التقارير

العلاقات الروسية - الأمريكية بين المد والجزر

1933 2015-05-13

مرت العلاقات الروسية - الأمريكية بمراحل عدة منذ تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما السلطة في عام 2009، حتى وصلت إلى أزمة أعمق بكثير بالمقارنة مع مستواها في حقبة الرئيس السابق جورج بوش.

وكان تحسين العلاقات مع روسيا من الشعارات الأساسية للديمقراطي أوباما، وذلك بعد أن شهدت تلك العلاقات ترديا استمر لمدة 8 سنوات على خلفية سياسة إدارة جورج بوش الخارجية، وسعي واشنطن لنشر عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا، والحرب القصيرة بين روسيا وجورجيا في عام 2009.

وفي أبريل/نيسان عام 2009 عقد أول لقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون التي قدمت له في مطلع اللقاء صندوقا أصفر عليه زر أحمر، مضيفة أن الهدية ترمز لرغبة الإدارة الأمريكية في "إعادة إطلاق العلاقات". وضغط الوزيران على الزر سويا في حركة رمزية، لكن لافروف أشار لكلينتون إلى أن الجانب الأمريكي أخطأ في ترجمة كلمة "reset" للغة الروسية وكتب على الزر كلمة أخرى تعني "المبالغة في الشحن" أو "الإرهاق". وأصبح هذا الخطأ الأمريكي رمزيا أيضا.

وتمكنت موسكو وواشنطن خلال هذه الفترة من تحقيق نجاحات عدة، منها، بالدرجة الأولى، عقد معاهدة "ستارت-2" لتقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والاتفاق الخاص بنزع الأسلحة الكيميائية من سوريا. لكن الخلافات بدأت بالظهور منذ البداية، إذ واصل أوباما السياسات الهجومية لسلفه جورج بوش، وزاد من كثافة التدخلات الأمريكية في سياسات دول أخرى على خلفية أحداث "الربيع العربي"، فيما واصلت روسيا معارضتها القطعية لهذه السياسية.

وقامت روسيا إلى جانب الصين باستخدام حق الفيتو ضد مشاريع قرارات دولية عدة كانت واشنطن تصر على إصدارها تحت الفصل السابع. وعارضت أيضا السياسة الأمريكية تجاه ليبيا واليمن ودول أخرى. وردت واشنطن بتكثيف اتهاماتها لروسيا بانتهاك حقوق الإنسان وفرضت عقوبات شخصية على عدد من الشخصيات الروسية على خلفية تلك الاتهامات.

وعلى الرغم من تصريحات أوباما عن نيته تعديل خطط نشر الدرع الصاروخية والتخفيف من مستواها، اتضح في نهاية المطاف أن واشنطن تتجه لتعديلها بشكل يضر أكثر بمصالح روسيا، كما أنها ترفض إشراك موسكو في جهود بناء نظام الدفاع الصاروخي لعموم أوروبا . كما اتهمت واشنطن موسكو بخرق اتفاقية الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، لكن الجانب الروسي أشار إلى أن الأمريكيين ينتهكون هذه الاتفاقية والاتفاقيات الأخرى بتطويرهم لأنواع الأسلحة الجديدة في إطار برنامج الضربة العالمية الخاطفة.

وكان من المقرر أن يقوم أوباما بزيارة رسمية إلى روسيا في سبتمبر/أيلول عام 2013، إذ كان الطرفان يعلقان آمالا كبيرة على تلك الزيارة. إلا أنه ألغاها على خلفية قضية إدوارد سنودن مسرب المعلومات السرية حول برامج التنصت الإلكتروني للاستخبارات الأمريكية، علما بأن موسكو منحت سنودن حق اللجوء رغم احتجاجات واشنطن التي تطالب بتسليمه لها.

ولم تكن قضية سنودن إلا بداية أزمة غير مسبوقة منذ سنوات، إذ يقارن كثيرون الحالة الراهنة للعلاقات الثنائية بما كانت عليه في فترة الحرب الباردة. ويعود السبب إلى الأزمة الأوكرانية التي اندلعت في أواخر عام 2013 باحتجاجات واسعة النطاق مؤيدة للتكامل الأوروبي ومناهضة للرئيس فيكتور يانوكوفيتش. ودعمت واشنطن تلك الاحتجاجات وتمسكت بدعمها رغم تحول الاحتجاجات السلمية إلى اعتداءات على قوات الأمن واشتباكات عنيفة، حتى وقوع الانقلاب على سلطة يانوكوفيتش ووصول المعارضة السابقة إلى السلطة.

ورفضت موسكو هذا الانقلاب وأكدت نيتها الدفاع عن مصالح المواطنين الروس في أوكرانيا. ولم يبق هذا التأكيد مجرد كلام، بل برز العزم الروسي خلال أحداث القرم، عندما أيدت موسكو سعي سكان شبه الجزيرة للخروج من قوام أوكرانيا والعودة إلى أحضان روسيا.

وفي أوائل مارس/آذار عام 2014 أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن صفحة "إعادة العلاقات الروسية-الأمريكية" أصبحت من الماضي، قائلا: "إننا دخلنا في مرحلة جديدة من علاقاتنا مع روسيا".

على الرغم من تطورات الأزمة الأوكرانية ودخولها إلى مرحلة النزاع الدموي المسلح المستمر في شرق البلاد منذ أبريل/نيسان عام 2014، واصل لافروف وكيري اتصالاتها الهاتفية ولقاءاتهما الدورية على هامش مختلف الفعاليات الدولية. لكن زيارة كيري الراهنة إلى روسيا واجتماعه ببوتين قد يمثلان إشارة إلى تعديل موقف واشنطن إلى درجة ما وسعيها للانضمام إلى جهود التسوية في شرق أوكرانيا والتي انطلقت في العاصمة البيلاروسية مينسك بمساهمة نشطة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

12/5/150513

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك