محمد محمود مرتضى
تتسارع الأحداث في العراق بعد اطلاق القوى العسكرية فيه لعملياتها في محافظة صلاح الدين ومع اقتراب انجاز تحرير مدينة تكريت. وعلى الرغم من التصريحات المتعددة التي اطلقها عدد من المسؤولين العراقيين حول الانبار بأنها ستكون الوجهة التالية للعمليات العسكرية بعد الانتهاء من تكريت، الا ان الأنظار كلها تتوجه نحو الموصل بوصفها المعركة الفصل على الساحة العراقية.
لقد استطاع الجيش العراقي المدعوم من الحشد الشعبي إنجاز الكثير دون مساعدة من التحالف، لكن هذه الانجازات يبدو أنها قد ازعجت الولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول العربية المشاركة في التحالف ما دفع بعضها لإطلاق تصريحات مذهبية تستهدف الحشد الشعبي معتبرة ان هذه الانتصارات تمثل انتصارا لايران في العراق.
ومن الواضح ان هذه النجاحات العسكرية قد أرخت ظلالها على جدية الولايات المتحدة في محاربة التنظيم الارهابي، لا سيما بعد تكرر إلقاء الطائرات الاميركية المساعدات العسكرية واللوجستية لمقاتلي داعش خاصة في المناطق المحاصرة، ولعل آخرها واخطرها كان الإغارة على مواقع للجيش العراقي التي ادت إلى استشهاد قرابة الخمسين جنديا، ما يؤكد وجود خطوط حمراء تضعها الإدارة الامريكية على بعض المناطق، فضلا عن تصريحات سابقة تحدثت عن طبيعة القوى التي تتطلع الولايات المتحدة لتسليمها الأمن في الموصل، اضافة الى وجود معارضة اميركية على مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الموصل، وهو ما سيعقد المشهد العراقي أكثر، لا سيما ان هذه الادارة ترى في تحرير الموصل من قبل الجيش العراقي والحشد الشعبي دليلا على عدم جدوائية الغارات التي يشنها التحالف وبالتالي عدم الحاجة إلى التعاون مع الادارة الاميركية التي امتنعت الى الآن عن تنفيذ اتفاقات التسليح الموقعة مع الحكومة العراقية.
تحالف خاص للموصلمن هنا يبدو أن الادارة الاميركية تسعى لبناء تحالف خاص تخوض فيه معركة الموصل لا يكون فيه اي دور للحشد الشعبي من أجل قطف ثمار دحر داعش وتحرير عاصمة «الخلافة». وحسب المعلومات المتوافرة الى الآن، فان هذا التحالف سيتكون من الجيش العراقي وقوات البيشمركة ومجموعات من العشائر «السنية» تحديداً، وربما اقناع تركيا بالتعاون مع هذا الحلف، رغم ان المشاركة التركية قد تلقى معارضة عراقية بسبب عدم الحاجة اليها في ظل وجود عناصر عراقية مدربة وجاهزة للمشاركة.
أما تنظيم داعش فيدرك تماما أهمية المعركة القادمة في الموصل، ليس فقط من الناحية العسكرية بل ايضا المعنوية كونها تمثل عاصمة «الدولة الاسلامية» وهو يعرف تماما أن سقوطها يعني سقوط مشروع «الخلافة»، وخسارة عنصر هام من عناصر الاستقطاب التي يعتمد عليها.
وفي الوقت الذي يعمل فيه التنظيم على المسارعة على إنجاز ما يمكن إنجازه قبل الخسارة المحتملة لمعركة الموصل، فانه في الوقت عينه يحشد لها عبر سحب الكثير من عناصره من جبهات أقل أهمية وتوجيههم نحو الموصل. على ان الاستراتيجية التي سيعتمدها التنظيم في الموصل يمكن قراءتها من خلال استراتيجيته في تكريت والتي ترتكز بشكل أساس على الإكثار من زرع الالغام والعبوات الناسفة التي يمكن ان تعيق تقدم المهاجمين اضافة الى عشرات العناصر لتنفيذ هجمات انتحارية.
ومهما يكن من أمر، فمن الواضح أن الجميع ينظر الى معركة الموصل على انها تمثِّل رمزا للانتصار. وما بين خطوط حمراء أميركية وتحالفات تسعى لرسمها وبين استعدادات للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي من جهة، والتحضيرات «الداعشية» من جهة أخرى يبدو أننا أمام سباق أقليمي ودولي محموم الى الموصل.
30/5/150322
https://telegram.me/buratha