لجأ عدد من المواطنين الإيرانيّين إلى تنظيم حملاتٍ خيريّة في شوارع المدن، بغية مساعدة المشرّدين المتضرّرين من الطّقس البارد وصعوبة الوضع الاقتصادي .
وأقام الإيرانيّون ما أطلقوا عليه "جدار الرّحمة" في المدن الرئيسة الإيرانية، الأمر الذي أثار حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن جهود مساعدة الفقراء.
وظهرت الفكرة في البداية في مدينة مشهد الواقعة في شمال شرقي البلاد فيما يبدو، حيث وضع أحد الأشخاص عدداً من الخطاطيف لتعليق الملابس مكتوب إلى جوارها عبارة : "إن كنت لا تحتاج إليها، فاتركها. وإن كنت بحاجة إليها، فخذها". وتنوّعت قطع الملابس التي تبرّع بها المواطنون، بين معاطف وسراويل وملابس شتويّة أخرى.
ويأمل الشخص صاحب فكرة "جدار الرحمة" في البقاء غير معلن الهوية، وفقاً لصحيفة محلية.
وسرعان ما انتشرت الفكرة في المدن الأخرى، وألهبت حماس الآلاف من الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما ازدادت شعبية الحملة مع موجة البرد القارس الأخيرة التي واجهت البلاد، إذ تبادل العديد من المستخدمين نشر صور لجدران "الرّحمة" في شتّى أرجاء البلاد، يطلبون من المواطنين عدم "ترك أيّ مشرد يرتجف من برودة هذا الشتاء".
وكتب أحد المستخدمين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يقول : "إنها مبادرة عظيمة، أتمنى أن تعمّ أرجاء البلاد"، وقال مستخدم آخر مستشهداً بمدينة شيراز الجنوبية التي أقامت ثاني جدار للرّحمة : "تذكّرنا الجدران بالتباعد، لكنها (الجدران) في بعض شوارع شيراز تقرّب بين الناس".وتشير أرقام رسمية إلى أنّ نحو 15 ألف شخص يعانون من التشرّد في إيران، على الرغم من إشارة تقارير أخرى إلى أنّ ثمة الكثير منهم في شوارع العاصمة وحدها، وأنّ الرّقم الإجماليّ لعدد المشرّدين أعلى بكثير.
وتنهض العديد من المنظّمات الرسميّة بتوفير الرعاية للمشرّدين، الذين يوصفون في إيران بأنهم "النّائمون داخل صناديق كرتونيّة".
لكنّ ثمة تساؤلات بشأن ما تتمتَّع به مثل هذه المبادرات من حيث الشفافيَّة والفاعليَّة. وكتب أحد المستخدمين على موقع إنستغرام يقول: "نحتاج إلى أن نفعل ذلك بأنفسنا. الحياة قصيرة. كن رحيماً قدر استطاعتك"، في حين كتب أحد المعلّقين على فيسبوك يقول: "نحن المواطنين وسائل إعلام، فمن خلال تبادل صور جدران الرّحمة هذه، نظهر أنّنا صنّاع الخبر، إذا تحلّينا بقدرٍ من المرونة".
وتشبه فكرة "جدار الرّحمة" مبادرةً أخرى يطلق عليها اسم "القضاء على التشرّد"، حيث وضعت ثلاجات في شوارع إحدى المدن حتى يتمكّن المواطنون من وضع أغذية يستفيد منها المشرّدون.
وتجدر الاشارة انلا بدّ من إطلاق المبادرات الفرديّة والجماعيّة لجهة العمل الإنساني والاجتماعي في خدمة الفقراء والمشرّدين، بما يبرز قيم الرّحمة التي أمرنا بها ديننا الحنيف، وبما يؤصّل إنسانيّتنا، حيث تقرّب هذه النّشاطات بين النّاس، وتجعلهم يعيشون التّواصل والتّكافل والمحبّة والشّعور بالآخر.
https://telegram.me/buratha