عبدالله الجيزاني
رحل احمد الجلبي، بعد أن أمضى شطر كبير من عمره، معارضا لنظام البعث بشراسة، استثمر علاقاته مع مؤسسات الحكم في أمريكا لإقناعهم، بإسقاط نظام البعث الصدامي، استخدم كل الأساليب لهذا الغرض.
فتح في الانتفاضة الشعبانية مكتب في كوردستان، لاستقبال الهاربين من حجيم البعث، استعان بوسائل الاعلام العالمية، لغرض نشر معاناة الشعب العراقي، مازالت صورة الشاب الذي قطع فدائيو صدام لسانه، الذي قام الجلبي بعرضه على وسائل الاعلام العالمية، ثم نشر فلم هذا اللقاء ووصل الى بغداد،
الجلبي عاد إلى بغداد، مع أول لحظات دخول القوات الأمريكية المحتلة إلى العراق، اتهم بعد اختلافه مع الأمريكان، بتهم مجهولة، ومحط شك، لأسباب لا تحتاج عناء لمعرفتها، فهو واحد من اشد معارضي البعث الصدامي، ثم اختلف مع الأمريكان، إضافة لشيعيته البارزة، اجتمع إعلام البعث والأمريكان والطائفيين ضد شخص الجلبي، كحال تيارات وأحزاب، كانت معارضة لنظام البعث الصدامي بصدق، واجتمعت عليها نفس الأجندات أعلاه.
ما يؤلم في مسيرة الجلبي بعد التغيير، خروج تظاهرات ضده، تردد تهم رددها البعث المجرم والطائفيين، كاتهامه ببنك البتراء، الذي اتضح لاحقا، أن الجلبي في هذه القضية مسروق وليس سارق، مما اضطر الحكومة الأردنية، الطلب من شخصيات سياسية عراقية بارزة، للتوسط لدى الجلبي لإغلاق قضية بنك البتراء، الذي راد منه الأردنيين والبعث المجرم، أن يكون وسيط، لتوريد الأسلحة لنظام صدام في حربه ضد الجمهورية الإسلامية لإبادة الشيعة، لذا وقف الجلبي ضد هذه العملية، مما اضطرهم لترتيب تهمة سرقة البنك ضده.
يؤلم أن يردد ضحايا البعث الصدامي اتهاماته، ضد الجلبي الذي دفع ثمن الدفاع عنهم من سمعته واسمه، كما فعل بعض من هؤلاء الضحايا مع كيانات وتيارات معارضة أخرى، بإعادة اتهماهما بما أتهمها البعث الصدامي والإعلام الطائفي.
رحيل الجلبي الذي لم يأخذ فرصته، ليعبر عن قدرته في خدمة الشعب، الذي ضحى لآجلة بالكثير، يعني رحيل قامة من قامات العراق، سجل تاريخها الشخصي والأسري مواقف جليلة في خدمة العراق وأهله، مازالت مطحنة الجلبي ومنطقة البستان، شاهد على عطاء آل الجلبي للعراق وشعبه، مازالت الذاكرة، تحفظ للجلبي الأب، تحمل رواتب موظفي الدولة العراقية، بعد إعلان النظام الجمهوري، مازال قضاء الدجيل في صلاح الدين، شاهد على تسخير آل الجلبي أموالهم، لخدمة العراق بصورة عامة، والشيعة بصورة خاصة.
رحل الجلبي؛ ورحلت معه حقبة مهمة من تاريخ جهاد الشعب العراقي ضد الظلم، كان فيها مرتكز مهم، رحيل الجلبي سيدفع من تظاهروا ضده، مع أول لحظات دخوله العراق، لذكر محاسنه، كعادتهم مع قامات وشخصيات أخرى رحلت، حاربوها وشتموها، بترديد تهم أعدائهم وأعدائها، ليعودوا لذكر محاسنهم بعد رحيلهم.
آه يا شعبي؛ الذي ما أدركت يوما قادتك المخلصين، وكنت دوما صدى لأصوات أعدائك.
رحل الجلبي؛ دون أن يتمكن من تحقيق حلمه للشعب العراقي، بعد أن تولى الحكم من كان في مصطبة احتياط البعث بصورة أو أخرى، رحم الله الجلبي، وأعطاه على قدر أعماله ونواياه....
https://telegram.me/buratha