قبل نحو أسبوعين اضطر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى نفي الأنباء التي تحدثت عن صدور مشروع قانون الحرس الوطني رغم تأكيده أن هناك إجماعا على تشكيله.
واللافت للنظر في تصريح العبادي قوله إن «(داعش) لا يريد تشكيل الحرس الوطني لأنه متأكد من أن نهايته ستكون على يده». لكنه استدرك قائلا إن «قوات الحرس الوطني يجب أن لا تتحول إلى أداة للصراع بين المحافظات».
ومع كل هذا الجزم بأهميته وحصوله على إجماع وطني واتهام «داعش» بعدم الرغبة في إقراره مع الحذر من أن لا يتحول إلى أداة للصراع بين المحافظات، فإن مجلس الوزراء، وطبقا لما أعلنه رئيسه العبادي، «لم يناقش قانون قوات الحرس الوطني حتى الآن، لأنه فكرة سيتم تنضيجها لبلورتها وإعدادها كمسودة قانون».
والفلسفة التي انطلق منها العبادي في تفسيره لـ«الحرس الوطني» هي أنه عبارة عن «فكرة تعتمد على ضرورة وجود منظومة بين الجيش الاتحادي والشرطة المحلية».
وبالتزامن مع الأيام المائة الأولى من عمر الدورة البرلمانية الحالية وكون الحرس الوطني جزءا رئيسا من وثيقة العمل السياسي التي قدمها العبادي بوصفها برنامج حكومته للسنوات الـ4 المقبلة، فإن تناقض المواقف بشأن الحرس الوطني يدفع إلى التساؤل عما إذا كان هذا المشروع سيبقى، بسبب الخلافات غير الظاهرة للسطح حتى الآن، حبيس أدراج القوى والكتل السياسية أم أن المرحلة الراهنة التي يواجه فيها العراق حربه الضروس ضد «داعش» لن تسمح بتأخير إقراره أكثر من اللازم.
ويعكس التناقض في المواقف بين مختلف قادة الكتل السياسية والبرلمانية الخوف من أن يتحول هذا الحرس إلى بديل للمؤسسة العسكرية العراقية، وهو ما دفع أطرافا سياسية إلى تأييد إقرار الخدمة الإلزامية من جديد.
وبينما ترى أطراف شيعية أن الحرس الوطني فيما لو ترك على عواهنه فإنه يمكن أن يكون مدخلا لإعادة المؤسسة العسكرية القديمة بعثية الطابع، فإن أطرافا سنية ترى أن من شأنه أن يحد من سلطة الميليشيات الشيعية وتدخلها في السياسة الأمنية، مثلما يرى القيادي في كتلة «متحدون»، محمد الخالدي، في تصريح لـصحيفة«الشرق الأوسط».
ويضيف الخالدي أن «الحرس الوطني سيكون تشكيلا تابعا لوزارة الدفاع بإمرة المحافظة لحمايتها»، متوقعا أن البداية ستكون «في المحافظات الساخنة، كديالى وصلاح الدين ونينوى، لحاجتها إليه، على أن يكون عناصره من أبناء المحافظة نفسها حتى على مستوى القادة»، مشيرا إلى أن «حرس كل محافظة سيكون هو المسؤول عن أمن المحافظة، وبالتنسيق مع الجيش، وهو أمر أصبح لا بد منه في ضوء ما نعيشه الآن من ممارسات استفزازية للميليشيات يتحتم وضع حد لها في المستقبل».
الرؤية نفسها يطرحها عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار وعضو لجنة الأمن والدفاع حامد المطلك»، إذ يقول إن «الحرس الوطني أصبح ضرورة اليوم بسبب الأوضاع الأمنية المعقدة وعدم قدرة الجيش على التعامل بشكل مهني سليم مع أبناء الكثير من المحافظات، خصوصا الغربية منها، بسبب عدم بناء المؤسسة العسكرية على أسس مهنية». وحول الدعوات الحالية لإعادة الخدمة الإلزامية في العراق وما إذا كان يمكن أن تكون بديلا لتشكيل الحرس الوطني، يقول المطلك إن «الدستور العراقي أقر التجنيد الإلزامي في مواده، وبالتالي فإن إعادة التجنيد الإلزامي سيكون خطوة مهمة في القضاء على الطائفية وتحقيق المساواة بين جميع المكونات».
وأوضح المطلك أن «انعدام التجنيد الإلزامي سيؤدي إلى خلل في بنية القوات المسلحة»، مبينا أن «الحرس الوطني لن يكون بديلا لأنه قوة محلية ولا مخاوف منها».
مع ذلك، وطبقا للمصادر البرلمانية، فإن هناك انقساما داخل البرلمان العراقي بخصوص مشروع قانون الحرس الوطني.
والمخاوف التي بدأت تبرز في منتصف المسافة هي أن «هناك من يتحفظ على تشكيله في المناطق الغربية لخشيتهم من أن تتضمن هذه القوات عناصر متعاونة مع تنظيم داعش، وهذا يزيد من تفاقم الأوضاع الأمنية فيها».
وفي هذا السياق يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، هشام السهيل: «إننا لسنا بالضد من تشكيل الحرس الوطني لكن لدينا رؤية خاصة في موضوع تشكيله». وأضاف السهيل في بيان: «البعض يعتقد أن الحرس الوطني موجود لحماية محافظة معينة عبر تشكيله من أبناء هذه المحافظة، وهذا مفهوم خاطئ؛ لأن الحرس الوطني هو رديف للجيش للعراقي في كل محافظات العراق، بحيث يستطيع ابن البصرة أن يدافع عن الأنبار، وهكذا حال بقية المحافظات الأخرى، وهذا ما نعده مفهوما صحيحا للحرس الوطني». وتابع: «أما عكس ذلك فسيؤدي إلى تقسيم العراق، وهذا لن نسمح به ولن يمر مرور الكرام نهائيا إذا كان الهدف منه تقسيم العراق».
2/5/141026
https://telegram.me/buratha