زلزال الانتخابات التركية لايزال مستمرا، فالليرة تتراجع أمام الدولار رغم ما اتخذه البنك المركزي التركي من احتياطات وتدابير، في الوقت الذى قبل فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقالة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، إلا انه كلفه بتصريف أعمال الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
انتقادات لسياسات اردوغان
من جانبه اعتبر زعيم حزب الشعب الديموقراطي الكردي صالح دميرتاش، أن هذه النتائج تدل على أن النقاش حول الرئاسة التنفيذية وحكم الفرد الديكتاتوري قد وصل إلى نهايته، بعد أن أبدى حزب العدالة والتنمية رغبة في تمرير مشروع قانون لتغيير نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي.
وفى هذا الإطار قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، مصطفى أوزغان إن رضوخ الرئيس رجب طيب أردوغان للواقع الجديد أمرا منطقيا، نتيجة طبيعية لما أفرزته نتائج الانتخابات، في المرحلة الراهنة على الأقل، خاصة أن هذه النتائج ضربة لتطلعات أردوغان لوضع دستور جديد يحول
تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، حيث كشف أردوغان عن نيته العام الماضي فور انتخابه رئيسا عن نيته في تعزيز سلطات الرئاسة التي كانت منصبا شرفيا قبل أن يصل للكرسي الرئاسي.
العملة التركية تتراجع
وكنتيجة طبيعية سيتم تكليف أوغلو باعتباره رئيسا للحزب الذي جاء أولا في الانتخابات الأخيرة بتشكيل حكومة جديدة، ولكن نتيجة تراجع النسبة التي حصل عليها الحزب من 49% في 2011 إلى 41%، سيكون مضطرا إلى بدء مداولات لتشكيل حكومة ائتلاف بين العدالة والتنمية، مع حزب أو أكثر من ثلاثة أحزاب معارضة، وفي حال فشل المفاوضات ضمن مهلة 45 يوما، فسيكون بإمكان أردوغان الدعوة إلى انتخابات جديدة.
ويرى خبراء أن أردوغان يسعى لتحميل المعارضة التركية نتائج عدم الاستقرار على تشكيل حكومة تساعد على استقرار البلاد، وتعافى الاقتصاد، ومحاولة تغيير قواعد اللعبة ووضع سيناريوهات جديدة، خاصة وأن أردوغان لم يعتاد من قبل التواجد في منصب بلا صلاحيات، حتى انه كان يحضر اجتماع مجلس الوزراء لأكثر من مرة ليرأس اجتماعات الحكومة بالرغم من تواجد احمد داود أوغلو رئيس الوزراء.
زعيم حزب الشعوب
ويرى مراقبون أنه بعد 13 عاماً كان فيها أردوغان يعامل على انه السلطان، تلقى صفعة من الناخب التركي، وهو ما اعتبرته صحف غربية توبيخا من الناخبين، وإسقاط أحلامه بتعزيز صلاحياته حتى ولو بتعديلات دستورية على المقاس تحت مزاعم الديمقراطية، خاصة وانه منذ انتخابه في أغسطس الماضي والرئيس الجديد يعمل على استعادة مقاليد السلطة، وعدم الاكتفاء بالسلطات الممنوحة له في الدستور الحالي.
وفى هذا الإطار أكد المحلل السياسي والأستاذ الجامعي سيف الدين جورسيل على أن الناخبين الأتراك أعلنوا له بشكل واضح أنهم غير موافقين على الانتقال إلى نظام رئاسي.
أوغلو
وهذه النقطة كان انطلاقة حزب الشعوب الديمقراطي، والى خاطب فى حملته الانتخابية الرافضين لتحويل النظام التركي إلى النظام الرئاسي، وأشار إلى الى من يرغب فى وقف استبداد أردوغان ومنعه من مواصلة سياساته الاستبدادية عليه أن يصوت لحزب الشعوب، في حين اعتمدت الأحزاب الأخرى على انتقاد أنباء الفساد التي استشرت فى الحكومة التركية مؤخرا، والتركيز على القصر الرئاسي الفخم الذى شيده أردوغان وتكلفت بسبب ميزانية الدولة ملايين الدولارات، فى الوقت الذى تتزايد فيه معدلات الفقر، وبالرغم من محاولة أردوغان التقليل من حدة هذه الاتهامات، إلا أنها كانت لها نتائج ملحوظة على الناخب التركي.
كما ساهمت أنباء الكشف عن تمويل الحزب الحاكم ونظام أردوغان لجماعات مسلحة فى سوريا ومدهم بالسلاح من شانه القاء مزيد من الاتهامات للعدالة والتنمية بدعم الجماعات الارهابية فى سوريا، خاصة وأن هذه الحملة تماشت مع الانتقادات الغربية لتركيا، بشأن عدم اتخاذها تدابير مناسبة لوقف تدفق المقاتلين الأجانب على تنظيم
داعش الإرهابي وغيرها من الجماعات والميليشيات فى سوريا.
كما تبادل أردوغان اتهاماته مع المعارضة ما بين محاولة عرقلة مساعيه نحو تنمية الاقتصاد التركي، واتهام المعارضة بإفشاله ووقف الانطلاقة المزعومة، إلى جانب صب هجومه على الأكراد واتهام زعيم حزب الشعوب صلاح ديمترياش بالإلحاد ومعاداة الدين، وهو ما دعا دميرتاش الذي يدعوه مؤيدوه بـ"أوباما التركي" بقوله "نحن حزب الشعوب الديمقراطي سنجعل الأسد الذي يزأر داخلك مجرد قطة صغيرة".