عدي رستم
تعيش المنطقة الآن عشيّة فوضى إسلاميّة ناجمة عن توازنات عديدة، فالعيون اليوم كلها شاخصة إلى العراق وما يحدث فيه من فوضى وهابية إرهابية ردّاً على نجاح الرئيس الدكتور بشار الأسد في سورية، وبذلك يكون أقفل باب المراهنات على كسر الحلقة السورية، فتقرّر الانتقال إلى العراق والعبث باستقراره بعد انتصار المالكي وفشل الجميع في محاولات إسقاطه.
ما يحدث في العراق ليس إلاّ رؤية سورية أدركتها بعد التحركات التي شهدتها في الداخل السوري كانت بحنكة القيادة السورية، إذ تمثل الذكاء الاستراتيجي للقيادة السورية بنجاحها في إرجاء لحظة تبلور المواقف لتشبيك قاطرة المعركة على سورية بقاطرة ما سُمّيَ «الربيع العربي» والمعركة المستقبلية لتحجيم النفوذ الإيراني المتعاظم، وتحديد الدور الروسي العائد إلى الساحة السياسية بقوة، خاصة بعدما ساد النظام العالمي مرحلتين هما مرحلة القطبية الأحادية ومرحلة اللاقطبية، وهاتان المرحلتان ليستا بنظامين عالميين جديدين لغياب قواعد اللعبة الدولية في مرحلة القطب الواحد، وليستا نظامين جديدين لعدم قدرة مرحلة اللاقطبية على أن تكون نظاماً دولياً جديداً.
ظهر أنّ ما يحصل في سورية من إرهاب تكفيري ليس ثمرة دعوات إلى إقامة دولة مدنية تبشر بقدوم المجتمع المدني بجاذبية الشعارات المطروحة في الساحة السورية. ما قامت به داعش في غرب العراق وخطر تمدّدها على أنقاض «القاعدة» التي فشلت في سورية تمثل بسقوط الموصل وصلاح الدين وانضمام مجموعة من الفرق تحت لوائها ليس سوى رسالة تركية سعودية تعبّر عن حجم الخسارة التي مُنيت بها كل من تركيا التي فشلت في سيطرتها على مناطق استراتيجية ككسب وغيرها، والسعودية في وقف النفوذ الإيراني الممتدّ، حيث أن ثمة تفاهماً أميركياً إيرانياً أبعد من البرنامج النووي إلى التنسيق الأمني والاستراتيجي في المنطقة، علماً أننا على مشارف الاستعداد لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان، وواشنطن معنية ببلوغ هذا الاستحقاق.
تركيا والسعودية تتصرّفان بمنطق حلاوة الروح، وهذا تصرف مفهوم لدولة تريد أن تملأ فراغاً في لحظة انفلات تاريخي، فتفعل ما تراه مناسباً إما لكسب معيّن أو لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه أو لتحسين الموقع التفاوضي عندما تحين لحظة القسمة والتفاهمات الدولية في المناطق الاستراتيجية.
هل انتقلت أميركا من سياسة الاحتواء المزدوج التي ثبت فشلها بعدما تكرّس النصر السوري بأن تحتوي كلاً من الجرثومة واللقاح لتصل في نهاية المطاف إلى الاصطفاف في خندق كلّ من يقاتل الجراثيم؟
.............
البناء
..........
22/5/140621
https://telegram.me/buratha