التقارير

الجيش السوري و”داعش” يتقاتلان بضراوة لأوّل مرّة… لماذا؟

1544 16:28:40 2014-07-30

إندلعت في الأيام القليلة الماضية معارك ضارية بين الجيش السوري ومسلّحي تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي (أي “داعش” قبل تغيير الإسم)، هي الأولى من نوعها لجهة الضخامة والشراسة وحجم الإصابات في صفوف الطرفين، منذ ظهور هذا التنظيم حتى اليوم، حيث كانت المعارك السابقة بين الطرفين محدودة جغرافياً ومتفرّقة زمنياً وغير مهمّة تكتيكياً. فما هي أسباب هذا التحوّل؟

لقد تجنّب النظام السوري في السابق التواجه مع مسلّحي “داعش” بشكل واسع وعنيف إلى درجة مثيرة للإستغراب، دفعت خصوم هذا النظام إلى إتهامه بأنّه وراء تأسيس التنظيم الإرهابي، أو على الأقلّ بأنّه لعب دوراً مساهماً بذلك، بفعل إطلاقه مئات المحكومين السوريّين والعرب من السجون السورية باعفاءات غير مبرّرة في خضم الحرب. لكنّ إطلاق هؤلاء المساجين المتعمّد لم يكن نتيجة تحالف مُسبق معهم، كما يُردّد خصوم النظام، بل لأسباب تكتيكيّة واضحة، خطّط لها النظام السوري ونجح في تحقيقها على مدى نحو عامين كاملين، وتحديداً حتى الأمس القريب، أي حتى تغيّر المعطيات وإندلاع المواجهات المباشرة. فالنظام السوري بذل جهوداً مُضنية لتحويل الأحداث من “ثورة شعبيّة على حُكم دكتاتوري” – كما رغب وحلم خصومه، إلى “حركة إرهابية خطرة على العالم أجمع” – كما خطّط ونفّذ النظام. وهو نجح عبر تجنّب المواجهات المباشرة الواسعة مع مسلّحي “داعش” في السابق، وعبر إطلاق الكثير من الإسلاميّين المتشدّدين المحكومين بأحكام طويلة الأمد، وعبر التركيز على قتال وإضعاف مقاتلي “الجيش السوري الحرّ”، في توسّع نفوذ إرهابيّي “داعش” على حساب باقي المعارضات من الناحية الميدانية، متسبّباً بإصطدام كل مسلّحي المعارضة بعضهم مع بعض. كما نجح في كسب المعركة الإعلامية أمام الرأي العام الغربي والعالمي، عبر إظهار وحشيّة وتخلّف مُسلّحي المعارضة، وخطرهم الكبير على دول العالم أجمع.

لكن بعد التحوّلات الميدانية الكبيرة في العراق خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتمكّن مسلّحي “الدولة الإسلامية” من التوسّع جغرافياً في مناطق عراقية واسعة ذات أغلبيّة عدديّة سُنّية، ووضعهم اليد على عتاد عسكري تابع للجيش العراقي وكسبهم أموالاً طائلة بالقوة والنهب وحتى عبر بيع المواد النفطيّة، إزداد الخطر المباشر على النظام السوري بشكل كبير. فورقة إنقسام المعارضات على نفسها، وقتالها بعضها ضد بعض تراجعت كثيراً بفعل نُموّ قوّة مسلّحي “داعش” على حساب باقي المعارضات من جهة، وبفعل تمدّد مناطق سيطرة هذا التنظيم الإرهابي من مدينة الموصل ومحافظتي نينوى والأنبار في العراق، حتى محافظة الرقّة وبعض أجزاء محافظة حلب وغيرها من المناطق في سوريا من جهة أخرى. وبعد أنّ قرّرت قيادة “الدولة الإسلامية” التي تتحرّك وفق خطط مدروسة ومعدّة بعناية – بعكس ما يظنّ الكثيرون، إخراج الجيش السوري من الجيوب العسكرية المحصّنة التي كان لا يزال ينتشر فيها في محافظة الرقّة، وسيطرت على مقرّ “الفرقة 17″ التي تُعتبر قاعدة عسكريّة كبيرة للنظام تقع شمال مدينة الرقّة، ونكّلت بجثّث جنود الجيش، وبعد أنّ شنّ مسلّحو التنظيم الإرهابي هجوماً صاعقاً على حقل الشاعر النفطي والغازي في محافظة حمص، وبعد أن قاتلوا قوات النظام في الحسكة وفي ريفها شمال شرق سوريا وفي ريف حلب أيضاً، بدا واضحاً أنّ تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي، يسعى لوصل مناطق سيطرته في كل من العراق وسوريا بشكل كامل وخال من أيّ جيوب عسكريّة، أكانت تابعة للجيش السوري أم للمعارضات السورية المختلفة. كما أنه يسعى لبسط سيطرته على كل حقول النفط والغاز المتوفّرة في العراق وسوريا أيضاً. وبفعل كل هذه الأحداث والتطوّرات، إضطرّت القيادة السورية إلى إتخاذ قرار المواجهة بشراسة، حيث دارت معارك ضارية بين الطرفين، تدخّل فيها الطيران السوري منفّذاً العديد من الغارات وموقعاً خسائر بشريّة كبيرة في صفوف المسلّحين. وقد شنّ الجيش السوري أيضاً هجوماً برياً كبيراً تمكّن خلاله من إستعادة حقل الشاعر النفطي والتلال المحيطة به في محافظة حمص بعد أكثر من أسبوع من إستيلاء مسلّحي “الدولة الإسلامية” عليه، وذلك لمنع تكرار “سيناريو” حقول النفط الواقعة في محافظة “دير الزور” والتي أمّنت السيطرة عليها منذ فترة طويلة، دخلاً مادياً مرتفعاً، للتنظيم الإرهابي الذي صار يُسيطر على خطّ متواز على نحو 17 % من حقول النفط والغاز في العراق. كما تمكّن الجيش السوري من إستعادة بعض المواقع التي كان خسرها الفوج 121 في الحسكة. لكن مسلّحي “الدولة الإسلامية” نجحوا في المقابل في بسط سيطرتهم الكاملة على مواقع النظام المحاصرة في محافظة الرقّة، وارتكبوا مجازر مروّعة ضد الجنود.

ومع خسارة الجيش السوري في الرقّة ونجاحه في كل من حمص والحسكة، تكون صفحة جديدة قد فُتحت في النزاع السوري المُستمر منذ آذار 2011، تتمثّل في تحقيق تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي تقدّماً جدّياً وخطيراً في مساعيه الرامية لتثبيت أسس “دولته” من النواحي العسكرية والجغرافية والمالية، إن في سوريا أو في العراق، وتتمثّل أيضاً في إتخاذ النظام السوري قرار مواجهة هذا التنظيم الإرهابي بفعاليّة عالية، ليرتفع بذلك عدد الأطراف الأساسية المتنازعة في ما بينها في سوريا إلى ثلاثة (الجيش السوري و”الدولة الإسلامية” وباقي المعارضات السورية)، وليوجّه النظام السوري رسالة جديدة إلى العالم الغربي مفادها أنّه مُستعدّ لمقاتلة الإرهابيّين الذين يخشاهم العالم، بشكل مباشر وشرس ولوّ بكلفة بشريّة باهظة، فساعدوه!

المصدر_النشرة

8/5/140730

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك