لم يفصح التحالف (الإسلامي السعودي) عن ساحة عملياته هل في سوريا ام في العراق أو في ليبيا ام انه سيبدأ من داخل السعودية ودوّل الخليج (الفارسي)، فالمشكلة لا تكمن في مجاميع ارهابية تحمل السلاح، ولو كان الامر كذلك لأمكن القضاء على هذه المنظمات بكل سهولة بل المشكلة تكمن في المنظومة الفكرية والقيمية لهذه المجاميع التي تتخذ الفكر الوهابي السلفي كإيديولوجيا مُحرِكة لثقافة الكراهية وعدم قبول الآخر.
فإذا كانت المناهج الدراسية وخطب الجمعة ومنابر المساجد وثقافة الشارع السعودي كلها تستمد حركيّتها من هذا الفكر ، فهل هناك جدوى لهذا التحالف العسكري ام عليهم ان يفكروا في تحالف فكري وليس عسكري . فليس هناك من عداوة مع البندقية بل العداء للفكر الذي يسخر البندقية بالاتجاه الخطأ، وليس هناك من يقف بالضد من العقيدة كمفهوم. بل هناك تدنيس للعقيدة من خلال قراءة مغلوطة للنص ، فالمشكلة داخلية لا يمكن ان نهرب بها الى الامام .
لقد شخص الرئيس اوباما أُسْ المشكلة حينما خاطب زعماء الدول الخليجية المجتمعين في كامپ ديفيد في نيسان الماضي ان المشكلة تكمن في داخل مجتمعاتهم وليست في الخارج وقال. لهم ان المشكلة فيكم فعليكم إصلاح انفسكم، وهو كلام وأضح وصريح ، فكل المنظمات الإرهابية خرجت من رحم الفكر الوهابي ، كالقاعدة وداعش وجيش الاسلام والتكفير والجهاد وبوكو حرام وانصار السنة وأبو سياف والنصرة وغيرهم فهولاء لا ينتمون لأي من المذاهب الاسلامية غير المذهب السلفي الوهابي، لم نسمع ان الاباضية او الظاهرية او الشيعة لديهم منظمات ارهابية كالمنظمات التي ذكرناها ، فجل الانتحاريين هم خريجو هذه المدرسة وأكثرهم من السعودية أو من المحسوبين عليها ، و أغلب التمويل هو من السعودية ومنظومتها الشيطانية ، فهل ستوقف هذا التمويل وهل ستسكت أصوات الكراهية التي تنطلق عبر مؤسساتها الدينية ووسائل اعلامها الطائفية ، ام هل ستعمد الى تغيير مناهج الدراسة في مدارسها الحكومية ،فهل في نية مؤسسوا هذا التحالف معالجة هذه البؤر السرطانية، ام ان هذا التحالف هو معسكر لجيوش مترهلة وعاطلة عن العمل وفائضة عن الحاجة. ولعل السؤال الأهم هو ان التحالف العسكري سيحارب مَنْ ؟ وهو بالأساس يقصي بعض الدول الاسلامية المهمة وذات العلاقة والمتضررة من الاٍرهاب ويضم اخرى على أساس طائفي ، فهل يعقل ان تحالف عسكري ضد الاٍرهاب يقوم على أساس طائفي ، لذا حمل هذا التحالف معه بذور فنائه ، فقد ولد وهو مصاب بالارهاب وفقدان المناعة فيكف يمكن ان يعالج فيروسات في داخله .
فالمال والسلاح وتجنيد الألاف لن يجدي نفعاً في حل مشكلة الاٍرهاب مالم تعالج مشاكل مهمة تكمن في التراث والتعليم الديني والاحباط النفسي والانكسارالمجتمعي ، ولا اعتقد ان دولاً مثل الصومال ونيجيريا والسعودية وقطر والأردن وليبيا وتركيا والسودان وباكستان المليئة بالمنظمات الإرهابية المتسللة الى داخل منظوماتها العسكرية والأمنية قادرة أو مؤهلة لمحاربة الاٍرهاب فضلاً عن كون بعضها من يحتضن ويدعم الارهاب .
كما لا أعتقد ان تحالفاً شكل في غضون 72 ساعة سيتمكن من القضاء على منظمات ارهابية مترسخة ومتجذرة اجتماعياً وفكرياً ، وماذا سيُميز هذا التحالف عن التحالف الدولي لمحاربة داعش الذي شُكل في باريس وقد ضم أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول الكبرى ، فكلا التحالفين غير مجديين ما داما ينظران باتجاه واحد .
المنتدى الاعلامي الحر في العراق - علاء الخطيب
https://telegram.me/buratha