الساعة العاشرة صباحا من يوم الثلاثاء الموافق للثالث من شهر سبتمبر من العام 2013 أعلنت محطات التلفزة الأميركية، إستنادا الى تأكيدات روسية أن صاروخين قد أُطلقا بإتجاه مياه البحر الأبيض المتوسط، ويسلكان طريقهما نحو المدن السورية، وأن محطة رصد إستخبارية وفضائية روسيا في سيبيريا قد رصدت الصواريخ، هذه المعلومات يعرفها كل العالم، لكن الأخطر ظل مجهولا، مما يتطلب فك الطلاسم، وحل الألغاز وصولا الى ما جرى في ذلك النهار، الذي استعد لدخول التاريخ.
في ذلك اليوم أحيط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من كبار المسوؤلين العسكريين بقصة الصواريخ، فأصدر بوتين أمرا فوريا لقواته، بوضع كل المعلومات الإستخبارية، وصور الأقمار الصناعية، والمعدات العسكرية فوق البوارج الحربية الروسية في البحر المتوسط تحت إمرة القيادة العسكرية السورية، وإطلاع كبار المسؤولين السوريين على المعلومات، وتمرير شيفرة عسكرية للأميركيين بأن موسكو مستعدة للحرب، وأنه ينبغي وضع تفاهمات وقواعد جديدة، أو تمنح موسكو لدمشق حق إستخدام صواريخ عسكرية روسية لإسقاط الصواريخ الأميركية التي كانت تحتاج حينها الى 3 ساعات لضرب أهداف سورية.
تم إبلاغ القيادة السياسية والعسكرية في سوريا بصورة الموقف، جاء بعد ذلك تأكيد روسي جازم أن موسكو لن تتردد في الدخول بالحرب إذا ما سقطت هذه الصواريخ على أهداف سورية، وكانت روسيا في حيرة من أمرها والوقت يمر سريعا، فإما أن تترك روسيا وسوريا الصواريخ الأميركية تسقط على أهداف سورية، وبالتالي تنفيذ الأميركيين لتهديداتهم ضد مزاعم إستخدام الكيماوي في غوطة دمشق، وإما أن تتصلب روسيا وسوريا، وتستعدان للأسوأ.
في تلك الساعات المجنونة كان التقدير الروسي يصل الى القيادة السورية، وهي أنه يسمح للسوريين بإسقاط أي صواريخ أميركية عبر صواريخ روسية مضادة جرى تسليمها للسوريين، قبل أن يأتي تقدير جديد للسوريين مفاده أن وحدة بحرية روسية مرابضة في الأبيض المتوسط ستتولى إسقاط صواريخ أميركا بعيدا عن سماء سوريا، بنوع غامض وجديد من الصواريخ الدفاعية لا يخطر ببال القوات العسكرية الأميركية، ومع إقتراب الصواريخ الأميركية جرى تدميرها عبر منظومة صواريخ روسية مضادة، وأي من رادارات الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط لم ترصد الصواريخ الروسية، والأخطر أن أميركا لم تعلم بتدمير صواريخها في الأبيض المتوسط إلا بعد أن سقطا في البحر، اعتقدت واشنطن بداية أن الصواريخ سقطت لأسباب فنية أو تقنية كونها صواريخ من سلالة جديدة هي الأخرى.
بعد هذه الصواريخ خضعت أميركا لحقيقة أنها لم تعد القطب القائد الأوحد لهذا العالم، وتأكدت إدارة باراك أوباما أن وقوف روسيا الى جوار سوريا ليس مرتبطا ببحث موسكو عن مصالح مالية أو نفوذ سياسي، بل إرتباط سياسية وعسكري وثيق يصعب كسره، أو الإلتفاف عليه.
12/5/140403