في تطور غير مسبوق، شنت صحيفة مصرية حملة شعواء على حكام السعودية، وحمَّلتهم مسؤولية دماء الحجاج الذين قضوا إثر التدافع بمشعر منى، مبدية اندهاشها من محاولات تبرئتهم من هذه المسؤولية.
فقد صدرت صحيفة “المقال”، لرئيس تحريرها الإعلامي إبراهيم عيسى، الاثنين، بعناوين عريضة تتساءل باستنكار: “لماذا يحاولون تبرئة السعودية من موت الحجاج؟ ولماذا نسي الرئيس (السيسي) تعزية المصريين في وفيات الحجاج، وعزَّى ملك السعودية؟ وكيف أصبحت إيران شماعة السعودية للتغطية على تقصيرها في خدمة الحجيج؟ وهل ما حدث جريمة مدبرة ومؤامرة على السعودية أم إهمال؟”.
وفي عددها الاثنين، خصصت “المقال” أربع مقالات كاملة لمهاجمة حكام السعودية.
قولا واحدا.. دماء الحجاج في رقبة نظام آل سعود
هذا هو العنوان الذي حمله المقال الأول، متسائلا: “هل كان آل سعود ينتظرون سقوط مئات القتلى لمراجعة خطط الحج؟ ولماذا تتكرر حوادث تدافع الحجاج؟ ولماذا تغيب الاستعدادات السعودية لمنعها دائما؟”.
وفي المقال قال عماد حمدي: “تكاد تكون كل حوادث التدافع السابقة متطابقة، وتكاد تكون طريقة تعاطي المسؤولين السعوديين معها متطابقة أيضا، طالما أن هناك مبررا اسمه التدافع، وطالما لا تخجل السلطات من تحميل الحجاج مسؤولية مقتلهم، كأن الذي ذهب لأداء فريضة الحج يأبى أن يؤدي مناسكه في سهولة ويسر، ويريد أن يتدافع أو يتزاحم أو يفقد حياته”.
وشدد الكاتب على أن “كارثة مقتل الحجاج لن تكون الأخيرة طالما استمر الإهمال والتقصير والعجز البين عن تأمين حياتهم”.
وأضاف: “المسؤولون السعوديون ـ كعادتهم ـ لم يمتلكوا شجاعة تحمل المسؤولية عن الحادث، برغم أنه لا مسؤول غيرهم عن تأمين حياة الملايين الذين يؤدون شعائر الحج منذ وصولهم إلى أراضي المملكة، وحتى مغادرتها، بل ألقوا باللوم على الحجاج لأنهم تدافعوا خلال رمي الجمرات، كأن نظام آل سعود لا يعلم أن وجود هذه الأعداد الغفيرة ينطوي على احتمال، ولو ضعيف، لحدوث مثل هذا التدافع، وأن مسؤوليتهم هي منع حدوث ذلك أو التدخل العاجل لوقف تفاقم الكارثة متى حدثت”.
واستطرد الكاتب: “جاءت التصريحات الرسمية كلها باهتة كأي تصريح لمسؤول عربي بعد أي كارثة، على طريقة فتح تحقيق عاجل حول ملابسات الواقعة، ومراجعة خطط تأمين الحج، فلا التحقيقات ستسفر عن شيء، ولا جديد سيحدث، وسيظل مثل هذه الحوادث مرشحا للتكرار خلال مواسم الحج المقبلة”.
والأمر هكذا، اختتم عماد حمدي مقاله مؤكدا “قولا واحدا.. دماء الحجاج في رقبة نظام آل سعود”.
الفكر السلفي الوهابي سبب مقتل الحجيج في منى
المقال الثاني قال أن “الفكر السلفي الوهابي سبب مقتل الحجيج في منى”، بحسب عنوانه هذا.
فقد تساءل طارق أبو السعد: “هل قتلى الحرم آثمون لقتل بعضهم؟”.
وأبدى أبو السعد اندهاشه من تبريرات المسؤولين السعوديين للحادث، فقال: “برغم امتلاك المملكة سبعة آلاف كاميرا تصور الحج بالفيديو، فيا للعجب لم تقدم لنا فيديو واحدا يثبت من تسبب في هذا الهرج والتدافع.. هل هي سلوكيات الحجيج التي هي في كل مرة المتهمة في التدافع، وخصوصا المصريين (رغم أنهم في هذه المأساة لم يوجد منهم إلا عدد صغير)، هل يجب أن نتوقف عن البحث عن السبب، والاكتفاء بقولنا: يا بختهم، ماتوا وهم يحجون وأن هذه دلالة على حسن الخاتمة.. أم أن ننظر إلى كل هذه الكوارث على أنها تهديد لعرش المملكة كراعية لضيوف الرحمن تستمد منهم القوة، والشرعية؟”.
الرئيس لا يعزي شعبه
في مقاله بالعنوان السابق تساءل محمود صلاح، باستنكار: “كيف يعزي السيسي ملك السعودية، وهو المتسبب وحكومته في الفشل التنظيمي الذي راح ضحيته أكثر من 750 حاجا؟”.
ورأى صلاح أن “المفاجأة أن الملك السعودي لم يعز مصر بل إن من قام بذلك هو الرئيس السيسي، فهل يوجد شيء أكثر غرابة من هذا؟ رئيس يسقط من شعبه أكثر من 100 قتيل وجريح خلال أقل من أسبوعين في دولة تسبب سوء تنظيمها لأهم حدث ديني في مقتل أكثر من 900 حاج فضلا عن مئات الجرحى؟”.
السعودية هي التي يجب أن ترسل برقيات تعزية في تدافع “منى”
هكذا عنون لؤي الخطيب مقاله، وهو الرابع في إطار حملة الجريدة على حكام السعودية، متسائلا: “كيف يختلف الموقف المصري من مقتل الحجاج في تدافع منى عن الموقف المكسيكي من مقتل سائحيها في مصر؟”.
وأردف: “يجب توجيه السؤال لكل الدول التي أرسلت البرقيات، خصوصا مصر، رئاسة وحكومة”.
وتساءل الخطيب بالعامية المصري: “مين مفروض يعزي مين؟”.
وتابع: “لنستدع من الذاكرة المصرية القريبة ما قامت به المكسيك بعد حادث مقتل السياح في الواحات.. ماذا لو كانت المكسيك قد أرسلت برقية تعزية للرئيس المصري؛ لأن الحادثة وقعت على أرضه؟”.
واختتم مقاله قائلا: “هذا بالضبط ما حدث، وعلى الحكومة المصرية، في الفترة المقبلة، أن تتابع بنفسها التحقيقات التي تجرى في السعودية، وأن تعلن ذلك صراحة، فعدد الحجاج المصريين الذين سقطوا – حسب آخر إحصاء معلن – هو 55 حاجا، وأسر هؤلاء ينتظرون نتائج التحقيقات، ومحاسبة المسؤول المقصر إن ثبت التقصير، ولن تفيدهم برقيات التعزية لملك السعودية، أو لوزير الداخلية”، وفق قوله.