ضياء المحسن
سؤال وجيه قد يصطدم به أي شخص عندما يتحدث عن الصناعة الوطنية.
لا ندعي بأن منتوجاتنا الوطنية اليوم تنافس المنتوج المستورد، وهذا ناتج من أسباب عديدة، يقف في مقدمتها ضعف الإجراءات الحكومية في تفعيل النشاط الصناعي في البلد، فكثير من الفعاليات السياسية مرتبط بشكل أو بأخر بدول الجوار، ويسمح من خلال شبكة من المتعاملين معهم في تأخر تفعيل هذا القطاع المهم، لوجود تعاملات فيما بينهم.
نحن هنا لا نتهم هؤلاء بأنهم يحاولون تخريب الإقتصاد الوطني، ولكنهم يحاولون الإثراء على حساب مئات الألاف من العاملين في هذه الصناعات وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، وقيمتها الدفترية تعد بمليارات من الدولارات، ولا تنحصر هذه الصناعات على منتوج معين، بل نراها متشعبة ومترابطة مع بعضها بعض.
فهناك الصناعات الجلدية، وهي ترتبط بشكل أو بأخر بالفلاح حيث نجد أن أغلب المزارعين يربون الأبقار والغنم والماعز، وما ينتج عنها من جلود يمكن إستخدامهما في الصناعات الجلدية، كما أن الصناعات الجلدية يشترك في إستخدامها كثير من قطاعات الشعب، بما فيها القوات الأمنية والجيش العراقي، الأمر الذي يعني الإستغناء عن إستيراد معدات تكلف الدولة مئات الملايين من الدولارات سنويا، ناهيك عن تشغيل الألاف من الأيدي العاملة.
بالعودة الى الشركة العامة للصناعات الجلدية، فهي تضم ثلاث معامل؛ إثنان منها في بغداد، والثالث في محافظة النجف، وهناك ثلاثة عشر منفذا للبيع المباشر للمواطنين في مختلف محافظات العراق، تنتج الشركة مختلف أنواع الأحذية الجلدية والرياضية، وكذلك أحذية خاصة بالأطفال، والأحذية العسكرية، كما تنتج الحقائب بمختلف أنواعها والأحزمة الجلدية، وبنوعيات تضاهي المستورد، بل تتفوق عليه، لكن المشكلة التي تواجه هذه الصناعة، وتكاد هذه المشكلة تكون مشتركة بين جميع الصناعات العراقية؛ ألا وهي الكهرباء التي تضيف كلف إضافية الى كلفة المنتوج، الأمر الذي يؤدي الى إرتفاع سعر المنتوج العراقي.
المطلوب من الحكومة الإلتفات الى هذه المسألة ولا تتعكز على قلة التخصيصات وعدم إمكانية توفي الطاقة الكهربائية للشركات العاملة التي هم العاملين فيها، توفير المنتوج العراقي وطرحه للسوق المحلي، والإستغناء عن المنتوج الأجنبي الذي ثبت بالتجربة العملية عدم مقاومته للظروف البيئية العراقية، ورداءته، ويتطلب أيضا خطوة كبيرة من الحكومة بتفعيل قانون حماية المنتوج المحلي، من خلال فرض ضرائب عالية على المنتوجات المستوردة، والتي لها بديل محلي للمحافظة على المنتوج المحلي، وإعفاء المواد الأولية الداخلة في صناعة هذه المنتوجات من الضريبة.
لماذا ندعم المنتوج الوطني؟2
لا يقتصر المنتوج المحلي على الصناعات الجلدية، بل يتعداه الى كثير من الصناعات، اليوم نتحدث عن الصناعات البتروكيمياوية، هذه الصناعة التي تدخل في كثير من المواد المستخدمة في البيت والمكتب والشارع، إذا لا يمكن لأحدنا أن يستغني عن هذه الصناعة المهمة، والتي تدر على البلد لو أحسن إستخدامها مليارات من الدولارات، يمكن أن تضاف كإيرادات الى الخزينة العامة.
تم إنشاء معمل البتروكيمياويات في منطقة الزبير في محافظة البصرة سنة 1976 وبدء العمل الإنتاجي فيه سنة 1980، من قبل شركة لومكس الأمريكية، عدد العاملين فيه يزيد على 4000 عامل، بين موظف إداري ومهني ومهندس، وجميع هؤلاء أصحاب خبرة في عملهم.
يعتمد المعمل بشكل أساسي في عمله على الغاز الذي يأتي عن طريق أنابين من شركة غاز الجنوب، وهو ينتج مواد بلاستيكية مختلفة الأحجام والأقطار، داخلة في عملة القطاعين العام والخاص، بالإضافة الى أن إنتاجه يدخل في صناعة لعب الأطفال والأحزاء المهمة في كثير من المعدات الكهربائية والميكانيكية، بالإضافة الى الإستفادة من المنتج في تصنيع أجزاء من السيارات والطائرات.
مع إعتماد العراق على النفط كمورد أساسي لتغطية النفقات الحكومية (التشغيلية والإستثمارية) ومع هبوط أسعار النفط، وجب على الحكومة التفكير جديا في تنشيط قطاع البتروكيمياويات، لأهميته لإنعاش الإقتصاد العراقي، لما له من أهمية كبيرة في تحريك عجلة الإقتصاد العراقي، بالإضافة الى أن الإهتمام في هذا المعمل وعده أولوية من قبل الجهات التي يرتبط عمله بها (وزارة النفط) سيكون ذا نفع كبير للبلد، من خلال توقف إستيراد كثير من المنتجات التي يستوردها القطاع الخاص والعام، الأمر الذي يثقل كاهل الميزانية العامة، ويؤدي الى تسرب مليارات من الدولارات، البلد في أمس الحاجة لها في تحريك قطاعات أخرى.
إن قطاع البتروكيمياويات لا يقتصر منتوجه على ما ذكرنا أنفا، بل يتعداه الى صناعات طبية، ونقصد توفير المحاقن الطبية النبيذة، ولدينا في محافظة بابل معمل للمحاقن الطبية، وبالإمكان هنا تجهيز هذا المعمل بالمواد الأولية الداخلة في صناعة هذه المحاقن، وإلزام وزارة الصحة بإستلام ما ينتجه المعمل من هذه المحاقن، عدا عن إمكانية تشغيل أيدي عاملة كثيرة في صناعات محلية تدخل فيها الصناعات اليتروكيمياوية، تؤدي الى تنشيط القطاع الصناعي في العراق.
المعوق الأكبر هنا، هو الإستيرادات العشوائية، وهذه كما قلنا في مقال سابق، تحتاج من الحكومة الى الإلتفات الى الضريبة وتفعيلها لخدمة الإقتصاد العراقي وحماية المنتوج المحلي، من خلال فرض ضرائب عالية على المنتجات المستوردة والتي لها نظير في الصناعات العراقية، وإعفاء المواد الأولية الداخلة في هذه الصناعات من الضريبة (إن وجدت).
https://telegram.me/buratha