سعود الساعدي
حدود الخرائط الجديدة في المنطقة ترسم على وقع ايقاعات انتصارات وانجازات محور المقاومة وانعكاسها على تنامي الدور الروسي في صناعة القرار الدولي والتأثير في مجرى الاحداث المتتابعة والمتسارعة في المشهدين الاقليمي والدولي.
فمع توالي فصول الصمود السوري بوجه الحرب الكونية التي شنت على الدولة والشعب في هذا البلد والتحول من حالة الدفاع الى حالة الهجوم الاستراتيجي وتطهير غالبية المناطق السورية، ومع استمرار مسلسل المفاجآت العراقية على المخططات الاميركية التي اعتمدت على قنبلة الموسم تنظيم داعش، هذه المفاجآت التي احدثت نقلة نوعية لا في الاندماج العراقي مع مكونات محور المقاومة في المنطقة فقط وانما احدثت انقلابا وتحولا نوعيا في الوعي والذاكرة والثقافة وسجل التاريخ العراقي، ومع تواصل فصول التحول الاستراتيجي في اليمن مع هيمنة الثوار على غالبية مكامن القوة ما افرز معطيات تحول هائلة في منطقة الخليج ستبرز بجلاء مع تقادم الايام، ومع دوام وتعاظم مصاديق القدرة الايرانية التي باتت قوة اقليمية عظمى تلعب دورا مؤثرا في المشهد الدولي بالتزامن مع تغير وافول غالبية مراكز القوة التقليدية في المنطقة وفشلها في محاصرة مظاهر الصحوة والمقاومة والتحدي في اكثر من موقع، فضلا عن مقدمات مؤشرات افول الامبراطورية الاميركية منذ اضطرارها للهروب الى الامام عبر التدخل المباشر في العراق وافغانستان، مع كل ذلك تظهر بوادر التشكلات الاقليمية والعالمية الجديدة وتغير موازين القوى واعادة رسم الخرائط والحدود من جديد.
فهل نشهد اليوم فعلا ارهاصات ولادة نظام عالمي جديد وهل نحن فعلا امام تبدلات جوهرية في المشهد الاقليمي والدولي يمنع بروزها بشكل واضح وجلي دخان مسلسل الحرائق المفتعلة وغبار المعارك التي تصر اميركا وحلفها واتباعها على اشعالها وادامتها وتواصلها في المنطقة؟
هل نحن فعلا امام فصول تغيرات استراتيجية وجيواستراتيجية ستفرض تداعياتها وآثارها الكبرى واقعا جديدا تبرز اثرها موازين قوى جديدة تبلور مسارا مختلفا، قد يؤدي بنا اما الى حرب عالمية ثالثة لكسر حالة توازنات ومعادلات القوة الجديدة وتغير قبان القوى المستجدة، واما الى تفاهمات وتسويات و”يالطا” جديدة تعترف فيها القوى العالمية بالمعطيات والافرازات الميدانية المستجدة ونتائج الحروب الشاملة والمتنقلة في المنطقة وترضخ للامر الواقع.
الهروب الاميركي الى الامام وعدم الاستسلام لمعطيات وقائع السنوات الاخيرة والانتقال من ستراتيجية الحروب الصلبة المباشرة الى ستراتيجية الحروب الناعمة غير المباشرة عن طريق جيوش الوكالة والنيابة الجديدة، ضاعف من المأزق الاميركي والغربي وساهم في اخراج مكنونات القوة والصمود والتحدي لدى اعدائها، فكان من اهم نتائج عولمة الارهاب واسقاط الحدود واشعال الحرائق في اكثر من مكان هو اسقاط الموانع والحواجز النفسية والسياسية والقفز على الحدود وتوحيد الجبهات وانتظام حركات المقاومة الشعبية في العراق ولبنان وسوريا واليمن في مسار واحد وجبهة واحدة، لتتضاعف قوتها ويتنامى حضورها ويتعاظم دورها وتكبر بيئتها الحاضنة ما اسقط قواعد الاشتباك التقليدية القائمة وحول التهديدات والمخاطر والتحديات الوجودية والمصيرية لدول وشعوب المنطقة الى فرص كبيرة وهائلة وظفتها قوى المقاومة لاعادة انتاج حدود وخرائط جديدة وموازين قوة سقطت معها اهداف الحروب اللامتماثلة والمركبة التي قادتها اميركا وحلفاؤها.
فاسقاط الحدود واستهداف شعوب وقوى المنطقة الحية دفع هذه القوى الى القفز على الحدود واسقاط الخطط عبر توحيد جبهات المواجهة والعمل على تكاملها، وتوحيد جبهة الارهاب والحركات التكفيرية وما سمي بـ”عولمة الارهاب” حث قوى المقاومة على والصمود والتحدي وبشر بولادة مفهوم “عالمية المقاومة”، واسقاط قواعد الاشتباك التقليدية وآليات المواجهة المعروفة فرض على محور المقاومة انتاج وصياغة قواعد جديدة تفرض على المحور الصهيو- أميركي اما الرضوخ للواقع الجديد وشروط قواه الفعلية واما الدخول في مواجهة غير محسوبة النتائج تضاعف من حالة الارباك والتراجع والتخبط التي يعيشها.
نقلاً عن موقع بانوراما الشرق الأوسط
1/5/150301
https://telegram.me/buratha