قررت أم محمد، زوجة أحد الضباط المرابطين على ساتر المواجهة مع (داعش) الارهابي في آمرلي، قيادة نسوة المدينة للقتال ضد الإرهابيين، والتصدي لمن "باع شرفه وانتمائه للوطن بثمن بخس"، ليكون "مطية" يضحي بها ارهابيون أجانب، جاءوا لتنفيذ مخطط "طائفي" بدعم من بعض الساسة لـ"تمزيق" وحدة العراق وشعبه، وفي حين استغربت من ترك أهالي الناحية يواجهون الإرهابيين لوحدهم منذ أكثر من شهرين، دعت المرجعية الدينية السماح لهن بـ"الجهاد" أسوة بالرجال.
وقد تعلمت أم محمد الطائي من الجنود، كيفية تعلم النساء استعمال الرمانات اليدوية ليفجرن أنفسهن مع من يصل إليهن بعد استشهاد آخر الرجال، لأنهن رفضن ان يكّن "سبايا" بأيدي الأغراب.
وتقول الطائي، في حديث إلى (المدى برس)، إن "المؤسف والمعيب ادعاء بعض المسؤولين من خلال استغلال وسائل الإعلام، بأن هنالك مساعدات إنسانية كافية تصل إلى المحاصرين في مدينة آمرلي، برغم عدم صحة ذلك"، وتشير إلى أن "ما يصل من مساعدات بواسطة طيران الجيش، قليلة جداً، لدرجة أن علبة (المعجون)، أو زيت الطعام ومواد أخرى، تتشاركها عشرون إلى ثلاثون أسرة، فبماذا يتبجح من يدّعي وصول المساعدات".
وتضيف أم محمد، أن "المواد الطبية التي تصل ضمن المساعدات، تقتصر على تلك الخاصة بعلاج الصداع (الباراسيتول)، والمغص (المثبريم والفلاجيل)، وبعض مضادات الالتهابات"، وتبيّن أن "المدينة تخلو من أدوية الأمراض المزمنة، التي يلجأ المصابون بها من الأهالي، إلى الدعاء والصلاة للخلاص من آثارها".
وتوضح المقاتلة، أن "النساء المرضعات لم يتمكن من إطعام أطفالهن الرضّع، من شدة الجوع والعطش، وما يصل في إطار المساعدات لا يكاد يسد رمق المواليد"، وتلفت إلى أن "الأمهات ذهبن لتدبير غذاء خاص بطحن الرز مع ما تبقى من حليب أبقار المواطنين، ليوزع على الرضع".
وتؤكد الطائي، أن "امرأة توفيت قبل يومين أثناء وضعها لطفلها، بسبب النزيف الذي أصابها ليموت الوليد بعدها مباشرة"، وتنفي "وصول جندي واحد من خارج الناحية المحاصرة من شهرين ونصف الشهر تقريباً لغاية اليوم، مفنّدة ما تتناقله بعض وسائل الإعلام كونه محض كذب وافتراء".
وتتابع المقاتلة، أن "المدينة محاصرة بشكل كامل، وليس باستطاعة أحد الوصول إليها، إلا الطائرات الثلاث التي تحلق اثنتان منها لتشاغل المسلحين، وتهبط الثالثة على عجل وتحلق قبل أن تفرغ شحنتها بالكامل خوفاً من الاستهداف".
وتكشف الطائي، عن "طلب إحدى النساء من أحد الطيارين الذين هبطوا بالمدينة، اصطحاب رضيعها البالغ شهرين من العمر، معه إلى بغداد ليتسلمه خاله، خوفاً عليه من الموت عطشاً وجوعاً، وفعل الطيار ذلك"، وتستطرد أن "النساء وبخاصة الحوامل منهن، بحاجة ماسة إلى طبيبة وأدوية منقذة للحياة".
وتلفت أم محمد إلى أن "مياه الشرب المستخرجة من الآبار الارتوازية، مالحة جداً، وفيها نسبة كبيرة من الكبريت، لكن ما من سبيل آخر سوى تجرع شربها، لتنزل كالتيزاب (حامض النتريك)، مقطعة الأحشاء"، وتواصل أن "الأهالي المحاصرين نسوا طعم العديد من الخضروات كالطماطم، واستغنوا عن كل شيء، ولم يعودوا يريدون إلا قوات عسكرية قادرة على فك الحصار عنهم".
وتعد الطائي، أن "الحكومة غائبة عن المشهد بالكامل في آمرلي، وأن إدارة الناحية تسعى إلى التواصل معها وحكومة إقليم كردستان، على أمل فك الحصار عن المدينة، لاسيما أن الكثير من الأسر انهارت من شدة الجوع والعطش والمرض"، وتبيّن أن "أغلب المسلحين الذين يدافعون عن آمرلي هم من سكان القرى المحيطة بها".
وتواصل المقاتلة أم محمد، لقد "تصديت لقيادة نسوة المدينة، بعد أن دربني زوجي العقيد مصطفى الطائي، على كيفية استخدام الأسلحة والرماية بالمسدس والرشاش، ونزع صواعق الرمانات اليدوية، حيث دربت نساء المدينة على ذلك، وتعاهدنا على أن تحتفظ كل امرأة منا برمانة، فيما لو تمكن الارهابيون منا وانتصروا علينا، نفجّر أنفسنا بهم، ونموت شهيدات دفاعاً عن عفتنا وشرفنا، على أن نكون نساء نكاح وسبايا لداعش، وأغراب الدول الذين استباحوا أرض العراق".
وتدعو الطائي، المرجعيات الدينية إلى "جواز جهاد النساء كما أفتت للرجال بذلك، ليرى العالم أجمع ما ستسطره نساء آمرلي من بطولات في الدفاع عن أرضهن وشرفهن"، وتبيّن أن "الحالة النفسية للبعض بدأت تنهار، إذ عمد أحد الرجال إلى قتل زوجته وأطفاله ونفسه، خوفاً عليهم مما لا تحمد عقباه".
وتصف المقاتلة "حالة جارتها التي جاءتني تركض والخوف يسابقها، بسبب فقدان ابنتها ذات الاربع سنوات لوعيها، فذهبت معها وحين شاهدت الطفلة تقربت من اذنها وهمست لها تعالي معي لاعطيك عصيراً وبسكوت، ففتحت الطفلة عينيها وبالكاد ابتسمت، فعدت الى بيتي وأخرجت لها ما خبأته لأطفالي".
وتعرب الطائي عن استغرابها من "عدم إرسال الحكومة قوات إضافية لفك الحصار عن آمرلي"، وتتساءل "هل يعقل أن يترك الآلاف من أهالي آمرلي يواجهون الإرهابيين لوحدهم لأكثر من شهرين؟".
وتتهم المقاتلة أم محمد، "الحكومة المحلية والاتحادية ودول العالم والمنظمات الدولية بتجاهل كارثة إنسانية ومجزرة بشعة يمكن أن تطال مواطني آمرلي، على يد مسلحي بعض القرى التي تواطأت مع ارهابيي (داعش)"، وتطالب تلك الجهات بضرورة "الكف عن الكذب وتضليل الرأي العام بشأن ارسال الدعم والتعزيزات والمساعدات الإنسانية لإغاثة أهالي آمرلي".
https://telegram.me/buratha