بقلم حسام الحسني
تسعون دقيقة كانت كافية لرسم ملامح الشرق الاوسط, نعم هذا ما استغرقه لقاء الرئيس الروسي فلادمير بوتين بالرئيس الامريكي باراك اوباما على هامش لقاءات الدورة السبعين للأمم المتحدة.
المحللون أجمعوا على أن الطرفين خرجا بقناعات مختلفة تصور حجم التنافس القديم الحديث بينهما, لكن بالنهاية ادرك الجميع أن خلاصة هذا الاجتماع يكمن "بمعادلة سوريا الروسية والعراق الامريكي!".
روسيا تشن حرب ضروس على داعش في سوريا ولا تفرق بين حُر سوري يحمل السلاح وعبد داعشي يستخدمه, اكثر من 600 غارة جوية, الالاف القتلى من المسلحين, شل حركة الارتال المهربة للنفط والسلاح, ومازالت مستمرة في سعيها للقضاء على داعش, لكن للأخير عمق استراتيجي إقليمي يشكل نقطة قوة فارقة له يتمثل بالجارة القريبة (تركيا)!.
عبر توفير خط الدعم اللوجستي (المال, السلاح, خط عبور المقاتلين, استيراد ونقل النفط المُهرب) وفي الوقت نفسه يمثل ذات الجار تهديد حقيقي للمشروع الروسي القاضي ببقاء الاسد وحفظ معادلة الممانعة.
خلال ثلاثة ايام تحديداً من (2الى 5 – 10 – 2015) الطائرات الروسية تخترق الاجواء التركية مرتين بدون سابق تنسيق والاخيرة تستدعي السفير الروسي والناتو يهدد بمواجهة الروس اذا ما كُررت الانتهاكات ويدعو الى تحديد ورسم قواعد الاشتباك.
بعد مرور خمسين يوم اصدرت وزارة الدفاع التركية أوامر لطائرات الـ F16 بأسقاط طائرة السوخوي (Sukhoi Su-24) لأختراقها الاجواء التركية, "بوتين يتهم تركيا بالارهاب" ويعتبر الحادثة "طعنة في الظهر", "اردوغان واوغلو يعتبران ما حصل واجب وطني", لكن المُلفت للنظر أن طائرة السوخوي هي قاصفة وليست مقاتلة وبالتالي كان يجب أن ترافها طائرات (الميغ) المقاتلة كي توفر لها الحماية كما جرت عليه العادة!.
بعد مرور يومين على الحادثة روسيا تُقرر نشر منظومة صواريخ (أس 400) المقاومة للطائرات في اللاذقية على بعد 50 كيلو متر من الحدود التركية بذريعة حماية الطائرات الروسية من اي تهديد.
نحن امام خمس نتائج ومخرجات للـ 64 يوم الماضية, أي منذ لقاء التسعون دقيقة وحتى الان سأبينها كالتالي:
اولاً: روسيا أمتلكت سماء المتوسط عبر نشرها الشرعي والمُبرر لمنظومة الصواريخ ذات القدرة العالية على أسقاط جميع أنواع الطائرات.
ثانياً: تركيا لن تجرأ على شن أي غارة جوية داخل الاراضي السورية لأنها ستواجه رد فعل روسي منطقي وشرعي وستُسقِط جميع طائراتها.
ثالثاً: روسيا كشفت النقاب علانية وبدون تحفظات عن طبيعة علاقة تركيا بداعش, وأصبح لزاماً على تركيا تغيير مسار هذه العلاقة للحفاظ على التوجه العام لها, سيما أن داعش تبنى هجمات كبرى في الاتحاد الاوربي الذي يمثل دخوله حلم تركي.
رابعاً: روسيا أغلقت النافذة الاخيرة للمشروع الغربي في سوريا, وأحكمت غلق الجبهات جواً وبراً وبحراً على داعش بمساعدة محور الممانعة الايراني العراقي اللبناني.
خامساً: روسيا تعمدت أرسال طائرة السوخوي القاصفة لوحدها بدون حماية الميغ لكي يكتمل المشهد الوطني البطولي لأبناء الاناضول.
فاصل إعلاني..
اردوغان يطلب مقابلة بوتين على هامش قمة المناخ في فرنسا والرئاسة الروسية لم تعطي جواب بالقبول أو الرفض, و يجري أتصالاً معه والاخير يرفض التحدث, يبدو إن رسالة بوتين (ثمن السوخوي ذات الـ25 مليون دولار) كانت كافية لأبتلاع الطُعم.