بعد الحوار الذي اجراه الامير السعودي تركي الفيصل مع صحيفة هآرتس الاسرائيلية و اعلان وزير النفط السعودي استعداد الرياض لبيع النفط لتل ابيب و انتشار تقارير عن موافقة سعودية لعبور الطائرات الاسرائيلية من الاجواء السعودية لضرب ايران و تعاون الجانبين في مشروع القبة الحديدية للدفاع الصاروخي و حديث المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية عن التحالف مع السعودية، يؤكد المراقبون ان كل هذه الاشارات تدل ان هناك صداقة قد تكونت بين السعودية و الكيان الاسرائيلي لكن السؤال هو عن سبب هذا التقارب و اهدافه.
يقول بعض المراقبين ان سبب هذا التقارب هو الاتفاق النووي الذي ابرم بين ايران و الغرب والذي لم يكن السعوديين و الاسرائيليين راضين عنه لأنه حافظ على قسم كبير من قدرات ايران النووية و الغى العقوبات المفروضة على ايران و ابقى ايران على حافة التحول الى قوة نووية و زاد من نفوذ ايران في المنطقة و افسح المجال امام انضمام عدد كبر من اللاعبين الى محور المقاومة و الممانعة في المنطقة.
ان ازدياد قوة ايران الاقليمية ايضا يقلق السعودية و الكيان الاسرائيلي اكثر من الملف النووي و لذلك تسعى الرياض و تل ابيب الى تشكيل محور من اجل مواجهة ايران.
ايجاد حلف للتوازن الاقليمي امام ايران
ان الاوضاع الجديدة في المنطقة دفعت السعوديين و الاسرائيليين الى التفكير في حل لمواجهة ايران و ان اول خطوة يقوم بها هؤلاء هو تعزيز تحالفهم مع الامريكيين و ربط القضايا الامنية بالقوة العسكرية الامريكية لكن الاسرائيليين يدركون ان امريكا لم تعد قادرة على الحفاظ على قوتها السياسية و العسكرية في غرب آسيا حتى اذا شاءت ذلك و ربما تعبت حتى من ذلك و هذا يقلق الاسرائيليين والسعوديين بشكل كبير و لذلك قرروا توطيد العلاقات بينهم.
وهناك في المنطقة ايضا من يسعى الى ايجاد محور سني في المنطقة في مواجهة ايران كما تسعى تل ابيب الى الايحاء بان العرب لم يعودوا اعداء لها بل انهم يعتبرون ايران العدو الاكبر لهم ولذلك نرى قيام السعودية بالاقتراب من تل ابيب كما فعلت مصر في كمب ديفيد و لذلك يظهر الملك سلمان و نتنياهو عدائهم لايران بشكل متزايد ويوما بعد يوم وهذا يشجع باقي المسؤولين السعوديين والاسرائيليين على اظهار مفاوضاتهم ضد ايران بشكل علني.
ورغم ان الحلف السعودي الاسرائيلي قد تشكل من دون اوامر امريكية مباشرة لكن من الواضح ان امريكا سعيدة من اجل ذلك لأن تطبيع العلاقات بين العرب وتل ابيب يعتبر اهم من القضية النووية بالنسبة للامريكيين.
تأثير الحلف السعودي الاسرائيلي على الاصطفافات في المنطقة
ان اكبر تأثير لهذا الحلف هو ايجاد محور المساومة امام محور المقاومة وهذا سيدفع كل دول المنطقة نحو اظهار موقفهم بكل وضوح من الان فصاعدا و سنرى ظهور تحالفات جديدة على قاعدة "عدو عدوي صديقي"، وعلى الصعيد الميداني ستشهد المنطقة تعبئة في اوساط بعض الدول العربية التي تقبل بزعامة السعودية ضد ايران و ستولى الكيان الاسرائيلي مهمة تقديم الدعم الدبلوماسي للسعودية عبر اللوبي الصهيوني في واشنطن و يسهل تدفق السلاح الامريكي الى السعودية وهذا سيؤدي الى عسكرة النزاعات السياسية و الاجتماعية في المنطقة وازدياد العنف كما يشجع الجماعات التكفيرية على استهداف الشيعة بدلا عن الكيان الاسرائيلي بشكل اكبر من السابق.
اما القضية الاهم التي سيؤثر عليها الحلف السعودي الاسرائيلي هي القضية الفلسطينية التي يتم تناسيها وسيستغل كيان الاحتلال ذلك لضرب حماس و بدء معركة اخرى مع حزب الله و تسوية القضية الفلسطينية مع سلطة رام الله و الحقيقة هي ان الرياض مستعدة لدفع كافة تكاليف العمليات الاسرائيلية من اجل ابقاء تل ابيب الى جانبها.
و سيؤدي تحالف تل ابيب و الرياض من جهة اخرى الى انهاء الزعامة الاسلامية التي كانت السعودية تريد بنائها لنفسها وسيفقد حكام آل سعود مشروعيتهم بشكل اكبر و سيكون التكتل السني الذي يقف الى جانب السعودية مجبرا على تقبل التحالف مع الكيان الاسرائيلي و هذا سيفقد هذا التكتل وكذلك السعودية مشروعيتهم.
وتبقى على ايران التي تريد مواجهة هذا التحالف السعودي الاسرائيلي ان تستمر في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي في تحالفها مع اصدقائها التقليديين في المنطقة لأن الصراع الاستراتيجي الموجود في المنطقة لن ينتهي الا بإرادة المقاومة والصمود.
نقلاً عن موقع الوقت
https://telegram.me/buratha