير ليس بعيداً عما يدور في سورية والقرم والعالم، كذلك في لبنان، ويظل الاشتباك الدولي والإقليمي محدوداً حتى زيارة أوباما لمملكة الرمال، فإما يكون التصعيد وتضيع قطر بين مساومات المواخير، أو تعاد غربلتها لتعود إلى الحضن السعودي، والأرجح ترويض البعير والتسليم بعالم جديد وبنصر سورية العميق.
في لبنان بدأ الجيش اللبناني القيام ببعض واجباته كدخوله عرسال، وغداً مناطق أخرى يعيث فيها الإرهاب فساداً وفتنة، منطلقاً للعدوان على سورية ولبنان معاً، وما بيان الحكومة إلاّ نصر يحققه الأصدقاء، فمن عنوانه الثابت يحصد القمح الوفير رغم المنغّصات الكثيرة.
الحوادث والرسائل:
ـ الجيش العربي السوري يتقدم وينتصر ويسحق الإرهاب.
ـ روسيا ترد الصفعة بأقوى منها وتعود القرم إلى حضنها.
ـ الجهاد الإسلامي تجبر الكيان «الإسرائيلي» على استجداء التهدئة.
ـ إيران نووية ولا تغيير قيد أنملة في برنامجها النووي.
ـ إنهيار كامل وشامل للإرهابيين ومشغّليهم في سورية.
ـ معادلة من نوع جديد: لن تهنأ «إسرائيل» بأمنها بعد اليوم بالعبوات الناسفة التي ستؤرقها في كل حين.
ـ قالها الرئيس بشار الأسد: نحن ماضون إلى الأمام، قضيتنا حماية وطن والذود عن شعب ولن نتخلى عن المسؤولية، هيهات منا الهزيمة وسننتصر وسنحسمها.
صدّقوه، فالرئيس الأسد يعيدنا اليوم بالذاكرة إلى ما قاله السيد نصرالله عندما قال: هيهات منّا الذلة وكما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم به مجدداً… وانتصر وسينتصر الأسد.
البناء
12/5/1403022