أكدت مصادر سعودية مطلعة أن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يرفض ولا ينوي التنحي عن الحكم، ليتولى ولي العهد الأمير سلمان مقاليد السلطة.
وأوضحت المصادر في تصريح لـ"يونايتد برس انترناشونال" أن ما تردد بهذا الشأن لا يمت للحقيقة بصلة. وأضافت: صحيح أن الملك عبد الله (90 عاما) يعاني من متاعب صحية معروفة لدى الجميع.. ولكنه لازال قادراً على إدارة دفة الحكم بكل كفاءة واقتدار.
وأشارت إلى أن الملك ينجز الكثير من المعاملات الحكومية بشكل يومي.. ويتحامل على نفسه لإنهاء أكبر قدر ممكن منها.
وكانت وسائل إعلام عربية تداولت أن القرار الذي اتخذه الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بتعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد يأتي ضمن ترتيبات سيعلن عنها في الفترة المقبلة لترتيب مسألة العرش في السعودية من بينها وأهمها تنحي الملك عنه.
وظهر الملك السعودي على شاشة التلفزيون وهو يتنفس عن طريق أنبوب أوكسجين خلال استقباله الرئيس الأميركي باراك أوباما، يوم الجمعة الماضي، في منتجعه في روضة خريم شمال شرق الرياض.
من جانب آخر رأت "رويترز" في تقرير لها أن تعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد السعودي خطوة أولى نحو معالجة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الأسرة الحاكمة منذ 50 عاما وتفادي أزمة محتملة في الخلافة بالمملكة.
وقالت الوكالة: تقترب أسرة آل سعود الحاكمة بسرعة من اللحظة التي يجب أن تقرر فيها كيف ستقفز من جيل أبناء الملك عبد العزيز مؤسس المملكة إلى جيل أبنائهم وأبناء إخوتهم وهي عملية تحفها الصعوبات.
وترى الأسرة نفسها الآن على أنها تحكم جزيرة نادرة من الاستقرار في منطقة مشتعلة بالصراعات والخلافات السياسية وتواجه تحديات سكانية وشيكة مما يجعل هذا القرار أكثر إلحاحا.
ويقول الكاتب خالد المعينا في مقال بصحيفة "سعودي جازيت" اليومية التي تصدر بالإنجليزية "لا يوجد بديل. لا يوجد خيار. يجب أن يكون هناك وضوح وتعامل سليم مع مسألة الخلافة".
ورغم الحرص الشديد على إبقاء أي نوع من التنافس على السلطة بين فروع سلالة الملك عبد العزيز خلف أبواب القصور الملكية يقول سعوديون لهم صلات بالأسرة الحاكمة إن بعض أعضائها قلقون من تهميشهم. لكنهم يحرصون على تجنب صراع داخلي شامل على السلطة على غرار ذلك الذي سبق أن أسقط أسرتين سعوديتين حاكمتين في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كما يحرصون على منع تكرار حالة الشلل الإداري التي أصابت البلاد قبل 18 عاما حين أقعدت جلطة الملك فهد دون أن ينقل صلاحياته رسميا لغيره.
وقال جوزيف كتشيتشيان المؤرخ المتخصص في شؤون الممالك الخليجية: "هذا ترتيب للبيت لأن الملك وولي العهد متقدمان في السن وليسا في أفضل حال صحيا. وبالتالي فهذه خطوة احترازية لضمان ألا يحدث فراغ عند الحاجة وأعتقد أن هذا مهم في حد ذاته".
وقال مسؤولون أمريكيون إن الملك عبد الله بدا في حالة جيدة وأجرى مناقشات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مدى ساعتين متصلتين مساء الجمعة على الرغم من أنبوب الأوكسجين الذي كان موصولا بأنفه. لكنه قلما يظهر في مناسبات عامة أو يعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع زعماء أجانب.
ويبلغ ولي عهده الأمير سلمان من العمر (78 عاما) أما الأمير مقرن الذي أعلن تعيينه وليا لولي العهد يوم الخميس فيعتقد أن عمره 69 عاما.
ومع اصطفاف الأمراء يوم الأحد لمبايعة الأمير مقرن تحت ثريات قصر الحكم في الرياض في صور بثتها وسائل الإعلام الرسمية زخرت الصفحات السعودية على مواقع التواصل الاجتماعي بالشائعات عن مزيد من الخطوات.
ويتجاوز تعيينه الامتياز الخاص بولي العهد الأمير سلمان في اختيار ولي عهده حين يتولى الحكم وقد أثار تكهنات بشأن اتفاق أوسع بين الأجنحة المختلفة للأسرة الحاكمة.
وعلى مدى العامين المنصرمين أجرى الملك عبد الله سلسلة من التعيينات ورقى الكثير من الأمراء الشبان بينهم أبناؤه لمناصب كان يشغلها فيما سبق أعضاء أكبر سنا من أسرة آل سعود في محاولة على ما يبدو لتشكيل فريق جديد للحكم.
ومن هؤلاء الشبان ابنه الأمير متعب بن عبد الله الذي يقود الحرس الوطني السعودي وابن أخيه الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية وهما يعتبران أقوى مرشحين من جيلهما لحكم المملكة في المستقبل.
وللمرة الأولى منذ الستينيات لا يستطيع معظم السعوديين التكهن بأي درجة من اليقين بأسماء الأمراء الثلاثة أو الأربعة التاليين في التسلسل غير الرسمي للحكم.
ويعد الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلمان آخر عضوين نشطين بالأسرة الحاكمة من مجموعة من الأمراء أطاحوا بالملك سعود عام 1964 لصالح الملك فيصل ليؤسسوا مبدأ انتقال السلطة من أخ لأخيه.
ولم تأت على المجموعة التالية من الأمراء بعد لحظة مماثلة توحد المواقف ويخشى البعض أن يؤدي الانتقال في نهاية الأمر إلى الجيل القادم إلى زعزعة استقرار ميزان القوى بين الفروع المختلفة لأسرة آل سعود. وإذا تمكنت الأسرة الحاكمة من إبرام اتفاق داخلي الآن فقد يساعد في تشكيل جبهة موحدة في لحظة تواجه فيها المملكة تحديات خارجية أكبر من أي وقت في التاريخ الحديث إذ تسود الحرب والفوضى السياسية أرجاء العالم العربي.
وأشار محللون إلى إعلان أن هيئة البيعة وافقت على تعيين الأمير مقرن وهي هيئة من أفراد الأسرة الحاكمة أنشأها الملك عبد الله عام 2006 للمساعدة في صياغة عملية الخلافة.
وتتكون من 40 فرعا يمثلون سلالة الملك عبد العزيز مما يعني أنه حتى لو كان الأمراء من فرع أو اثنين فقط هم المرشحون المرجحون لمنصب الملك يظل لبقية أفراد الأسرة الحاكمة نفوذ.
ويقول سعوديون مطلعون إن الحصول على موافقة الأسرة على المضي قدما في تعيين الأمير مقرن قبل وفاة الملك عبد الله ربما يكون انطوى على مفاوضات مطولة ومعقدة.
وتساعد القواعد التي تحكم هيئة البيعة على استقرار العملية لكن كثرة الفروع المشاركة من الأسرة يمكن أن تنطوي على صعوبات في حد ذاتها إذ ينبغي مراعاة عدد كبير من المصالح.
25/5/140402
https://telegram.me/buratha