عانى الاخوان المسلمون في مصر منذ نشأتهم في عام ١٩٢٨ حتى عام ٢٠١١ من سياسات الحكومات التي حكمت هذا البلد والتي اتبعت سياسة تحجيم واقصاء وطرد الاخوان بدرجات مختلفة، وجاءت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ لتضع حدا لهذا الواقع المرير ولم يشعر احد في مصر بالسعادة اكثر من الاخوان المسلمين بسبب هذه الثورة. فقد استفاد الاخوان من قدرتهم التنظيمية الكبيرة ومن جذابية شعاراتهم لقسم كبير من ابناء الشعب المصري، لكن الحكومات التي جاءت الى الحكم بعد الثورات العربية لم تكن محظوظة كما يجب. فما هي اسباب تراجع هذه الحكومات ومنها حكومة الاخوان في مصر؟ وكيف يبدو المستقبل امامهم ؟
واجهت حكومة الاخوان في مصر سيلا من المطالبات الشعبية كما اتهمت من قبل رفاقها في الثورة بأنها استأثرت بالسلطة ولم يكن اداء حكومة الاخوان بشكل يلبي المطالبات الشعبية ويرد على الاتهامات بشأن الاستئثار بالسلطة وفي النهاية رأينا كيف وقعت حكومة الاخوان في مصر ضحية اخطائها الاستراتيجية وحقد العسكر وخشية قطاعات من المجتمع المصري المنقسم من الاخوان.
ان عودة العسكر الى الحكم في مصر يعني عودة استراتيجية طرد وقمع الاخوان وهنا يعتقد بعض الخبراء والمحللين ان على الاخوان المسلمين ان يقوموا بمراجعة افكارهم ونظرياتهم التقليدية اذا ارادوا تجديد حياتهم الفكرية والعملية. ويقول هؤلاء المحللون ان عودة الاخوان مجددا الى الساحة السياسية المصرية والعربية تحتاج الى وجود قادة من الجيل الجديد في صفوف الاخوان.
وهناك الكثير من الخبراء والمحللين الذين يعتقون بأن ما قام به الاخوان بعد ثورة ٢٥ يناير وخلال سنة من حكم الرئيس السابق محمد مرسي قد اضر بسمعة الاخوان لدى المجتمع المصري والعربي لأن المصريين كانوا يعرفون الاخوان بأنهم معارضة نبيلة.
ويقول هؤلاء ان الاخوان المسلمين برهنوا خلال حكم محمد مرسي بانهم ليسوا سياسيين بارعين ولايستطيعون ادراك التعقيدات السياسية في المجتمع المصري وفي باقي دول المنطقة وان عودتهم مجددا الى الساحة السياسية المصرية من بابها العريض تحتاج الى فترة من الزمن كما ان جماعة الاخوان المسلمين هي بحاجة الى اعادة بناء هيكليتها التنظيمية لأن هناك تباعداً قد حصل بين الكوادر والقادة وان رأب هذا الصدع ايضا يحتاج الى فترة زمنية.
وهناك من يقول بأن الاخوان لم يوفقوا ايضا في الظهور بمظهر التيار الديمقراطي واستنساخ النسخة التركية في الحكم كما كانوا يقولون، وانهم لم يراعوا قواعد اللعبة الديمقراطية كما يجب بعد استلامهم للحكم في اعقاب الثورة، ولذلك فان الاخوان يحتاجون الى اعادة احياء مشاريعهم داخل المجتمع المصري وكذلك في المجتمعات العربية الاخرى عبر ظهور جيل جديد من القادة.
ويمكن القول ايضا ان عدم المراجعة الصحيحة للمبادئ الفكرية للاخوان المسلمين يمكن ان يعتبر من اسباب افول هذه الحركة حيث هناك من الخبراء من يقول بأن الاخوان يجب ان يتحرروا من الاساليب القديمة التي اتبعها قادتهم ويتبعوا اساليب جديدة في ادارة انفسهم وادارة المجتمع بالتناسب مع المتغيرات على الساحتين الدولية والاقليمية فلا يمكن للاخوان ان يظلوا رهينة لافكار ماضية ويريدوا ادارة المستقبل فالعالم يتجه نحو العولمة وان الزمان والمكان اصبحا متلازمين ورغم تكاثر التوجهات السياسية في المجتمعات الا ان هناك ميولاً للعمل المشترك في المجتمعات وهذا ما سيدفع الاخوان وغيرهم الى اعادة تعريف نشاطاتهم في مختلف المجالات النظرية والعملية.
ويقول البعض ان الاخوان اليوم على مفترق طريق فهناك طريق يؤدي الى الراديكالية السياسية وهناك طريق يؤدي الى الاعتدال السياسي وهنا يجب القيام بتقييم التكلفة والربح لكل من الطريقين بغية اتباع السبيل المناسب، ويؤكد الخبراء ان طريق الاعتدال هو الطريق الانسب لبلوغ الاهداف.
https://telegram.me/buratha