تتسارع تطورات الأحداث في سوريا منذ انتهاء اجتماع فيينا الأخير؛ إذ تحدث أوباما عن إحراز تقدم متواضع، فيما أكد كيري أن سوريا قد تبدأ مرحلة الانتقال السياسي خلال أسابيع.
وكالات أنباء تتحدث عن أن روسيا تعمل على تطبيق وقف مؤقت لإطلاق النار بين الجيش السوري وفصيل "جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية، في حين تلحق قوات المعارضة هزائم في صفوف "داعش" بالحسكة.
ومع كل هذه التطورات الهامة، تظل الأنظار معلقة على ريف حلب لاسيما الشرقي والجنوبي، حيث المعركة تأخذ طابعا إقليميا ودوليا أوضح، يحاول كل طرف فيها تحقيق نصر عسكري بغية استثماره سياسيا على طاولة المفاوضات.
أهمية المواجهات في محافظة حلب تكمن في انتشار معظم القوى العسكرية المقاتلة، حيث تتزاحم فيها الأبعاد الإثنية والطائفية للصراع واصطفافاتها الإقليمية، وفيها يتوزع الثقل الديمغرافي.
تبدو المعارك في ريفي حلب الشرقي والجنوبي تسير في صالح الجيش السوري المدعوم بغطاء جوي روسي وبقوة ميدانية (حزب الله وغيره)، وقد نجح الجيش السوري في السيطرة على عدة نقاط ذات أهمية استراتيجية في سير المعارك، كبلدة الحاضر والأوتوستراد الدولي، والاقتراب من المركز الدولي للبحوث الزراعية في منطقة "إيكاردا"، ومن الزربة وخان طومان.
ويمكن إرجاع أسباب تقدم الجيش السوري في ريفي حلب، إلى التواجد الروسي الجوي والإيراني البري، وإلى انشغال الولايات المتحدة في محاربة "داعش" تاركة الفصائل المدعومة من تركيا والسعودية وقطر إلى هذه الدول.
وعلى الرغم من الدعم الذي يحصل عليه الجيش السوري، فإن المعارك تسير بوتيرة بطيئة، فالفصائل المسلحة تلقت أسلحة وصواريخ نوعية من داعميها الإقليميين، فضلاً عن توحيد الصفوف الذي جرى في ريف حلب، وكان آخرها قبل يومين حين أعاد "جيش الفتح" رص الصفوف وتجهيز نحو ستة آلاف مقاتل مع عودة "جند الأقصى" إلى غرفة العمليات من جديد.
واستطاع "جيش الفتح" استرجاع عدة مزارع استراتيجية في محيط قرية بانص بريف حلب الجنوبي، في وقت صد هجمات مضادة تحاول اختراق منشأة "إيكاردا" وقرى رسم الصهريج وخلصة على الطريق الدولي بين حلب - دمشق.
وتدور اشتباكات عنيفة منذ أيام على معظم جبهات ريف حلب الجنوبي: من جبهة برنة القريبة من بلدة العيس والهضبة الخضراء ومحور بلدة بانص في محاولة للجيش السوري للسيطرة على الأوتوستراد الدولي الذي يؤمن له التقدم نحو ريف إدلب الشمالي الشرقي.
وتبدو بلدة سراقب بوابة ريف إدلب الشمالي هدفا مقبلا للجيش السوري الذي بدأ عمليات قصف جوي للمدينة، ومن شأن السيطرة على سراقب أن تفتح طريق التوغل إلى عمق ريف إدلب الشرقي.
وليس صدفة أن ترتفع حدة المعارك في محافظة اللاذقية، خصوصا في جبل التركمان وفي محيط جبل زاهي بريف اللاذقية الشمالي، وسط إسناد جوي لقوات النظام من الطيران المروحي الروسي الذي يستهدف مناطق الاشتباك، ويحاول الجيش السوري تطويق محافظة إدلب من اللاذقية غربا ومن حلب شرقا في خطوة تستهدف قطع أوصال المحافظة وفصل الشمال الملاصق للحدود التركية عن جنوبها الملاصق لريف حماة الشمالي.
تزامنت هذه التطورات في ريف حلب الجنوبي مع تقدم للجيش في ريف حلب الشرقي، فبعد سيطرته على بلدة حميمية بدأ عمليات قصف دير حافل أحد معاقل "داعش" في المنطقة.
ويستفيد الجيش من الهجمات التي تنفذها الطائرات الروسية وطائرات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش لملاحقته في عمق ريف حلب الشرقي، وبالتحديد في مناطق منبج وشدود والباب.
وفي حال أصبحت السيطرة على ريفي حلب الجنوبي والشرقي تحت يد الجيش السوري، فإن تغييرا مهما سيصيب خريطة القوى العسكرية في الشمال الغربي لسوريا، بحيث تنعكس نتائجها نحو إدلب وحماة، وسيترتب على ذلك إعادة اصطفافات عسكرية جديدة، خصوصا مع اقتراب واشنطن وموسكو من الاتفاق على تحديد هوية الفصائل المقاتلة في سوريا التي ستدرج ضمن قائمة الإرهاب.
https://telegram.me/buratha