لطيفة الحسيني
أعلنت الولايات المتحدة استراتيجيتها الجديدة لضرب "داعش" في الشرق الأوسط. استراتيجية تقوم على بندين: توسيع الضربات الجوية على مقرات "داعش" في المنطقة ودعم ما أسمته "المعارضين المعتدلين" في سوريا!. الحليفة الخليجية الوفيّة السعودية، سارعت هي الأخرى الى تلبية نداء واشنطن، فاستضافت اجتماعاً في جدة برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وحضور دول مجلس التعاون الخليجي إضافة الى الأردن وتركيا ولبنان ومصر لإطلاق صفارة الحرب على "داعش". لكن ماذا في أبعاد الحملة الامريكية السعودية على التنظيم الارهابي؟ هل فعلاً يخشى البلدان على مصير المنطقة جرّاء الخطر "الداعشي" القائم أم هناك نوايا خافية تتخطّى حدود الاعلان المزمع؟
يجزم أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية وليد عربيد أن "الولايات المتحدة تسعى من خلال إعلان التحالف الدولي ضدّ "داعش" الى رسم علاقات دولية جديدة في المنطقة ترتكز على شدّ الحبال بين القوى العالمية أي بين الولايات المتحدة وبين روسيا والصين"، ويرى أن "واشنطن تتحجّج بمبرّر ضرب "داعش" لتكرار ما حصل عام 2001 عندما قرّرت استهداف الحركات المتشدّدة في أفغانستان حيث شنّت حرباً بقيادة الحلف الاطلسي".
ويؤكد عربيد أن "الولايات المتحدة تريد إرضاء الرأي العام العربي والغربي تحت شعار ضرب "داعش" إلّا أنها في الوقت نفسه تريد قصف مقار "داعش" في سوريا وصولاً الى ضرب التحالف المضادّ للقوى الكبرى التي تتزّعمه روسيا وسوريا ولذلك قامت الاخيرة بإطلاق صاروخ باليستي يستطيع حمل 10 رؤوس نووية، ولاحقاً قامت بضمّ إيران الى حلف شنغهاي بالإضافة الى باكستان والهند".
برأي عربيد، تسعى الولايات المتحدة من خلال التحالف الدولي المعلن اليوم الى دفع العراق إلى نظام فيديرالي وتأسيس دولة كردية شبه مستقلة والتخلص من سوريا تحت غطاء التصدي لـ"داعش"، والهدف ليس بناء العالم العربي بل وضع الاستراتيجية الامريكية في صراع مع القوى الدولية الأخرى.
استعداد السعودية لإقامة مسعكرات تدريبية على أراضيها لمقاتلي المعارضة السورية ـ وفق عربيد ـ يعقب خشية واضحة لدى المملكة من تمدّد "داعش" اليها، خلافاً لما كانت تتبعه سابقاً، فهي اليوم تحاول الحفاظ على مكانتها من التهديدات التي تطالها في ظلّ اتساع الخلاف الفكري بين الجماعات التي تدعمها وتموّلها.
ويشير عربيد الى أن القرار 2071 (الذي ينصّ على ضرب "داعش") يهدف الى إعادة برمجة الخطة الامريكية في المنطقة وسيطرة واشنطن على ثرواتها وإعادة تركيب الشرق الاوسط في نظام إقليمي جديد على غرار ما حصل سابقاً في العراق.
الاستراتيجية الامريكية: توسيع الضربات الجوية على "داعش" في المنطقة ودعم "المعارضين المعتدلين" في سوريابدوره، يحذّر المتخصص في الشأن الأمريكي كامل وزنة من خطورة التحالف الدولي الجديد، ويذهب الى حدّ وصفه بالخطيئة الأمريكية المستمرة في المنطقة، فهذا مشروع فتنة وامتداد للحرب في المنطقة، لأن من درّب جماعات "النصرة" و"داعش" يجلس اليوم مجدّداً لقيادة المنطقة الى الدمار.
بحسب وزنة، هناك محاولات لضبط المجموعات المقاتلة في سوريا بعدما انحرفت عن مسارها بما لا يصبّ في مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين في المنطقة.
عزم السعودية مرة أخرى على تدريب مقاتلين معارضين على أراضيها، بنظر وزنة، يؤدي الى خلق عناصر مدرّبة ومدجّجة بالسلاح تستمر بالانخراط في الحرب على المنطقة ما يولّد مزيداً من العنف، ورغم أن "داعش" مصدر تهديد للعالم بأسره، إلّا أن التحرك الامريكي الأخير لا يخدم مصلحة كلّ دول المنطقة لأنه منحاز بشكل فاضح ضدّ محور المقاومة.
التحالف مزيّف، وفق ما يؤكد الباحث في الشأن الأمريكي، لأن المطلوب هو محاربة الفكر "الداعشي" المتغلغل في السعودية وهو ما لم يتمّ حتى الآن، ولا يكفي ضرب أهداف في سوريا أو العراق لهذه المجموعات الارهابية حتى يتم القضاء عليها.
15/5/140913
https://telegram.me/buratha