شغلت قصص اللاجئين ومعاناتهم أذهان كثيرين.
هذه المرة مختلفة.. فهي تسجل لجوء قاصرين دون رفقة آبائهم، تفاديا للتعرض للتجنيد الإجباري من قبل الجماعات المتشددة.
مالمو.. المدينة الحاضنة تبعد 35 دقيقة عن كوبنهاغن بالقطار، وهي المنفذ الرئيسي للقاصرين.
إذ يصل 700 طفل لاجئ أسبوعيا بلا آبائهم إلى السويد، منهم مصابون إثر حوادث، وآخرون تظهر الندوب على أجسادهم، ويحملون اضطرابات نفسية جراء تعرضهم للضرب أو الاغتصاب على أيدي المهربين.
حوادث مأساوية
بعض الأطفال، على سبيل المثال، يعانون من فقدان السمع بعد تعرضهم للصفع على آذانهم خلال رحلة بحرية خطيرة إلى أوروبا على متن عوامات أو في قوارب، الكثير منها غير صالح للإبحار.
يستكمل المراهقون رحلتهم الطويلة من الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا عن طريق عبور جسر أوريسند من الدنمارك، ليطلبوا المساعدة في أول مدينة سويدية يصلون إليها وهي مالمو.
وتقول مديرة مركز مالمو للترانزيت (النقل والعبور) كريستينا روزن "يصل إلينا أيضا العديد من اللاجئين جاءوا عبر ليبيا، بمن فيهم أشخاص كانوا على قوارب تعرضت للغرق".
وفي حادثة مأساوية، رأى أحد الأطفال غير المصحوب من قبل والديه، شقيقه يغرق في البحر المتوسط، فيما يقدر الموظفين في المركز بأن أكثر من نصف الأطفال يحتاجون إلى رعاية نفسية في مرحلة ما.
ويقول مسؤولون إنه يمكن للوالدين غالبا تحمل تكلفة تهريب شخص واحد من الأسرة. لذلك يرسلون طفلا واحدا إلى السويد، في كثير من الأحيان لتجنب تجنيده من قبل جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية داعش، أو حركة الشباب الصومالية.
يبحثون عن الشرطة
ويتحدر الأطفال أساسا من أفغانستان واريتريا والصومال وسورية، حسب بيانات من وكالة الهجرة السويدية، ومعظمهم من الفتيان.
وفي الأشهر السبعة الأولى من 2015، تقدّم 3383 طفلا بطلبات لجوء في السويد.
يعثر البعض على هؤلاء الأطفال يتجولون في شوارع المدينة، ثم يتم نقلهم إلى السلطات، فيما يبحث آخرون عن الشرطة أو اختصاصيين اجتماعيين، أو يرميهم المهربون بالقرب من وكالة الهجرة مع توجيهات بمكان مكاتبها.
ويبقى الأطفال في مركز عبور مالمو لبضعة أيام قبل الذهاب إلى مراكز أخرى في جميع أنحاء السويد، أو الانتقال للعيش مع أسر حاضنة إذا كانوا صغارا جدا.
استقرار وأحلام
وأكثر ما يلفت النظر عند وصول الأطفال هو التعب والجوع الظاهر عليهم. يأكلون كميات لا حصر لها من المواد الغذائية، تقول روزن.
ويتراوح أعمار حوالي 92 في المئة من طالبي اللجوء الآتين من غير أهاليهم بين 13 و17 عاما.
وبعد الاستقرار تسير أمور البعض بشكل جيد، إذ وجدت دراسة أجرتها جامعة ستوكهولم عن القاصرين الذين وصلوا بين عامي 2003 و2013 أن معدل عملهم كان أقل من المتوسط السويدي، في حين وجد الكثيرون منهم عملا أكثر من الذين حضروا مع آبائهم.
عارف كرامي، واحد من هؤلاء.. وصل وحده عندما كان في عمر الـ16، قبل نحو خمس سنوات.
سافر كرامي من خلال تركيا، واليونان، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا والدنمارك.
وبقي مع 34 شخصا في زورق مطاطي لمدة سبع ساعات، بين اليونان وإيطاليا.
"سمعت أن السويد أفضل بلد للدراسة، وكان حلمي الدراسة" يقول كرامي، وهو الآن في المدارس الثانوية ويحلم بأن يصبح مهندسا معماريا.
يذكر أنه نسبة لعدد سكانها، تتلقى السويد طالبي اللجوء أكثر من أي دولة أوروبية أخرى، والأرقام آخذة في الارتفاع بشكل حاد، مع ازدياد عديد الفارين من الحرب في سورية.
https://telegram.me/buratha