يتآكل الوقت المتبقي لتقديم السيد حيدر العبادي، رئيس الوزراء، المكلف أسماء وزراء كابينته الحكومية الى مجلس النواب لنيل ثقته، بغية الشروع بعهد جديد، يتجاوز فيه العراق آثام وآلام حقبة الثماني سنوات العجاف، التي مرت على العراق في ظل ولايتين متتاليتين للسيد نوري المالكي. وبغية أن يقدم العبادي تشكيلته الوزارية في موعدها المحدد قبل انتهاء المدة الدستورية في 9 - 9- 2014 أمهل السبت 23/ آب الكتل السياسية مدة 72 ساعة لتقديم مرشحيهم لإشغال الحقائب الوزارية، في موعد أقصاه اليوم الأثنين.. فيما وراء الصورة، فإن مهلة الـ72 ساعة تعكس حجم الخلافات السياسية داخل الكتل السياسية نفسها، وليس بينها وبين التحالف الوطني، فالتسريبات تفيد أن تحالف القوى العراقية الذي يضم "متحدون" برئاسة أسامة النجيفي و"ائتلاف العربية" برئاسة صالح المطلك و"كتلة الحل" برئاسة جمال الكربولي، يعاني من خلافات داخلية حادة، بشأن توزيع المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة..ناهيك عن أن هذا التحالف قد أعد ورقة تفاوضية أطلق عليها "ورقة الحقوق" أعتبر الاستجابة لها شرط أساسي للمشاركة في الحكومة القادمة. يشار إلى أن هذه الورقة المقدمة الى السيد العبادي، تضمنت 17 مطلبا تحت عنوان "ورقة بناء الثقة" أهمها أن يتعهد التحالف الوطني تعهد خطياً بان يكون منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء والنائب الأول لرئيس الجمهورية من حصة المكون السني، وأن يتم إطلاق سراح قيادات الجيش السابق ومنحهم الفرصة لرد الاعتبار ومن بينهم وزير الدفاع في عهد النظام السابق "الفريق سلطان هاشم ورفاقه". ما يعكس حجم الأزمة التي يعاني منها تحالف القوى العراقية.. وشأنه شأن تحالف القوى الوطنية العراقية، فإن التحالف الكوردستاني ذهب مذهبا يدل على أنه يريد إستغلال مفاوضات تشكيل الحكومة، لتحقيق مكاسب حتى قبل تشكيلها! فبعد أن أكد التحالف الكردستاني في الـ18 من آب الجاري، أن مشاركته في الحكومة المقبلة مرهونة بموافقتها على شروطه الأساسية والدستورية، مبينا ان تلك الشروط تتضمن صرف مستحقات إقليم كردستان وتطبيق المادة 140 من الدستور وحل الخلافات المتعلقة بالنفط والغاز. فقد اشترط التحالف الكردستاني، السبت 23/ آب، لبدء مفاوضاته بشأن تشكيلة الحكومة الجديدة بصرف رواتب الإقليم المتوقفة منذ نحو ثمانية أشهر كنوع من التفاهم وصدق النوايا. فمع أن هذا المطلب الجديد ليس من صلاحيات السيد العبادي كونه ما زال لا يتمتع يأي صلاحيات تنفيذية، ومازال نائبا في مجلس النواب، وأن ذلك يقع ضمن صلاحيات رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد نوري المالكي، إلا أن القيادي في التحالف محما خليل قدم هذا المطلب الذي برره بقوله أن "قيادات التحالف الكردستاني رحبت بالمكلف بتشكيل الحكومة حيدر العبادي ووعدته بأنها ستدعم حكومته بما يتناغم مع بنود الدستور وإعطاء الحقوق وعدم التفرقة"، مشيرا الى أن "التحالف الكردستاني جاد بتشكيل الحكومة خلال المدة الدستورية التي حددها البرلمان". وأضاف أن "شعب الإقليم ضاق الأمرين في عهد حكومة نوري المالكي الذي كان أشدها هو قطع رواتب موظفي الإقليم الذي يعتبر قوت عيشهم اليومي ما جعل من حكومة الإقليم تعيد التفكير بأية مفاوضات مستقبلية". وتابع خليل انه "من اجل ثبات النية في بدأ المفاوضات اقترحت قيادات الإقليم أن يكون هنالك بوادر من قبل رئيس الحكومة المكلف كإطلاق رواتب موظفي الإقليم المتوقفة منذ نحو ثمانية أشهر ومن ثم يكون هنالك تفاوض في بنود الأوراق المقدمة من قبل التحالف الكردستاني". مطالب القوى السنية المتقدمة تعني وضع العصي في عجلة تشكيل الحكومة، وهي أعلى من الإستحقاق الوطني والانتخابي بكثير، ناهيك عن أن مسألة إطلاق سراح قادة جيش صدام ليست من صلاحيات أي مسؤول تنفيذي، بما فيهم رئيس الوزراء الحالي أو القادم، وهي مرتبطة بمسارين لا ثالث لهما، الأول أنها محكومة بالأحكام الصادرة عن القضاء العراقي، والثانية أنها مسالة تقع ضمن صلاحيات ممثلي الشعب في مجلس النواب، الذي هم أعضاء فيه، ويمكنهم الذهاب الى مجلس النواب لطرح الموضوع على شركائهم في العملية السياسية، مشفوعا بمبرراتهم الموجبة لإستصدار هكذا قرار أو توصية.. أما أن يوضع كشرط مسبق للمشاركة في الحكومة فمعنى ذلك أنهم أما لا يعرفون ماذا يريدون، أو أنه من ضمن مناورات رفع سقف المطالب بغية الحصول على مكاسب اللحظات الأخيرة.. وفيما يتعلق بمطلب التحالف الكوردستاني الذي طرحه النائب محما خليل، والمتعلق بصرف رواتب الإقليم المتوقفة منذ نحو ثمانية أشهر كنوع من التفاهم وصدق النوايا على حد نعبيره، لأنه يعني عمليا وضع مصير تشكيل الحكومة بيد السيد نوري المالكي مجددا لأنه هو الذي عطل صرف الرواتب وليس للسيد العبادي دخل بذلك، فهل يعي الأخوة في التحالف الكوردستاني ذلك؟!
البينة البغدادية - المحرر السياسي
4/5/140825
https://telegram.me/buratha