في المملكة، يُقال إن ثلاث وزارات حسّاسة (الدفاع، والداخلية، والحرس الوطني) من شأنها أن تحسم مآل السلطة. وهو ما يفسر اهتمام الاعلام بكل من سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ومحمد بن نايف بن عبدالعزيز، ومتعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بالتزامن مع ورود تقارير عن تدهور الحالة الصحية للملك السعودي. قبل أن يبرز مؤخراً إلى جانب هذه الأسماء، المرضي عنها أميركياً، اسم الأمير مقرن أصغر أبناء عبدالعزيز الأحياء، بعد تعيينه في منصب استحدث له.
سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وهو أحد السديريين السبعة من أبناء الملك المؤسس، وشغل مستشاراً لأهم ملوك المملكة. يعاني من صعوبة في التركيز عقلياً وفق ما ينقل مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن سايمون هندرسون. وقد افتُضحت أزمته لدى استقباله وفداً رسمياً ليبياً مؤخراً، عندما قال: أبلغوا سلامي للأخ العقيد معمر القذافي، ما أحرج المملكة وخرجت أقلام تنفي أن يكون ولي العهد السعودي قد وقع في "هفوة"، مبررة أنه أراد توجيه رسالة سياسية من خلال كلامه.
وضع الأمير سلمان الصحي فتح باب السلطة أمام وزير الداخلية محمد بن نايف، ونجل الملك متعب بن عبدالله. اعتبر البعض أن محمد بن نايف هو رجل أميركا الأول، كون اتصالات ابن عمه متعب بالأميركيين تُدار عن طريق غير مباشر عبر عبد العزيز بن عبدالله، شقيق الأمير متعب، وفق ما يذكر المتخصص في الشؤون السعودية د. حمزة الحسن في حديث خاص لموقع المنار.
تقرير سابق نشره موقع المنار، تحدث عن رغبة الأميركيين في تنصيب محمد بن نايف ملكاً ، نظراً لحاجتهم إلى خبرته في مكافحة الجماعات المتطرفة، على أن يتم إرضاء متعب بتعيينه ولياً للعهد. واستندت هذه التحليلات الى حفاوة استقباله لدى زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، وأيضاً في تنسيقه مع الأميركيين فيما يتعلق بالتضييق على الجماعات المتطرفة، ليُفهم بعد ذلك القرارات السعودية الأخيرة في فرض عقوبات على المقاتلين في الخارج ودعم منابر اعلامية أطلقت سهامها على دعاة "الجهاد" في سورية، وأبرزهم الاعلامي داوود الشريان، المقرب من جناح بن نايف.
تثبيت أبناء الملك عبد الله في السلطة
شكل وصول متعب بن عبدالله للمُلك وتثبيت أشقائه في السلطة هدفاً عمل عليه العاهل السعودي بالتعاون مع رئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري - يقول د. الحسن- تماماً كما نجح أبوه عبدالعزيز التويجري في إيصال الملك عبدالله الى العرش.
"بعد وفاة الأمير نايف بات هناك مؤامرة قوية من داخل الجناح الذي يقوده نجل الملك الأمير متعب بن عبدالعزيز، بالتعاون مع خالد التويجري، وتحت مظلة الملك عبدالله كي ينتهي المطاف إلى تعيين متعب وليا للعهد ومن ثم ملكا والقفز فوق كل صف الأمراء الموجود حاليا من أجل القيام بذلك"،يذكر المعارض السعودي سعد الفقيه.
وواقعاً فقد نجح الملك عبدالله في تثبيت أبنائه في مناصب عُليا، فأعفى أخاه بدر بن عبد العزيز من منصب نائب رئيس الحرس الوطني، وعيّن نجله متعب، قبل ان يحولها إلى وزارة تنافس وزارة الدفاع التي يترأسها الأمير سلمان. كما عيّن نجله عبدالعزيز كنائب لوزير الخارجية سعود الفيصل، وابنه الآخر مشعل أميراً لمكة وتركي بن عبدالله نائباً لامارة الرياض.
ومع تنامي قوة وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف، أُعلن عن تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز نائباً ثانياُ لرئيس مجلس الوزراء، وذلك في أول شباط/ فبراير 2013. وهو المنصب الذي كان يشغله وزير الداخلية السابق نايف بن عبدالعزيز.
تعيين الأمير مقرن وتوقيته
في 27 آذار/ مارس الماضي، وقبل زيارة الرئيس الأميركي باراك اوباما للرياض صدر أمر ملكي بتعيين الأمير مقرن كولياً لولي العهد، ما يؤهله لأن يكون ملكاً في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد.
القرار رأى فيه سايمون هندرسون بانه يلقي ظلالاً من الشك حول الاحتمالات السياسية والمالية المستقبلية لكل من الأمير سلمان وما تبقى من أشقائه الأمراء "السديريين السبعة": عبد الرحمن بن عبد العزيز، وتركي الثاني بن عبدالعزيز، وأحمد بن عبدالعزيز. وهؤلاء إلى جانب أبناء سلمان يضغطون على الأمير السديري " للاحتفاظ بمظهر الملك القادم" وفق توصيف هندرسون.
إلا أن الخبير السعودي حمزة الحسن وجد أن القرار يأتي كتسوية ضمن سيناريو، يضمن فيه الأمير متعب بن عبدالله منصب ولاية العهد، على ان يتولى محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد، بعد تسلم الأمير مقرن منصب الملك، وهو ما يرضي الملك عبدالله من جهة والأميركيين أيضاً.
كلام الحسن سبق ألمح إليه هندرسون جزئياً في مقال له نشره "معهد واشنطن"، استعرض فيه سيناريوهات تجيب عن تساؤل: "من سيكون الملك القادم للمملكة العربية السعودية؟" أما عن كيفية خلو طريق السلطة أمام مقرن، فيشرح سايمون هندرسون بأن "التحرك المحتمل التالي في لعبة الشطرنج هذه في العائلة المالكة هي أن يكون للملك عبد الله فريقاً من الأطباء يعلن أن الأمير سلمان غير مؤهل طبياً، الأمر الذي سيسمح بالارتقاء المبكر للأمير مقرن إلى منصب الوريث الواضح".
وفي حال تمت تنحية الأمير سلمان، فسيكون الملك عبدالله قد نجح في تأخير تفجر أزمة ملك مرتقبة في المملكة، بعد تثبيت أبنائه في السلطة. لن يكون تغيير مسار انتقال الحكم في المملكة سهلاً، اذ كيف سيقبل أحفاد المؤسس عبدالعزيز بأن تُسحب السلطة من أيدي الأبناء لصالح فرع دون الآخرين؟ التوارث العامودي للحكم، بعد الأفقي المعتمد حالياً، لا مفر منه خصوصاً بعد مرحلة الأمير مقرن، فهل سيحدث ذلك خضة خطيرة على حكم آل سعود؟ أم ان العائلة الحاكمة ستتدارك الوضع لعلمها ان سقوط الهيكل قد يطيح بالجميع؟ 21/5/140406
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha