فيما أعلن إقليم كردستان عن إعتقال منفذي التفجير الذي وقع قرب القنصلية الامريكية في مدينة اربيل قبل اسبوعين، تصاعدت التحذيرات من إمكانية قيام تنظيم "داعش" باستخدام خلاياه النائمة داخل الإقليم وتجنيد المزيد من الشباب الكردي.
وأعلن مجلس أمن إقليم كردستان، أن أربعة من منفذي تفجير عينكاوه، الذي أودى بحياة مواطنين وإصابة العشرات، هم من سكان مدينة أربيل وآخر من أهالي كركوك، داعياً المواطنين وعلماء الدين إلى التعامل بحذر مع القضايا والمواضيع الدينية وتربية الشباب.
وإعترف كل فرد في المجموعة التي نفذت تفجير عينكاوه بدوره في الهجوم، وقال دريا مجيد حمد امين المعروف بـ"الدكتور" من مواليد 1990 خريج كلية الهندسة قسم الميكانيك في جامعة صلاح الدين: "بعد استماعي لخطب الجهاديين ومطالعة بعضا من كتبهم تولدت لدي الفكرة الجهادية، وبعد اعلان الخلافة الاسلامية من قبل ابوبكر البغدادي كنا نود ان يكون لنا دور في تطويرها، لهذا وعن طريق موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك اتصلت بالملا شوان الكردي، وبعد مناقشات مستفيضة معه، طلب منا تنفيذ عملية في اربيل."
وقال بزار محمد غريب سيده المعروف بكوران مواليد 1988 خريج الدراسة الابتدائية: "قبل سنتين تعرفت على شخص باسم دريا مجيد عن طريق المسجد، وهو رسخ في عقلي فكرة الدولة الاسلامية، وقبل ثلاثة اشهر اي بعد ذهاب الملا شوان يبدو ان دريا كان على اتصال معه عن طريق موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وكان واضحا ان الملا شوان طلب منه تنفيذ عملية في اربيل، وبدوره ابلغني دريا بذلك، وهل انا على استعداد لتنفيذ العملية وابلغته عن استعدادي لذلك".
وقال كاروان حسن قاله المعروف بحاج كاروان ويسكن اربيل متزوج ولديه ثلاثة اطفال: "قبل سنة كنت اعيش في منزل والدي وعن طريق المسجد تعرفت الى الاخر دريا ورسخ في عقلي الفكرة الجهادية، وقبل شهرين من الان، ابلغني انه اجرى اتصالا مع الملا شوان ن طريق موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك لاعطاء بيعتنا وبعدها بفترة جاء دريا وقال إنه تحدث الى الملا شوان وطلب بدوره ادخال سيارة الى اربيل قادمة من كركوك".
أما كارزان صلاح الدين قادر من سكنة اربيل متزوج وله ابنة فقال: "قبل سنة ونصف تعرفت الى دريا عن طريق المسجد، ونشأت بيننا صداقة جيدة، وكان يتحدث عن الفكر الجهادي وغيرها من القضايا باستمرار لغاية فترة قريبة من الان طلب مني العمل من اجل الاسلام في اطار الدولة الاسلامية."
الشخص الخامس في هذه الخلية هو من مدينة كركوك، إسمه احمد سعيد جاسم من مواليد 1989 أصله من ديالى طالب في كلية الاداب قسم اللغة العربية في جامعة بغداد، قال عن دوره في تفجير عينكاوه: "انضممت الى تنظيم الدولة الاسلامية في بغداد عن طريق شخص اسمه علي محمد، ثم تحولت الى الحويجة ومكثت هناك لحوالي شهرين التقيت فيها بشخص اسمه ابو قاسم وهو عسكري، وفلاح الكردي وهو اعلامي من كركوك وبعدها عرفوني على عبدالمجيد وهو ابلغني بان هناك شبكة في اربيل وينوون القيام بعملية نوعية قرب القنصلية الامريكية وذلك لان اربيل هي مصدر القرارات الحاسمة ضد الدولة الاسلامية".
ويبدو من إعترافات المنفذين للتفجير أنهم تعرفوا على بعض في المسجد، وتم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الملا شوان الكردي، وهو إمام مسجد ومدرسة دينية تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في أربيل، التحق قبل نهاية 2014، بصفوف تنظيم (داعش) مع عائلته وعدد من تلاميذه الأكراد، ما دفع اتحاد علماء الدين الإسلامي في كردستان الى إصدار بيان إدانة ودعوة الشباب الى عدم الإنضمام لهذه الجماعات وبالأخص تنظيم "داعش المتطرف"، على حد تعبير البيان.
هناك مخاوف من إنتشار ظاهرة تجنيد الشباب الكردي عبر وسائل التواصل الإجتماعي ...
المتحدث السابق باسم وزارة الاوقاف في حكومة اقليم كردستان مريوان نقشبندي، حالياً مدير العلاقات العامة في الوزارة، قال إن كل الشباب الذين ينضمون للتنظيمات المتطرفة وخاصة داعش هم يلتحقون بإسم الجهاد، لكن المساجد ليست مكان لتخريج المتشددين بل هي مكان للقاءاتهم وتعارفهم.
واضاف نشقبندي أن هناك مخاوف من إنتشار ظاهرة تجنيد الشباب الكردي عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ويجب على حكومة إقليم كردستان أن تتحرك للحد من هذه الظاهرة ومراقبة هذه الوسائل أو حتى قطعها كما فعلت عندما إقتربت داعش من حدود أربيل الصيف الماضي. لكن مواطنين في إقليم كردستان حمّلوا وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مسؤولية إنتشار الأفكار المتطرفة، لعجزها عن مراقبة المساجد والمدارس الدينية التي تتم فيها لقاءات المتطرفين وإجتماعاتهم وإستغلالهم للشباب العاطلين.
لم تكن هناك رقابة جيدة على المساجد في السنوات الماضية ... صحفي كردي
ويرى الصحفي والاعلامي هيمن مامند أن وزارة الاوقاف أهملت هذا الجانب في السنوات الماضية ولم تكن هناك رقابة جيدة على المساجد فإنتشرت ظاهرة التطرف والتشدد واستغلت من قبل الاحزاب السياسية الاسلامية في وقت كان المفروض ان تقوم وزارة الاوقاف باصدار قانون بمنع ممارسة العمل الحزبي في المساجد. وأضاف الاعلامي مامند أنه من الضروري لمنع استغلال المساجد بعد الان ان تقوم الجهات الامنية وحتى السكان القريبين من المسجد وكذلك على الائمة والخطباء اغلاق المساجد بعد انتهاء الصلاة ومنع ممارسة اي عمل حزبي فيها او عقد اجتماعات.
أما المواطن محمد شريف من أهالي مدينة أربيل فدعا من جهته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الى السيطرة على المساجد ومراقبة أداء موظفيها، كما دعا وزارة الثقافة الى توعية الشباب الكردي لمنع إنتشار أفكار التطرف.
وكانت وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كردستان، أعلنت ان 500 مواطن من إقليم كردستان التحقوا بتنظيم "داعش"، وان مئة منهم قتلوا في المعارك في سوريا والعراق، ووجهت أصابع الإتهام لبعض أئمة الجوامع بتشجيع الشباب وحثهم على الإلتحاق بصفوف داعش.
إلتحاق الشباب بالجماعات الإرهابية كارثة كبيرة ... اتحاد علماء الدين الاسلامي في كردستان
ملا عبد الله ملا سعيد، رئيس اتحاد علماء الدين الاسلامي في إقليم كردستان أكد حرص الإتحاد على الحد من إنتشار أفكار التطرف والتشدد لدى الشباب، من خلال التركيز على الخطاب الديني المعتدل والإبتعاد عن التطرف والمغالاة في الدين.
ملا عبد الله وصف ظاهرة إلتحاق الشباب الكردي بالجماعات الإرهابيةبـ"كارثة كبيرة" ومن المسائل الخطيرة التي يجب الوقوف عليها خلال هذه المرحلة، داعياً وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في إقليم كردستان الى مراجعة الخطاب الديني لأن المساجد لها اهمية كبيرة في المجتمع الكردي.كما حثّ ملا عبد الله الأجهزة الامنية والثقافية على توعية الشباب وارشادهم حول كيفية إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي كي لا يقعوا في شرك التنظيمات الإرهابية.
وتحدث ملا عبد الله عن إقامة الإتحاد الندوات التوعوية والثقافية من أجل بيان خطورة الفكر المتطرف والتكفيري لانه إذا ما إنتشر في أي مجتمع فسينشر التفرقة.
وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في إقليم كردستان، أعلنت مطلع هذا العام أنها بصدد تدريس منهج "التعايش الديني" في الدراسات الإسلامية، كما وضعت خطط لتثقيف رجال الدين كي يلعبوا دوراً إيجابياً في نشر التسامح والتعايش السلمي بين مختلف المكونات العرقية والدينية والمذهبية.
وفي إطار حربه ضد الأكراد في إقليم كردستان، بدأ تنظيم داعش يُزيد من حملاته الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الكردية، كما بدأ يُظهر بشكل متزايد الأكراد العراقيين في دعايته الإعلامية وأشرطة الفيديو وخاصة تلك التي يظهر فيها الملا شوان وأكراد آخرين وهم يقطعون الرؤوس أو يهددون حكومة الإقليم أو الأحزاب الكردستانية بهدف بث الخوف في نفوس سكان الإقليم.
وتمتد جبهة الحرب التي تخوضها قوات البيشمركة الكردية أكثر من 1000 كيلومتر مربع، وبدعم من طائرات التحالف الدولي تمكنت القوات الكردية من إعادة السيطرة على اكثر من 30% من المناطق التي اجتاحها داعش في الصيف الماضي.
الخلايا النائمة كانت ومازالت موجودة في إقليم كردستان ...
ويرى الكاتب والصحفي شيرزاد شيخاني أن تنظيم داعش مستعد لإستخدام كل الوسائل في حربه ضد إقليم كردستان، وسيواصل حربه الإعلامية، كجزء من حربه التي يشنها على الإقليم والعراق والمنطقة، مستغلاً الشباب المؤمنين بالجهاد والإسلام المتشدد، لكنه يتوقع أن يكون تأثير هذه الحرب الإعلامية محدوداً لأن المجتمع الكردي يرفض التطرف والتشدد.
شيخاني ، أكد أن كردستان تأثرت هي الأخرى بالمد الإسلامي الذي يجتاح المنطقة، والخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش وقبلها القاعدة كانت ومازالت موجودة في إقليم كردستان، ومن يروج لأفكارها هي عناصر بقايا التنظيمات السُنية السلفية التي شنت معارك ضد سلطات إقليم كردستان في تسعينيات القرن الماضي حتى قبل أن تنشط هذه التنظيمات المتطرفة في العراق.
18/5/150429
https://telegram.me/buratha