د. عامر السبايلة *كاتب وباحث أكاديمي اردني
مع تطور مسار الاحداث في المنطقة، تجد واشنطن نفسها خارج المعادلة الشرق أوسطية.. سورية لم تسقط، لا بل ان الرئيس الأسد جدد وجوده عبر انتخابات رئاسية، وحزب الله تحول للاعب اقليمي.. الرئيس السيسي هو كذلك عبر الى منصب الرئاسة، حتى حلف امريكا الخليجي دخل في مخاض اعادة تقييم العلاقة، بعد الخلاف مع واشنطن على مجمل تفاصيل مشهد التعامل مع كل هذه الملفات.
الدخول الجديد لواشنطن الى المعادلة الشرق أوسطية التي أغلقت فيها واشنطن ابواب سورية ومصر، قد لا يتم بسهولة، مما يستدعي ايجاد حلف يشترك في هدف رئيسي هو مكافحة الارهاب.
من اللافت رصد طريقة تسويق التلفزيونات الامريكية للاحداث في العراق، بطريقة تفوق اية تغطية اوروبية أخرى، مما يعطي الانطباع أن الولايات المتحدة تسعى لتعويض الفشل السياسي، عبر تهيئة الراي العام الامريكي لموضوع ضرورة مكافحة الارهاب، الذي يبرر حالة الفشل السياسي التي لحقت بالديمقراطيين، خصوصا على بعد أشهر قليلة من انتخابات الكونغرس.
منطقيا يعد موضوع التعامل مع التوسع الارهابي الخطير عاملا مهما للجمع بين كل الدول المتصارعة. لذلك فالتفاهم الامريكي الايراني يتحول منطقيا في العراق الى شراكة مقبولة من الجميع بحجة مكافحة الارهاب. حتى تركيا ستسعى للالتحاق بركب مكافحة الارهاب بعد ضمانها ما سعت اليه في موضوع قدرة اقليم كردستان على انجاز بيع نفط الشمال دون الرجوع الى الحكومة المركزية، وبهذا يضمن أردوغان اعادة انتاج نفسه والخروج من أزمة فشل مشروعه في المنطقة.
الحقيقة أن وجود ايران والولايات المتحدة في خندق مواجهة الارهاب نفسه في العراق، هو سيناريو يؤسس للمرحلة القادمة، التي يمكن ان تتضمن القبول الامريكي للواقع السوري وما بعده، خصوصا ان وزير الخارجية كيري كان قد زار لبنان، وتوجه بالطلب المباشر لحزب الله في المساهمة بانهاء الازمة في سورية.
كثيرة هي التوقعات للمرحلة القادمة، لكن أبرزها قد يكون بروز دور كبير للبشمركة في انهاء الازمة الامنية، ودخولهم على مسار مواجهة الجماعات الارهابية.
بالاضافة الى احتمالية ظهور صيغ من التفاهمات الامريكية الايرانية بخصوص الوضع السياسي للعراق، من دخول شخوص جدد للعملية السياسية، واحتمالية التعامل مع واقع سياسي جديد في شمال العراق.
أما بوصلة المصالح السياسية فتشير الى ان المسار المنطقي للامور يظهر مصلحة حقيقية لمجمل الاطراف المأزومة من فشل أنقره ومشروعاتها في المنطقة، وخصوصا في سورية ومصر.. هنا تلتقي المصلحة التركية مع مصلحة اقليم كردستان وحتى اسرائيل التي ترى فيما يجري ضربة مهمة لايران التي بسطت سيطرتها السياسية على الاقليم.
بالاضافة الى ان سياق الامور وطريقة وسرعة انهيار المدن العراقية، يعزز فكرة عدم قدرة الحكومة المركزية على ضمان أمن الشمال العراقي، وبالتالي ضرورة التدخل التركي خصوصا بعد تعرض رعايا اتراك لحالات اختطاف.
اما الجزئية الثانية التي قد تعزز هذه الفرضية فتتمثل بتضخيم قدرة قوات البشمركة على اعادة الامن والتغلب على تنظيم داعش.
كل هذه المعطيات قد تعزز مستقبلا فكرة انفصال كردستان التي باتت تصب في مصلحة الاكراد وتركيا واسرائيل بالاضافة طبعا الى الولايات المتحدة الساعية لتعويض فكرة سقوط العراق بيد ايران.
تجدر الاشارة هنا الى ان الصراع بين انقرة وبغداد كان قد تأجج في عدة محطات، كان آخرها موضوع السماح لكردستان ببيع نفط الموصل وكركوك بقرار فردي دون الرجوع الى الحكومة المركزية.
اما وصول الارهاب الى الحدود العراقية الاردنية سيتطلب من الاردن استباق الخطر القادم واللحاق بركب مواجهة الارهاب الاقليمي، لكن معظم القراءات تشير الى أن الاردن سيبقى عاجزا عن فتح خطوط مباشرة مع الايرانيين، مما قد يعني ارتهانه للرؤية الامريكية مجددا.
في المقابل قد تكمن مساحات المناورة عند الاردن اليوم بالسعي لفتح خطوط تواصل مع السوريين مباشرة، والتواصل مع الاماراتيين والسعوديين والمصريين، واعتبار ان الاردن يواجه تحديات لا تقل خطورة عن كل ما يجري في المنطقة.
13/5/140616
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha