لم يكن إعلان الكرملين عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى طهران خبراً عادياً. نبأ الزيارة العتيدة فاجأ الصديق قبل العدو. الصورة التي ستجمع القيصر بآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الإثنين ستفتح الباب واسعاً أمام سيل من التحليلات والاستنتاجات. في التوقيت يأتي اللقاء بعد انخراط موسكو حتى العظم في الحرب التي تُشن على الإرهاب، وتحول موازين القوى لصالح الدب الروسي بموازاة تراجع واضح في التأثير الأميركي. وفي المضمون، يأتي لقاء رئيس بلاد روسيا مع أعلى مرجعية دينية وسياسية لدولة كبيرة ومهمة كإيران دلالة واضحة على تقارب مصالح الإمبراطورية السابقة مع الجمهورية الإيرانية.
أكثر ما تترقّبه الساحة السياسية في الساعات المقبلة، وفق منسّق شبكة "الأمان" للبحوث والدراسات الاستراتيجية أنيس النقاش، البيان الذي سيصدر عن اللقاء المرتقب. وفق حساباته، الحدث الأهم من الصورة يكمن في ما سيخرج الى العلن من مواقف سياسية قد تتخطى ورقة التفاهمات حول الساحة السورية لإعلان آراء مشتركة حول اليمن ومصير بعض الشعوب". يؤمن النقاش أنّ اللقاء الإستراتيجي بين الطرفين سيترك تداعيات قد تُغيّر مسار الأحداث في المنطقة. وهو يكتسب -من وجهة نظره- أهمية كبرى بعد نجاح التفاهم الثنائي بين طهران وموسكو على تحقيق إنجازات ميدانية على الأرض السورية قد نشهد مثيلاً لها في العراق".
ولعل من أهم مفاعيل التقارب الإيراني-الروسي، حسب ما يلفت النقاش إفراز مجموعتين على مستوى العالم، الأولى تحترم الأسس، والثانية تسعى الى زعزعة الأمن والإستقرار الدولي وضرب الشعوب. برأي النقاش، كل التجارب السابقة أثبتت فشل سياسات الدول المستبدة، لترتفع أسهم الدول الساعية لإرساء العدالة، وعلى رأسها روسيا. يتحضّر الدب الروسي ليتولى زمام القيادة في المنطقة بالتعاون مع حليفه الإيراني، على حساب تراجع القرار الأميركي. مشاريع واشنطن، وفق النقاش، تنحدر بقوة بعد ما كانت الولايات المتحدة صاحبة قرار السلم والحرب لسنوات.
ما يقوله النقاش، يُؤيده الخبير في الشؤون الروسية الدكتور اسكندر كفوري. وفق قناعاته، تحمل الزيارة دلالات مهمة جداً ستنعكس مفاعيلها على أحداث العالم بأسره. برأيه "نحن أمام مرحلة جديدة لعالم متعدد الأقطاب ستتولى فيه روسيا رأس الحربة". يُفنّد كفوري أهمية الزيارة. في الشكل، تمر المنطقة بوضع استثنائي. روسيا تمضي قدماً في عمليات مكافحة الإرهاب ومواجهة الوباء الكارثي "داعش" الذي لم يعد خطره يقتصر على بلاد الشام بل يشمل العالم. وفق كفوري، تتزامن الزيارة مع تواجد مكثف لموسكو وبقوة للدفاع عن الشرعية الدولية في سوريا بخلاف واشنطن التي تنتهكها. وفي المضمون، يحمل اللقاء مع القائد الخامنئي، برأي كفوري، إشارات استراتيجية، تعني ما تعنيه من حجم التنسيق العالي المستويات بين زعيمين استثنائيين لبلدين عظيمين".
https://telegram.me/buratha