كتب المحرر السياسي لجريدة البينة البغدادية
نجحت الجهود الكبيرة التي بذلت بهدف الدفع بانعقاد الجلسة الافتتاحية للدورة التشريعية الثالثة يوم أول أمس "الثلاثاء" بعد أن أدى 255 نائبا “القسم” للوفاء للعراق ولشعبه ولوحدته ونظامه الفدرالي.
ويحاول بعض المنخرطين بالعملية السياسية، تصوير إنعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب بدورته الثالثة على أنها انجاز دستوري كبير منع حدوث الفراغ الدستوري..وكأن موضوع عقد الجلسة بحد ذاته هدف وليس وسيلة لمعالجة أزماتنا الخانقة..
ومع أن العراقيين منشغلين بالدفاع عن وجودهم ضد الهجة الشرسة التي تشنها التنظيمات الأرهابية المتكونة من تحالف بقايا النظام الصدامي والقوى التكفيرية، إلا أنهم كانوا كمن يتعلق بقشة لتنقذه من الغرق، فعلقوا آمالا على إنعقاد جلسة مجلس النواب الجديد..إلا أننا كعادتنا حينما لا نصل الى شوارع الحدث إلا بشق الأنفس، فقد كادت الأمور تمضي بانسيابية في أعمال انعقاد الجلسة، بعد أداء القسم والدعوة لاستراحة نصف ساعة كي يتشاور زعماء الكتل على صفقة اختيار الزعامات الثلاثة، لمناصب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، لولا أن قيام نائبة من التحالف الكردستاني ” نجيبة نجيب ” بمداخلة لا علاقة لها بمواضيع انعقاد الجلسة الافتتاحية، إذ طالبت رئيس الوزراء نوري المالكي بما أسمته رفع الحصار عن اقليم كردستان، طلبها هذا جوبه مجابهة غير متوقعة وبتصعيد لا مبرر له، من احد نواب كتلة رئيس الوزراء إلا الرد عليها، فقال لها ” تستولون على كركوك ونفطها وتتواطأون لاستيلاء داعش والبعثيين على الموصل والآن تتحدثين عم رفع ما تسميه حصارا عن كردستان”.
هذا التطور أدى الى حلق حالة من الفوضى في مجلس النواب، مما دعا الحافظ الى رفع الجلسة للاستراحة نصف ساعة .
وبعد انتهاء فترة الاستراحة خلت مقاعد كثيرة من شاغليها، إذ قاطع اغلب النواب السنة وكذلك الكورد الجلسة، وشارك بعض نواب الكتل التحالف الوطني في الانسحاب، ما أدى الى عدم استكمال النصاب.
ودفع برئيس السن الدكتور مهدي الحافظ الى رفع الجلسة الى أن تنعقد بعد أسبوع آخر لاستكمال المباحثات بين رؤساء الكتل السياسية للتوصل الى اتفاق حول المناصب الرئاسية الثلاثة.
بالحقيقة الفشل الأكبر في الجلسة كان من ثوب التحالف الوطني، الذي لم يستطع الإستجابة للمطالب الشعبية، ولما أشارت به المرجعية الدينية بضرورة الإسراع بتشكيل حكومة تجمع كل العراقيين، وحسم موضوع إختيار المناصب السيادية الثلاث، ومنها منصب رئيس الوزراء من داخل التحالف، والتفرغ للمهمات الكبرى لمعالجة الموقف الخطير الذي يمر به العراق..لذلك فسر بعض المتابعين أن الدربكة التي حصلت في جلسة الأفتتاح كانت مفتعلة، أو على ألأقل أستثمرها النائب عن دولة القانون للتغطية على الإرتباك الحاصل في التحالف الوطني، بشأن إخفاقه بحسم منصب رئيس الوزراء، بعد إصرار دولة القانون على طرح السيد المالكي مرشحا وحيدا..
من جانب آخر فإن حدوث الانسحابات لم يعد أمرا مفاجئا، إذ كان من المتوقع انسحاب الكتل السنية لأنهم مختلفين على أسم المرشح لمنصب رئيس مجلس النواب، وهو منصب من حصة السنة العرب وفقا لعرف غير مكتوب في العملية السياسية، في وقت تدنى حظ النجيفي في الحصول على منصب رئيس مجلس النواب قبالة منافسه سليم الجبوري، وكذلك كان متوقعا انسحاب أعضاء التحالف الكردستاني على اسم المرشح لمنصب رئيس الجمهوية، الذين هم أيضا لم يحسموا خياراتهم الداخلية فيمن يتولى هذا المنصب الذي هو من حصتهم..
كل ما حدث بتداعيات الجلسة الافتتاحية، لا يلغي الاتفاق على أن انجازا دستوريا كبيرا قد تحقق بانعقاد هذه الجلسة، حيث منع حدوث الفراغ الدستوري في العراق، وهو ما كانت تراهن عليه السعودية وأصحاب مشروع المؤامرة بدعم وتقسيم العراق، لان عدم انعقاد الجلسة الافتتاحية، كان سيصيب استمرار وجود الدولة في البلاد بضرر كبير، وكان سيشكك بقرارات الدولة في المجال العسكري والسياسي الاقتصادي في البلاد، وهو ما كانت تسعى الى تحققه كل من السعودية والدول المشاركة معها في دعم داعش وفلول البعثيين الذين تطلق عليهم الحكومة السعودية ووسائل اعلامها بـ ” الثوار ” .
https://telegram.me/buratha