لم تنجح كل المحاولات السعودية على مر السنوات الماضية اخفاء دعمها لـ"داعش"، وكما في كل ظهور لها تظهر المملكة نفسها الخائف "الاول و الاخير" على مصالح الشعوب في منطقة الشرق الاوسط. لكن خطاب سعود الفيصل (مع حفظ الالقاب) الاخير، جاء مغايرا للعادات السعودية فبدى وكانه تصريح واضح لقلق و غضب المملكة من انتصارات العراق المتكررة. فارتدى خطابه الراية السوداء، وركب على حصان الملك الجهادي وبدا يضرب بسوط الكفر كل المشاركين في المعارك العراقية الاخيرة. ولكن اسئلة تطرح على "سمو الامير" لعلها تجد اجابات عبر الايام، فيا سمو الامير الم تناشدوا يوما للقضاء على "داعش"؟ الم تشجعوا امريكا لتشكيل التحالف الدولي لضرب الارهاب؟ فلماذا الخوف اذا من تحرير الاراضي العراقية؟
خطاب صب الزيت على النارخطب الامير "سعود الفيصل" مؤخرا في جلسة "مجلس الشورى السياسي والامني السعودي" بحضور قائمقام ولي العهد السعودي. معتبرا ان التحالف الغربي لن يعطي الاذن "للامتداد الشيعي في المنطقة"، معربا عن قلقه من تواجد القيادة الشيعية العراقية في خطوط المواجهة الامامية مع "داعش".
كلام الفيصل لم يكن جديدا فهو، كما عبر في كلامه، لم يتوقع يوما ان يتكاتف زعماء الشيعة في مسقط راس صدام حسين. اشارة منه لتواجد السيد عمار الحكيم في معارك محافظة صلاح الدين ولقائه مع قائد الجيش العراقي "هادي العامري".
خطاب وزير الخارجية السعودي جاء في وقت تعتبر فيه العراق بامس الحاجة الى الدعم المادي و المعنوي لاحكام قبضتها على المدن كافة. لكن الملفت في الخطاب و الذي لم يستطع الامير السعودي اخفاءه، هو الخوف من سيطرة العراقيين على مدنهم، وتحريرها من ايدي الارهاب و المحافظة على انتصارغال بقيمته المادية و المعنوية.
ولا يمكن النظر الى خطاب "الفيصل" من دون ملاحظة الهجوم الواضح على القيادات الشيعية و المساعدات الايرانية للعراق، بدون اعطاء سبب وجيه لهذا الهجوم سوى الخوف على المنطقة من التمدد الشيعي.
قلق السعودية من انتصار "الشيعة" او على خسارة داعش؟قراءات بسيطة في الخطاب الاخير لـ"سعود الفيصل" يظهر هجوما واضحا على كل مساعدة "شيعية ايرانية" للقضاء على داعش. ولكن لا يخفى على كل ذو عقل فطن القلق المبطن من الانتصارات المتتالية للجيش العراقي في تكريت و الموصل و صلاح الدين و غيرها، وبقراءة تحليلية مبسطة يمكن ارجاء الخوف السعودي الى امور عديدة ابرزها:
- لا يمكن اخفاء المساعدات السعودية و الامريكية للارهابيين، فعلى مدار اعوام من القتال داخل سوريا و العراق برزت الاصابع الامريكية والسعودية في العديد من المواقف، وكما هي العادة فالصانع لا يحب ان يخسر ما صنع حتى و ان كان المصنوع فاسدا، لذلك يمكن اعتبار الخوف على خسارة المصنوع احد الركائز الاساسية لخوف السعودية من الانتصارات المتكررة.
- ولا يمكن ايضا اخفاء حب السعودية و سعيها للسيطرة على منطقة الشرق الاوسط، فعلى مدار سنوات طويلة عمل السعوديون على نشر ثقافة الدولة العظمى، التي تعتبر "السعودية" ركيزة اساسية فيها، ومن البديهي ان تعاظم قدرة دول المنطقة كايران و العراق و اليمن و غيرها لايصب في مصلحة السعودية في هذه النقطة، و لذلك لا بد من اضعاف هذه الدول بكل ما تملكه المملكة من قوة لفرض السيطرة على المنطقة و الوصول الى الهدف المنشود
- ويبدو ان الخوف الثالث والاعمق في السعودية هي مشاركة و دعم ايران للمعارك التي تخوضها القوات العسكرية العراقية ضد تنظيم "داعش"، فتعتبر المملكة ان هذه المشاركة التي تصاعدت مؤخرا أدت إلى عرقلة جهود التحالف الدولي في المعركة. ولا احد يمكنه التحقيق او الاستفسار عن هذه الجهود المزعومة التي اوصلت مرارا "عن طريق الخطا"، اسلحة و عتادا ومساعدات للارهابيين.
الخوف السعودي اذا بات واضحا من خسارة حليف في المنطقة، حليف كان من المفترض ان يرمي بذور فتنة بين شعوب الشرق الاوسط تدمر كل انواع الاتفاق السني الشيعي. وتبرز قوة لا مقابل لها اسمها السعودية لتبسط نفوذها على المنطقة باسرها، مستمدة القوة من العالم الغربي. ولا شك ان الخوف السعودي الاساسي اليوم يكمن في الخوف من سحب بساط التعاون الامريكي للسعودية، باعتبارها اخفقت في المهمة الموكلة اليها، فهل نصل الى يوم يصبح فيه "نصر العرب" عار على السعوديين؟!
20/5/150316
https://telegram.me/buratha