من ملاحظة منحنى هبوط أسعار النفط أنه مازال هناك المزيد من التردي بالأسعار، إذ لا توجد دلالات أكيدة على أنه يميل للاستقرار قريبا، فقد يتدنى إلى ما هو أقل من40 دولارا لبرميل برينت، وهذا يعني أن النفط العراقي سيباع بسعر يقترب من30 دولارا إن لم يكون أقل من ذلك.
على العكس مما تقدم، نجد أن اليومين الأخيرن زخرت بالإشارات الكثيرة من خلال المقالات والتقارير الأمريكية تشير إلى أننا نقترب جدا من حالة الاستقرار لهذا الهبوط المريع للأسعار، فبعضها يشير إلى أننا فعلا عند نهاية المنحدر وفي قعر الوادي السحيق، وهذه إشارة جيدة جدا.
لكن المنحنى أعلاه يشير إلى أن معدل السعر المتوقع عند نهاية العام الجاري سوف يكون بمستوى53 دولارا، أي أن النفط العراقي في أحسن الأحوال سيكون سعره في نهاية العام الجاري بحدود47 دولارا، أي بعد ارتفاع الأسعار المرتقب.
هذا السعر يقل بنحو18 دولارا عن السعر الحالي ويقل عن السعر الذي تفترضه الميزانية العراقية لسنة2015 بنحو13 دولارا، ويجب أن لا ننسى بأن السعر مازال ينزلق نحو الأسفل ما لم نصدق التنبؤات الأمريكية التي ظهرت خلال اليومين الأخيرن، لذا مازلنا نقول أننا لا ندري على وجه التحديد ما هو المستوى الذي سيستقر عنده وكم ستطول فترة الاستقرار لتبدأ بعد ذلك رحلة ارتفاع الأسعار، فقد نحتاج إلى بضعة أشهر ليتأكد الجميع أن السعر الأدنى قد تحقق، عندها تبدأ رحلة ارتفاع الأسعار ذات الكوابح.
فكما أسلفنا في المتابعة السابقة، أن رحلة الصعود بالأسعار نحو الأعلى، ستكون فيها كوابح كثيرة، لأن الشركات التي وظفت مئات مليارات الدولارات بتطوير الاحتياطيات الغير تقليدية من النفط، سوف لن تتخلى عن هذه المنشآة هكذا دون مناورة، فقد تتوقف لفترة عن الإنتاج، ولكن حال ارتفاع الأسعار، حتى ولو قليلا بما يؤمن ربحا ولو بسيطا لها، فإنها ستعود تنتج المزيد من النفط لتعويض ما يمكن تعويضه من خسائر، وهذا ما أشارت له بعض المقالات الأخيرة أيضا، وكأنهم قرأوا ما توقعناه.
لقد ظهرت تقارير مهمة، أهمها لوكالة الطاقة الدولية، وتقارير أخرى لتوقعات البنوك العالمية الكبرى تشير إلى بعض التفاؤل بعد تشاؤم طال صبرنا عليه وأحبطنا جميعا كعراقيين.
كعراقيين عشنا ونعيش لحد الآن في بلد ريعي طبقته السياسية العليا لا تفقه شيئا من التنمية، فهي طبقة طفيلية نشأة وترعرعت بظل مرض كما الوباء، وهو المرض الهولندي كما يسميه علماء الاقتصاد، فهذه الطبقة الطفيلية وجدت نفسها تحكم البلد وليس مطلوبا منها سوى تثبيت سلطانها على مقدرات البلد، لأن الأموال تأتيها من حيث لا تدري، وليس احداث تنمية حقيقية في القطاعات الاقتصادية الأساسية كالقطاع الصناعي والزراعي والسياحي، فعلى سبيل المثال، عطلت هذه الطبقة الطفيلية القوانين التي تحد من الاستيراد الخارجي دعما للمنتوج المحلي، لأنها ربطت مصالحها بمافيات التجارة التي تزعمتها بجدارة واقتدار، ولكي تتقوى أكثر وأكثر، عطلت التنمية الصناعية والزراعية وحتى السياحية، ففي السياحة على سبيل المثال، عملت بالعكس تماما، فبدلا من تنمية واردات السياحة راحت تصرف أموال الشعب على السياح الأجانب، أما الصناعة فإنهم عطلوا صدور القوانين التي تهدف لتنمية صناعية حقيقية في البلد، وهو ما فعلوه أيضا لتعطيل التنمية الزراعية، وهمشوا، بل وأقصوا التكنوقراط، وهكذا عملوا ضد تيار التنمية الحقيقية، وأرهقوا البلد، وبددوا ثرواته التي كان ينبغي استغلالها من أجل تنمية حقيقية على يدي تكنوقراط حقيقيين يعرفون من أين تؤكل الكتف، همشوهم الاستحقاق الانتخابي وحجج واهية أخرى مبنية على أساس الولاءات لهم شخصيا.
حمزة الجواهري -
12/5/150118
https://telegram.me/buratha