اضطربت حالة علاء الدين احمد " (23 عاماً)، من أهالي قضاء أبي الخصيب بالبصرة، فجأة، وشعر بضيقٍ شديدٍ في التنفس، وبينما يسارع شقيقاه نقله الى مستشفى القضاء، أغمض عيناه في الطريق وفارق الحياة بشكل مريب، ولم تنفع معه محاولات التنفس الاصطناعي.
استقبله المسعفون بطوارئ مستشفى القضاء الذي كان يفتقد للإسعافات اللازمة، سيما (الصدمة الكهربائية)، وبعد الفحص أعلن وفاته رسمياً متأثراً باختناق شديد، بحسب ما قاله لراديو المربد، شقيقه "عبد السلام".
ويضيف أن شقيقه كان يتحسس من تغيير الجو، لكنه رياضي يعتبره زملائه من احد أبطال الرياضة، ووفاته السريعة المفاجأة التي لانعرف سببها الحقيقي شكلت صدمة وحيرة له وللأطباء.
ظاهرة هي الأولى
الحال لم يكن نادراً، حيث استقبلت مستشفيات المحافظة الحكومية والأهلية، ليلة الجمعة الماضية التي شهد هطول الأمطار 4800 حالة اختناق متفاوتة الخطورة أصيب بها مواطنون بأعمار مختلفة، في ظاهرة تكاد أن تكون هي الأولى في المدينة دون غيرها من المحافظات، ولم تشخص أسباب تلك الاختناقات بشكل دقيق، واختلفت التشخيصات بعوامل الاضطرابات الجوية وارتفاع الرطوبة، وبين التأثر بالأمطار الحامضية.
أمطار حامضية
ووفقاً للعوامل الفيزيائية، فان حالات الاختناق أو ضيق التنفس التي سجلت في طوارئ مستشفيات المحافظة بشكل كبير، تعود أسبابها الى ما خلفه الاستخراج النفطي من غازات مصاحبة للنفط الخام التي عادة ماتحرق وتستقر في الطبقات العليا للجو، وبوجود أشعة الشمس يحدث تفاعل (كيما - ضوئي) تكّون مركّبات وأحماض والتي تسقط مع هطول الأمطار الى الأرض وتؤدي الى تلوث الهواء الجوي (والتي تعرف بالأمطار الحامضية)، بحسب ما يؤكده مدير البيئة احمد حنون.
ملوثات النفط عامل ليس ببعيد
ويعزو مدير العمليات الطبية التخصصية في دائرة صحة المحافظة الدكتور مصعب عبد اللطيف، أسباب الإصابات الى التغيير المناخي وبداية الموسم الجديد، وسط وجود حساسية موسمية وانخفاض درجات الحرارة، وارتفاع نسبة الرطوبة التي قد تزيد من أعراض أمراض الربو والتهاب القصبات المزمنة، وبالتالي أدى الى تسجيل تلك الأعداد التي وصفها بالكبيرة جداً.
الإصابات شملت أشخاص أصحاء
وبشأن ماذا اذا كانت الصناعة النفطية عاملاً بتلك الإصابات، أشار عبر حديثه لراديو المربد الى انه لايستبعد أن نزول الملوثات الموجودة في الهواء الى مستويات متدنية
اثر ارتفاع الرطوبة "دون أن يتم الجزم بإثبات بذلك"، لكنه أقر بان جزء من تلك الحالات التي وصلت المستشفيات لم تكن أصلا مصابة بأمراض الجهاز تنفسية.
لاكبريت في الأمطار
وينفي عضو لجنة الصحة النيابية الدكتور حسن خلاطي، وجود مادة الكبريت في الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية على المحافظة، ورأى أن ما حصل في المستشفيات من حالات اختناق هو نتيجة تقلب الأجواء وارتفاع معدلات الرطوبة، وهي حالات تحدث سنوياً مع قدوم فصل الشتاء.
وأضاف ان المعروف عن المحافظة بأنها مدينة تمتلك الحقول النفطية التي تؤدي الى استخراج الانبعاث الغازية وخصوصا في أطراف المحافظة مما تؤدي الى تأثيرات على المواطنين المتواجدين بالقرب من تلك المناطق التي تحوي النشاطات النفطية.
واستبعد خلاطي وجود مادة الكبريت وأكسيد الكاربون في مياه الأمطار بأنها هي من تسببت بحالات الاختناق، مطالباً من يزعم بوجود مياه ملوثة بالكبريت بتقديم تقارير علمية تثبت تلوث الأمطار بمادة الكبريت حتى يتم متابعتها والعمل عليها ان وجدت.
لجنة وزارية لكشف الغموض
أعداد الإصابات دفع وزارة الصحة والبيئة الى تشكيلها لجنة لزيارة المحافظة الأسبوع المقبل بغية التأكد من الأسباب الحقيقة التي كانت وراء حالات الاختناق الغامضة.
ويقول مدير إعلام الوزارة الدكتور احمد الرديني لراديو المربد ان الوزارة تسعى وبالتنسيق مع دائرة صحة المحافظة للتأكد فيما إذا كانت إصابة تلك الحالات ناتجة عن تفاعل غازات الكبريت المنبعثة من الآبار النفطية مع الجو أو أنها جاءت نتيجة ارتفاع معدلات الرطوبة في أجواء المدينة وأدت الى اختناق أشخاص مصابون بأمراض الربو بحسب تشخيص الأطباء.
زخم على شراء البخاخات وارتفاع أسعار الأدوية
وبينما ينتظر أن تصل اللجنة الوزارية وتباشر أعمال الدراسة الخاصة بتلك الإصابات، اتخذ المصابون بالأمراض التنفسية استعداداتهم للأمطار اللاحقة، وأقبلوا على شراء أدوية تلك الأمراض من حبوب وبخاخ إضافة الى محلول الأجهزة الخاصة بالتنفس، فيما سجل ارتفاع نسبي بأسعارها، بحسب ما كشفه لراديو المربد نقيب الصيادلة حسين عبد الرزاق سويد.
https://telegram.me/buratha